بعد فرض "حدود" في تويتر.. هل ستصبح منصات التواصل مدفوعة؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
شعار منصة "تويتر" في مقر الشركة بسان فرانسيسكو. 28 أكتوبر 2022 - AFP
شعار منصة "تويتر" في مقر الشركة بسان فرانسيسكو. 28 أكتوبر 2022 - AFP
القاهرة- محمد عادل

شهدت  السوق التقنية صدمة، السبت، بعد قرار الملياردير الأميركي إيلون ماسك الاستثنائي، بشأن تحديد عدد التغريدات المتاحة للمستخدمين على منصة تويتر.

وللمرة الأولى على الإطلاق، تقوم شبكة التواصل الاجتماعي الكبيرة بتطبيق إجراء يميز بين مستخدمي الخدمة المدفوعة ومستخدمي الإصدار المجاني، مما يكشف لنا عن شكل جديد للإنترنت، يميل بشكل أكبر لنموذج الاشتراك المدفوع.

وأعلن إيلون ماسك قراراً، وصفه بالمؤقت، ينص على أنه سيكون للمستخدمين الموثقين، أو مشتركي خدمة تويتر بلو المدفوعة، الحق في قراءة 6000 تغريدة يومياً، بينما سيكون لمستخدمي النسخة المجانية من المنصة فقط القدرة على قراءة 600 تغريدة في اليوم، أي أقل بعشرة أضعاف من مشتركي تويتر بلو.

وبالنسبة لأصحاب الحسابات الجديدة، سيكون لهم الحق في قراءة 300 تغريدة يومياً فقط.

وقدم ماسك وعداً بزيادة عدد التغريدات المسموح لمشتركي تويتر بلو إلى 8000 تغريدة يومياً، وللمستخدمين العاديين إلى 800 تغريدة يومياً، ولأصحاب الحسابات الجديدة إلى 400 تغريدة يومياً.

ومع ذلك، بعد ساعات قليلة من هذا الإعلان، قرر ماسك رفع الحدود مرة أخرى إلى 10 آلاف تغريدة يومياً لمشتركي تويتر بلو، و1000 تغريدة يومياً للمستخدمين العاديين، و500 تغريدة يومياً لأصحاب الحسابات الجديدة.

والسبب الرئيسي المعلن وراء قرار ماسك، هو تقليص الاستخدام المفرط من قِبَل شركات تدريب الذكاء الاصطناعي على بيانات تغريدات تويتر، والتي تستخدمها هذه الشركات في تدريب النماذج الخاصة بها.

كما يرتبط القرار أيضاً بتأثير سحب البيانات (Data Scraping) الواسع النطاق، والذي يتم تنفيذه بواسطة الشركات، خاصة تلك المتعاملة في مجال الإعلانات والتسويق. ويزغب تويتر في تنظيم هذه العمليات وعدم تسهيلها عبر واجهة برمجية مفتوحة، من دون دفع مقابل للحصول على البيانات المطلوبة.

أرباح أكثر

بالإضافة إلى السبب المعلن، يُعتبر تحقيق الأرباح أحد الدوافع التي يوليها إيلون ماسك اهتماماً في قراراته المتعلقة بتويتر.

فمنذ استحواذه على المنصة الاجتماعية في نوفمبر الماضي، تمت إضافة مزايا جديدة إلى تويتر، واستفاد منها مشتركو خدمة "تويتر بلو" المدفوعة. ويُعتقد أن توجيه الانتباه والامتياز لهذه الفئة من المشتركين يساهم في تحقيق إيرادات إضافية، وزيادة القيمة المالية لتويتر كشركة.

يمكن أن تكون هذه الإجراءات الجديدة مبادرة تجريبية من جانب ماسك لاختبار رد فعل السوق والمستخدمين تجاه فرض حدود على الاستخدام.

على الرغم من أن الملياردير الأميركي أعرب علناً عن انزعاجه من تأثير طلبات البيانات الضخمة التي تستلمها خوادم تويتر من شركات تدريب الذكاء الاصطناعي وعمليات سحب البيانات، إلا أن هناك بعض المتخصصين يؤكدون وجود مشكلة تقنية في منصة التغريدات نفسها، تؤدي إلى إرسال طلبات البيانات بشكل متكرر من خوادم الشركة بشكل تلقائي، من دون تدخل من أي شخص أو حتى المستخدم نفسه.

يحدث هذا الأمر بشكل مستمر، مما يشبه هجمات رفض الخدمة DDoS، ولكن في هذه الحالة يقوم تويتر بمهاجمة نفسه.

ويمكن تفسير هذا الوضع أيضاً، بعدم قدرة أي شخص على قراءة تغريدة من دون تسجيل الدخول إلى حسابه.

وعند محاولة فتح رابط تغريدة من دون تسجيل الدخول، يُظهر للمستخدم شاشة تطلب منه إدخال بياناته الشخصية لفتح حسابه على المنصة، ومن ثم الاطلاع على التغريدة.

