سوق الكمبيوتر الشخصي يشتعل.. مايكروسوفت تهدد عرش أبل بـ Copilot+ PC

عمر البطارية ربما لم يعد ميزة مطلقة لأجهزة ماك.. ومنافسة محتدمة بين معالجات كوالكوم وIntel وAMD

time reading iconدقائق القراءة - 12
علامة مساعد مايكروسوفت Copilot التجارية تظهر على شاشة حاسوب شخصي. 7 مارس 2024 - Bloomberg - Bloomberg
علامة مساعد مايكروسوفت Copilot التجارية تظهر على شاشة حاسوب شخصي. 7 مارس 2024 - Bloomberg - Bloomberg
القاهرة-محمد عادل

عصر جديد للكمبيوتر الشخصي.. هذا ما تبشر به شركة مايكروسوفت الأميركية صاحبة نظام ويندوز، وشركاؤها من أكبر مصنعي الحواسيب في العالم، في تحالف موجه بالأساس إلى شركة أبل مصنعة حواسيب ماك، والتي تميزت بتفوق كاسح على أجهزة ويندوز منذ إطلاق معالجات أبل سيليكون قبل حوالي 4 سنوات.

لم تدخر مايكروسوفت جهداً في إعلان تحديها لأبل، إذ تابع ضيوف حدث الشركة لإعلان الحواسيب الجديدة، مشهداً نادراً في عروض شركات التكنولوجيا الكبرى، عندما وضعت مايكروسوفت أحدث جهاز Macbook air 15 من أبل إلى جانب أجهزة Microsoft Surface الجديدة، وقدمت نحو ساعة من المقارنات المباشرة، واختبارات قياس الأداء.

تدخل مايكروسوفت هذا السباق مستعيرة السلاح الأهم من شركة كوالكوم الأميركية وهو معالجات Snapdragon X Elite، وSnapdragon X Plus الجديدة، إلى جانب تطبيقات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ليحمل الجيل الجديد اسم Copilot Plus.

ولم تكتف مايكروسوفت بإضافات الذكاء الاصطناعي واستخدام المعالج الجديد في أجهزة Surface التي تنتجها فحسب، بل حشدت كبار مصنعي الكمبيوتر حول العالم مثل: آسوس، وآيسر، وسامسونج، ولينوفو، وديل، وسامسونج، وإتش بي، الذين أعلنوا أيضاً عن أجهزة تعمل بمعالج Snapdragon، في تصويت جماعي بثقة هذه الشركات في أداء المعالج الجديد وقدرات الجيل القادم من أجهزة ويندوز.

نيران صديقة

وإذا نجح رهان مايكروسوفت وشركائها فلن يكون الخاسر أبل وحدها، بل ستصيب النيران الصديقة شركتين لطالما كانتا المزود الرئيسي بالمعالجات لأجهزة ويندوز هما Intel، وAMD، اللتين فشلتا طوال سنوات في تقديم معالجات على نفس مستوى الأداء وكفاءة استهلاك الطاقة الذي تقدمه حواسيب أبل.

لكن حبل الود لم ينقطع تماماً، فبينما يصدر الجيل الأول من أجهزة Copilot+ PC، المزودة بقدرات الذكاء الاصطناعي بمعالجات كوالكوم حصرياً، وعدت مايكروسوفت بأن تنضم Intel وAMD لاحقاً إلى ركب الذكاء الاصطناعي لتحمل الأجهزة المعتمدة على معالجاتهما شارة Copilot +، بعد أن تضيفا وحدات المعالجة العصبية NPU اللازمة لتشغيل هذه التطبيقات في الأجيال المقبلة من معالج Lunar Lake لـ Intel، و Strix لـ AMD.

ولن يكفي اللحاق المتأخر بالركب لإنقاذ Intel، وAMD، إذ لا يزال يتعين عليهما تحسين كفاءة استهلاك الطاقة في معالجاتهما، للسماح بساعات عمل طويلة تتجاوز عشرين ساعة اعتماداً على بطاريات الحواسيب المحمولة.

وخلال حوار مع "بلومبرغ"، أكد ساتيا ناديلا، مدير مايكروسوفت التنفيذي، أن الشركة تستهدف بشكل رئيسي إعادة المنافسة من جديد إلى سوق الحواسيب الشخصية بين نظام ويندوز ونظام ماك، خاصة مع دخول العالم إلى عصر الذكاء الاصطناعي، مما سيقدم تجارب ومزايا فريدة للمستخدمين.

ولكن في سوق الحواسيب الشخصية تواجه مايكروسوفت منافسة شرسة، فشركة صاحبة معدل النمو الأعلى لمبيعات حواسيب ماك بوك خلال الربع الأول من العام الجاري، إذ نمت مبيعات حواسيبها بمعدل 14.6% مقارنة بالعام الماضي، رغم الأداء السيئ لمبيعات قطاع ماك خلال 2023، بحسب إحصائيات مؤسسة IDC.

وحسب تقرير لموقع The verge، تراجعت أجهزة الكمبيوتر المحمولة Windows كثيراً عن Mac Books في الأداء وعمر البطارية منذ انتقال أبل إلى الرقائق الخاصة بها مع إطلاق M1 في عام 2020، وهذا يجعل مستويات ثقة مايكروسوفت الأخيرة، مفاجئة، لا سيما بالنظر إلى جهودها الصعبة مع معمارية Arm على مدار العقد الماضي، بعدما حاولت الشركة لأول مرة نقل Windows إلى رقائق Arm باستخدام Surface RT في عام 2012، لكن الأداء لم يكن على مستوى التوقعات.

وترتيباً، فإن ناديلا كان على حق عندما قال: "الآن عادت المنافسة بين ويندوز وماك من جديد.. ونحن هنا لا نقصد شركة بعينها، ولكننا نسعى لتحقيق وإثراء المنافسة في السوق".

حرب الذكاء الاصطناعي

موجة الحواسيب الجديدة التي بدأتها مايكروسوفت، تحت شعار Copilot+ PC، ستغير ملامح سوق الحواسيب الشخصية لسنوات قادمة، إن لم تستمر آثار التغيير لعقود، فقد أصبح مصطلح الذكاء الاصطناعي أحد المعايير الرئيسية لقياس مدى تطور أي خدمة، أو جهاز، أو تطبيق يدخل إلى السوق.

بمقاييس الذكاء الاصطناعي، تعد مايكروسوفت من رواد هذا السوق، فقد استثمرت 10 مليارات دولار في شركة OpenAI منذ عام 2019، وتستثمر بشكل مكثف في بنيتها التحتية ومنصتها للخدمات السحابية المدعومة بالذكاء الاصطناعي Azure AI، إلى جانب مساعدها الذكي Copilot، وأخيراً وصول لمسة الذكاء الاصطناعي إلى قلب Windows، استعداداً لانتشاره على حواسيب الملايين حول العالم بداية من منتصف يونيو المقبل.

أما أبل، فلم تكشف الكثير من أوراقها بعد في ساحة لعب الذكاء الاصطناعي، فحتى الآن لم تُحدِث أبل تغييراً جذرياً في تجربة المستخدمين على أجهزتها، ولكنها اكتفت بتقديم لمحة عبر حواسيب Macbook Air المزودة بمعالج M3، وكذلك جهازها اللوحي الأحدث iPad Pro المزود بمعالج M4.

وبحسب أبل، فإن حواسيب ماك بوك، المزودة بمعالج M3، قادرة على تشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي لأول مرة، والفضل يرجع إلى المعالج المزود بوحدة معالجة عصبية 16 نواة أسرع وأكثر كفاءة، بجانب مسرّعات في وحدة المعالجة المركزية ووحدة معالجة الرسوميات، لتعزيز التعلم الآلي على الجهاز.

وبفضل بنية الذاكرة الموحدة لشرائح معالجات أبل، فإن جهاز Macbook Air يمكنه تشغيل نماذج محسّنة من الذكاء الاصطناعي، وتشمل نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) ونماذج إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي محلياً دون الاتصال بالإنترنت.

لذلك، من حيث الإمكانيات والشرائح، فإن أداء أحدث حواسيب أبل يتقارب مع حواسيب Windows القادمة Copilot+ PC، ولكن الفارق الجوهري يكمن في تجربة المستخدم، فشركة مايكروسوفت كشفت عن مستوى قياسي للتجارب التي ستغير من الروتين اليومي للمستخدم في تفاعله مع حاسوبه، وذلك يشمل إمكانية إنشاء، وتحرير الصور، وإجراء محادثات الفيديو، وتصفح المحتوى المصور، وكذلك تطوير عملية البحث على ويندوز، اعتماداً على الذكاء الاصطناعي.

 في المقابل، فإن شركة أبل، ومنذ مارس الماضي، عند إطلاق حواسيبها الجديدة، لم تكشف عن أي تحديث لخدماتها وتطبيقاتها باستخدام الذكاء الاصطناعي، مما يجعل حظوظها أقل في مواجهة مايكروسوفت في هذا السياق، خاصة أن تقارير سابقة أكدت أنه من المرجح أن تعتمد أبل هذا العام في مزاياها الذكية على شراكات مع كلا من شركتيّ OpenAI وجوجل، مع ترجيح تأخير وصول نماذج مطورة بأيدي مهندسي أبل أنفسهم إلى العام المقبل.

وليوضع التطور الكبير، الذي أنجزته مايكروسوفت بتعاونها مع أكثر من 15 شركة من مصنعي الحواسيب الشخصية، في إطار تنافسي مع أبل؛ ركز مدير مايكروسوفت التنفيذي، خلال مؤتمر Microsoft Build 2024، على أن حواسيب Copilot+ PC ستقدم أداءً أسرع بنسبة 58% من أحدث إصدارات حواسيب أبل Macbook Air المزودة بمعالج M3، والتي وصلت الأسواق مطلع العام الجاري.

بالإضافة إلى الأداء، سلطت مايكروسوفت الضوء على أن الجيل الجديد من حواسيب Windows الشخصية سترفع سقف طموحات مستخدميها، وتجعلهم ينجزون أكثر خلال يومهم عبر ترشيد استهلاك البطاريات، مما يسمح بتشغيل حتى 22 ساعة متواصلة من الفيديوهات دون الاتصال بالإنترنت، أو 15 ساعة متواصلة من تصفح الإنترنت، وذلك اعتماداً على شحن بطارية الحواسيب بنسبة 100%، وذلك يعتبر أكثر كفاءة من أحدث حواسيب Macbook Air بمعدل 20%.

التحديثان الجديدان في حواسيب Copilot+ PC سيسمحان لحواسيب Windows بالمنافسة، والصمود أمام الأداء المعروف بتميزه لحواسيب أبل ماك بوك، والتي لطالما كانت الاختيار الأمثل لأي فئة من المستخدمين ممن يبحثون عن الأداء القوي، والعمر الطويل للبطارية مع ساعات من الاستخدام، والمعالجة، مع مهام شاقة، خاصة في مجال الألعاب، ومعالجة الرسوميات المتطورة.

الصراع يحتدم بين إنتل وكوالكوم

في الوقت الذي تتسلط فيه الأضواء على المنافسة بين أبل ومايكروسوفت، فإن الصراع يحتدم بين إنتل وكوالكوم، إذ كسرت مايكروسوفت أسطورة "WIntel" التي دامت عقوداً، والتي تمثلت في شراكة طويلة مع إنتل، تمثلت في اعتماد الأولى على معالجات الثانية في خوادمها، وكذلك تشغيل حواسيب Windows لسنوات طويلة، ولكن مع خطوة توسع مطورة نظام تشغيل الحواسيب الشخصية الأشهر في العالم للتعاون مع كوالكوم، ومعالجاتها المعتمدة على معمارية ARM، فأصبحت إنتل في حاجة لإثبات ذاتها وقدرتها على المنافسة والابتكار من جديد.

لذلك، بالتزامن مع كشف مايكروسوفت عن عالم حواسيب Copilot+ PC، خرجت إنتل لتعلن بأنها خلال الربع الثالث من العام الجاري، سترفع الستار عن عائلة معالجات جديدة تحمل اسم كودي Lunar Lake، لتصبح شرائحها الذكية الموجهة إلى سوق حواسيب Windows الجديدة.

وتتوقع إنتل أن تصل مبيعات الحواسيب الشخصية من فئة Copilot+ PC المدعومة بمعالجاتها الجديدة إلى 40 مليون جهاز خلال العام الحالي.

وأشارت إنتل إلى أن معالجات "لونار لايك" القادمة ستتفوق في أدائها على معالجات كوالكوم إكس للحواسيب، مشيرة إلى أنها ستتوافق بجدارة للعمل مع أكثر من 80 تصميماً للحواسيب الشخصية القادمة من 20 مُصنّعاً من مصنعي الحواسيب.

لذا، من المنتظر أن تشتعل المنافسة في سوق معالجات الحواسيب خلال الفترة المقبلة، فكوالكوم ترغب في تثبيت أقدامها داخل سوق الحواسيب، بعد أن لمع نجمها في سوق الهواتف، ولكن وتيرة المبيعات البطيئة بدأت تؤثر في أرقام أرباحها، فأصبحت الحواسيب الشخصية نافذة أرباح لا نهاية لها، حتى الآن مع موجة الذكاء الاصطناعي.

وفي المقابل، تحاول إنتل إثبات قدرتها على الحفاظ على ولاء جمهورها لمعالجاتها، بل والمنافسة في عصر أصبحت فيه عناصر السرعة، والكفاءة، والعمر الأطول للبطارية لا تُقدر بثمن، أو على الأقل لن يقل ثمنها عن 999 دولاراً مع حواسيب Copilot+ PC، ومن المقرر أن تصل إلى الأسواق بداية من 18 يونيو المقبل.

تصنيفات

قصص قد تهمك