لا يُذكر اسم السير آرثر كونان دويل عادة إلا بصحبة الشخصية الخيالية، شارلوك هولمز المحقق البارع، الأمر الذي أثار حفيظة دويل ذاته، إذ اعتقد أن هولمز سرق الأضواء من أعماله الأدبية الأخرى.
فمسيرة دويل المهنية لا يمكن تلخيصها في سلسلة الإثارة الشهيرة والمعرفة باسم "مغامرات شارلوك هولمز"، بل بدأت مبكراً بدراسة وممارسة للطب والجراحة، وانتهت إلى إنتاج أعمال في فئة التاريخ بنكهة عسكرية، إضافة إلى كلاسيكيات أدبية أخرى لا تحظى بشعبية هولمز الجارفة.
وفي ذكرى مولده التي توافق 22 مايو، تستعرض "الشرق" جوانب أخرى من حياة آرثر كونان دويل المهنية الثرية.
طبيب البحار
بدأ الكاتب حياته المهنية شاباً في مجال عملي خارج حدود الأدب، إذ التحق دويل بجامعة إدنبره لدراسة الطب، التي أتمها بحصوله على درجتي الماجستير والدكتوراة في الطب وفقًا للموسوعة البريطانية.
ولم يكتف آرثر بالدراسة النظرية فقط، ففي أثناء السنة الثالثة من دراسته الجامعية، خاض مغامرة خاصة وقام بدور جراح على متن سفينة لصيد الحيتان، كما ورد في موقع "بيوغرافي".
وحصل دويل في وقت لاحق على وظيفة شبيهة وذلك على متن باخرة تقطع رحلاتها ما بين ليفربول وغرب إفريقيا، بحسب ما ذكرته شبكة "بي بي سي" البريطانية.
وفي مدينة بورتسموث البريطانية، افتتح عيادته الأولى ومارس الطب، إلا أنه لم يوفق في النهاية في الجمع ما بين شغفه للكتابة وممارسة مهنته الأصلية، فتخلى نهائياً عن الطب لصالح الكتابة.
ولا تقتصر مكتبة أعمال دويل الأدبية على ألغاز هولمز المثيرة، بل أنها ضمت أطيافاً أخرى من الأعمال الخيالية والأدب التاريخي، التي كان يتوسم فيها الكاتب التميز، من بينها الرواية التاريخية "الجماعة البيضاء" التي تدور أحداثها في العصور الوسطى ونشرت لأول مرة عام 1891.
وفي عالم المغامرة، أنتج دويل سلسلة من الأعمال تصدرتها شخصية مميزة أخرى هي العالم غريب الأطوار البروفيسور جورج تشالنجير، الذي يكتشف عن طريق المصادفة في الرواية الأولى عالم خفي منعزل في القارة الأميركية الجنوبية تحكمه حيوانات من عصور ماضية، انقرضت من على وجه الأرض، وتُعرف الرواية باسم "العالم المفقود" وصدرت عام 1912 لأول مرة.
نكهة عسكرية
وفي أوائل القرن العشرين، أنجز دويل كذلك أعمال أخرى بنكهة عسكرية وليست أدبية، إذ ألف كتاباً حول حرب البوير في جنوب إفريقيا وصدر عام 1900 تحت عنوان "حرب البوير العظيمة"، بحسب الموسوعة البريطانية.
وكان الكاتب قد قام بدور طبي خلال القتال، وذلك داخل المستشفيات الميدانية، وحصل على لقب "فارس" تكريماً له في عام 1902.
ووفقاً للموسوعة البريطانية، أنجز الكاتب كذلك عمل من 6 أجزاء بعنوان "الحملة البريطانية في فرنسا وفلاندرز"، وقبل وفاته بستة أعوام خط بنفسه سيرته الذاتية في عام 1924 وطُرحت بعنوان "ذكريات ومغامرات".