وتفسر تويتر هذه التجربة، بأنها تهدف إلى منع محاولات شركات سحب البيانات من وضع عبء غير محتمل على خوادم المنصة.

من الممكن أن تكون هذه القيود جزءاً من استراتيجية ماسك لتشجيع المستخدمين المجانيين على الاشتراك في خدمته المدفوعة "تويتر بلو".

وبالإضافة إلى ذلك، فإنها تمارس ضغطاً على الشركات التقنية والمطورين للانضمام إلى الباقات المدفوعة، لواجهة برمجية تويتر بعد أن تم إلغاء الوصول المجاني لها بالكامل في نهاية أبريل.

وقرار إيقاف الوصول المجاني للواجهة البرمجية تسبب في توقف العديد من تطبيقات الطرف الثالث، وتتراوح تكلفة هذه الباقات حتى 42 ألف دولار شهرياً.

مستقبل الإنترنت.. مدفوع

جميع منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية على الإنترنت تتبع النمط الحالي بتوفير خدمات مدفوعة للمستخدمين.

على سبيل المثال، تقدم ميتا (فيسبوك سابقاً) برنامجها المدفوع "Meta Verified"، الذي يتيح للمستخدمين الاستمتاع بمزايا إضافية على فيسبوك وإنستجرام.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك سناب شات التي تقدم خدمتها المدفوعة "SnapChat+"، والتي توفر ميزات إضافية للمستخدمين المشتركين فيها.

وبالتأكيد، توفر تويتر خدمتها المدفوعة "تويتر بلو"، التي تمنح المستخدمين مزايا متقدمة وتجربة أفضل.

هذا النمط يعكس اتجاهاً عاماً في صناعة وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم توفير خيارات مدفوعة للمستخدمين للاستفادة من مزايا إضافية وتجارب محسنة على تلك المنصات.

وبالإضافة إلى ذلك، يُلاحظ أن استخدام المطورين لبيانات المنصات الإلكترونية لتقديم خدمات عبر تطبيقات ومواقع الويب أصبح غير مجاني.

في السابق، كانت تطبيقات الجهات الثالثة تقدم تجارب متنوعة ومثيرة للاهتمام لمستخدمي منصات التواصل الاجتماعي مثل ريديت وتويتر. ومع ذلك، تم إغلاق العديد من هذه التطبيقات تماماً بعد فرض الشركتين رسوماً شهرية باهظة الثمن على المطورين للحصول على بيانات محتوى مستخدمي تلك المنصات واستخدامها في تطبيقاتهم.

وكان لماسك التأثير الكبير في هذا التحول، فمنذ أن بدأ في تعزيز خدمة "تويتر بلو" المدفوعة، وتوفير مزايا إضافية مقابل اشتراك شهري، لوحظ أن شركات أخرى بدأت تدرس تقديم مزايا مماثلة للمستخدمين بمقابل شهري.

ومن بين هذه الشركات، ميتا وبرنامجها "ميتا فاريفايد"، حيث تسعى لتقديم خدمات مدفوعة تعزز تجربة المستخدمين.

وفيما يتعلق بتطبيق بريديت، أعرب ستيف هوفمان، المدير التنفيذي للشركة، عن تأثره بماسك وقراراته الحاسمة في تويتر. وفي حوار تلفزيوني، أشار هوفمان إلى أن تجربة ماسك مع تويتر أوضحت له إمكانية بناء نموذج عمل قوي على الإنترنت، يستند إلى الاشتراكات المدفوعة.

ويعود مفهوم الدفع مقابل المحتوى (Pay-to-Use) إلى فترة طويلة مع ظهور منصات مختلفة على الإنترنت. فعلى سبيل المثال، منصات الموسيقى تقدم باقات مدفوعة للمستخدمين للاستمتاع بمزايا إضافية مع الموسيقى التي يحبونها.

وبالمثل، تتطلب منصات بث المحتوى المصور مثل أبل تي في بلس، ونتفليكس، دفع رسوم للوصول إلى محتواها المميز. وتنطبق نفس المبدأ على منصات الألعاب الإلكترونية.

ومع ذلك، فإن وصول الأمر إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث ينشر المستخدمون المحتوى الخاص بهم ويتفاعلون مع محتوى الآخرين، فإنه يجعلنا نفكر في مستقبل حيث يتطلب الوصول إلى الإنترنت دفع ثمن محدد للتواصل.

ويشير هذا التطور إلى أن الأفراد قد يضطرون لدفع رسوم أو اشتراكات للاستفادة من خدمات التواصل الاجتماعي بمزايا إضافية أو وظائف محددة.

وعلى الرغم من أن هذا التحول قد يثير تساؤلات حول طبيعة الوصول المجاني إلى المحتوى وحرية التواصل، إلا أنه يعكس أيضاً الحقيقة التجارية لتلك المنصات، والحاجة إلى توليد الإيرادات وتحقيق الربحية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات