كشفت "نيويورك تايمز" كواليس مشروع أبل لدخول سوق السيارات الذكية Project Titan، والذي قررت الشركة الأميركية في رسالة لموظفيها، إيقافه الأسبوع الماضي.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن عملاق التكنولوجيا الأميركي (أبل)، استثمر أكثر من 10 مليارات دولار، منذ بدء عمل الفريق المكلف بتحقيق أهدافها، لدخول سوق السيارات الذكية في عام 2014.
وأوضحت "نيويورك تايمز"، التي اعتمدت في تقريرها على لقاءات أجرتها مع أكثر من 12 موظف سابق وحالي في أبل، أن أحد الأسباب الرئيسية وراء فشل جهود الشركة في سوق السيارات، هو "ضبابية الرؤية" بشأن ما ترغب أبل في تحقيقه داخل هذا السوق.
ففي 2014، كانت أبل قد كشفت للتو عن أحدث منتجاتها الذكية، وهي ساعات "أبل ووتش"، وكان مهندسو فريق الأجهزه داخل الشركة متحفزين، لبدء العمل على مشروع جديد.
الشركة في ذلك الوقت، كانت خطتها تتضمن مشروعات عديدة من بينها بناء سيارة ذكية تنافس سيارات تسلا، وتتضمن مزايا القيادة الذاتية، ولكن في نفس الوقت، كان مطوروا أبل على دراية بأن هذا الهدف سيواجه "صعوبات عديدة"، وسيستغرق سنوات طويلة للوصول بمنتج تجاري إلى السوق.
وتحفظ عدد من المديرين في الشركة على المشروع، إلا أن مديرها التنفيذي تيم كوك، وافق على بدء العمل على تطوير سيارة ذكية "تخوفاً من رحيل عدد كبير من المهندسين للانضمام إلى تسلا.
ومن اللحظة الأولى، أثارت رؤية أبل للمشروع، انقساماً كبيراً بين المديرين في الشركة العملاقة، فمدير قطاع تطوير السيارات في عام 2014، ستيف زاديسكي، كان مؤيد لفكرة تقديم منافس لتسلا، في الوقت نفسه ذهب مدير قطاع التصميم جوني إيف، والذي استقال من منصبه في عام 2019، إلى اتجاه تطوير سيارة تنافس رؤية شركة Waymo، التي تملكها جوجل، بحيث تكون السيارة مصممة لتقود نفسها ذاتياً بشكل كامل.
المشروع اصطدم بعقبة كبرى في عام 2016، عندما استقال زاديسكي، وشغل منصبه بوب مانسفيلد، مدير قطاع تطوير حواسيب ماك، وتغيرت معه الرؤية لتركز على تطوير نظام برمجي متكامل للقيادة الذاتية، وليس سيارة كاملة.
وبعد ذلك بفترة قصيرة، ضمت أبل المهندس دوج فيلد، المسؤول السابق في تسلا عن فريق تطوير نظامها للقيادة الذاتية Autopilot، وقدومه تسبب في تسريح 200 موظف من فريق تطوير سيارة أبل.
ظل فيلد، على رأس الفريق حتى عام 2021، عندما قررت أبل تغيير رؤيتها من جديد، والعودة إلى الفكرة الأولى المعتمدة على تطوير سيارة متكاملة، وعندها تولى كيفن لينش، مدير قطاع تطوير ساعات "أبل ووتش"، مسؤولية الإشراف على فريق تطوير السيارة.
ووصل قوام المشروع العملاق إلى نحو 2000 موظف، باستثمارات خرافية، إذ اعتمدت أبل على جذب خبرات في مجالات متعددة بالتركيز على أنظمة تعليم الآلة والذكاء الاصطناعي، وضمت الشركة إلى المشروع، مهندسين سابقين من ناسا، وآخرين عملوا على تطوير سيارات في الشركة الألمانية "بورشه".
الفرصة الضائعة
"نيويورك تايمز" أشارت إلى تفاصيل جديدة، بشأن نية أبل في عام 2014، الاستحواذ على تسلا، إلا أن المفاوضات بين الشركتين باءت بالفشل، وفضلت الشركة بناء سيارتها الخاصة.
وفي عام 2020، صرح إيلون ماسك، مدير تسلا، بأنه في بدايات الشركة والصعوبات الإنتاجية التي واجهتها في عام 2015، سعت مصنعة السيارات الكهربائية إلى بيع الشركة لأبل، ولكن كوك رفض حتى مقابلة ماسك.
وأكدت تقارير سابقة، أن السبب وراء فشل الصفقة، تمثل في رغبة ماسك في أن يستمر مديراً تنفيذياً لتسلا، وهو ما رفضه مدير أبل في ذلك الوقت.
وركزت الشركة خلال السنوات العشر الماضية، على إجراء اختبارات مكثفة في شوارع كاليفورنيا، عبر تثبيت مستشعراتها وتقنياتها على عدد من سيارات "لكزس"، لتطوير أنظمتها للقيادة الذاتية.
واعتمد فريق مصممي أبل، بقيادة جوني إيف، على تطوير نموذج سيارة أشبه بحافلات نقل الركاب الصغيرة، وبمركبة "فيات مالتيبلا 600"، مع مزايا فريدة من نوعها، مثل تطوير مادة جديدة لتصنيع سقف السيارة يحافظ على درجة حرارة السيارة معتدلة، وكذلك جعل الزجاج الأمامي يُظهر اتجاهات بصرية رقمية أمام عيني قائد السيارة، ليتابع تركيزه على الطريق دون تشتيت النظر إلى شاشة، بجانب التحكم الكامل في السيارة بالأوامر الصوتية اعتماداً على مساعد أبل "سيري".
خطط مستقبلية
ورجح عدد من الموظفين الحاليين بأبل، أن الشركة ستستفيد مما حققه فريق سياراتها المفكك، والذي تم توجيهه إلى تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، من خلال خبراته في مجال تعلم الآلة، وذلك على مستوى تطوير العديد من المنتجات المستقبلية التي تعمل عليها الشركة، مثل سماعة إيربودز مزودة بكاميرا وقدرات ذكاء اصطناعي، إلى جانب نظارات واقع معزز AR، وروبوتات ذكية.
يذكر أن "بلومبرغ" نشرت مؤخراً، تقريراً حول اختبار العملاق الأميركي، لتطوير عدد من النماذج لمنتجات مستقبلية، مثل هاتف ذكي وسماعة مزودة بكاميرا تستطيع "رؤية" العالم حول المستخدم، ونظارة ذكية مزودة بمزايا إجراء المكالمات والاستماع للموسيقى وعلى متنها مساعد صوتي ذكي يجيب على تساؤلات المستخدمين بالذكاء الاصطناعي.