كيف تحوّلت الألعاب الإلكترونية إلى "حرفة" تدر الملايين؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
شباب يحتفلون بفوز فريقهم في بطولة رياضية إلكترونية  - Riot Games Inc. via Getty Images
شباب يحتفلون بفوز فريقهم في بطولة رياضية إلكترونية - Riot Games Inc. via Getty Images
دبي-محمد حمادة

بعدما كان الكثيرون ينظرون إلى الرياضات الإلكترونية (e-sports) باستخفاف في الماضي، تغيّر الوضع بشكل جذري في السنوات الأخيرة، إذ باتت تقام لها بطولات عالمية، وترصد لها جوائز بالملايين، ما ساهم في زيادة شعبيتها وعدد محترفيها.

واللافت أن جامعات عدة باتت ترصد منحاً دراسية وتعتمد مناهج متخصصة في مجال الألعاب الإلكترونية، كما أن كثيراً من الأهل صاروا يدفعون أبناءهم ليكونوا لاعبين محترفين في هذا المجال، عوضاً عن تحذيرهم من خطورة اللعب لفترات طويلة كما كان يحصل في السابق، نظراً للتأثيرات الصحية التي يتركها الجلوس المتواصل خلف الشاشات وما يتسبب به من أضرار جسدية ونفسية على السواء.

بطولات للعرب

تمكنت المملكة العربية السعودية أخيراً، بقيادة االشاب مساعد الدوسري، من الفوز ببطولة Stay & Play المقدمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم، لدعم الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدول للحد من جائحة فيروس "كورونا".

المنتخب السعودي كان يمتلك الأفضلية، خصوصاً أنه يضم بين صفوفه اللاعب المحترف الدوسري، وهو حامل لقب بطولة FIFA eSports World Cup.

تلقى اللاعبون  تهنئة من وزير الرياضة السعودي الأمير عبد العزيز بن تركي الذي وعدهم أيضاً بمكافأة مالية. وتدعم الحكومة السعودية هذه الرياضات بإقامة بطولات محلية احترافية، لتمكين اللاعبين من التحضير للبطولات الخارجية. 

علماً أن مجموع جوائز لعبة "الفيفا 20" تخطى المليون دولار أميركي هذه السنة، وقد يصل إلى 3 ملايين دولار بنهاية العام.

الإنجازات العربية في مجال الألعاب الإلكترونية لم تقتصر على لعبة الفيفا فحسب، بل شملت ألعاباً أخرى مثل CSGO وDOTA 2 وFortnite والتي يصل مجموع جوائزها إلى 137 مليون دولار أميركي.

ومن أشهر اللاعبين العرب في هذا المجال الأردني عامر البرقاوي، المصنف السابع عالمياً في لعبة الـ DOTA 2 والذي حاز جوائز بقيمة 4.7 مليون دولار أميركي. أما المصنف التاسع عالمياً في اللعبة ذاتها فهو اللبناني مارون مرهج الذي حصد جوائز بقيمة 4.1 مليون دولار.

 

من الهواية إلى الاحتراف

إذا كان مساعد الدوسري لقي دعماً حكومياً في السعودية، فإن شباباً في بلدان عربية أخرى يشتكون عوائق عدة في طريق منافسات الرياضات الإلكترونية. اللاعب اللبناني عمر مرعشلي أكد لـ"الشرق" أن الشباب العربي "يمتلك مقومات النجاح، والدليل وصول البعض الى مراحل متقدمة، بل الفوز بتلك البطولات، على الرغم من غياب الدعم لهذا المجال الذي ينظر إليه الكثيرون على أنه مضيعة للوقت". وكشف أن العائق الأهم يتمثل في "ضعف الإنترنت في معظم الدول العربية"، ما يؤثر سلباً على أداء اللاعبين في المنافسة الدولية".

الفوز ببطولات الرياضات الإلكترونية ليس أمراً سهلاً كما يتصور البعض، بل أضحى يتطلب الكثير من ساعات التدريب والعمل الدؤوب لتبرز مهنة جديدة هي التدريب.

وأوضح اللاعب مرعشلي أن مهنة التدريب في الألعاب الإلكترونية تشمل تدريب الأفراد الذين يودون تطوير مهاراتهم في لعبة معينة، كما يمتد إلى تدريب الفرق التي تشارك في البطولات الإقليمية والعالمية. إذ يكون دور المدرب أساسياً في الإشراف على الفريق ووضع خطط اللعب.

ولا يقتصر دور المدرب على فترة البطولة فحسب، ففي الفرق العالمية يوقع المدرب واللاعبون على عقد تصل قيمته إلى 30 ألف دولار أميركي شهرياً، عدا الجوائز إثر الفوز بالبطولات، والتي تصل قيمة بعضها إلى 45 مليون دولار أميركي، كلعبة DOTA 2 الشهيرة التي يتابعها ملايين المشاهدين حول العالم.

سوق بالمليارات

وتشير الإحصائيات إلى أن الأموال التي أنفقها اللاعبون على الرياضات الإلكترونية العام الماضي بلغت 150 مليار دولار، ويتوقع أن يصل حجم سوق صناعة الألعاب الإلكترونية إلى نحو 300 مليار دولار في عام 2025، بحسب مجلة "فوربس". إن النمو المتزايد للأرباح ناتج عن التطوير المتجدد للألعاب، بإضافة خصائص جديدة تغري اللاعبين بدفع مزيد من الأموال. ويطلق اللاعبون لقب "الحيتان" على أولئك الذين ينفقون أكبر قدر من الأموال للحصول على المميزات والخصائص الجديدة، وينفق أمثال هؤلاء مبالغ تصل إلى1000 دولار خلال 12 إلى 16 ساعة من اللعب.

ولا تحتكر الشركات المنتجة أرباح الألعاب الإلكترونية، بل إن اللاعبين المحترفين يحصلون أيضاً على جزء من عائدات نسب المشاهدات المرتفعة على "يوتيوب"، فضلاً عن مبالغ يتقاضونها عن الإعلانات.

وأصبح الأميركي كايل غيرسدورف مليونيراً وهو لا يزال طالباً في المرحلة الثانوية ولا يتجاوز عمره 16 عاماً. غيرسدورف المعروف في أوساط اللاعبين باسم "بوغا"، ربح أكبر جائزة بعدما فاز بلقب بطولة كأس العالم في لعبة "فورتنايت" التي يصل مجموع جوائزها إلى 30 مليون دولار، وتبلغ قيمة جائزة المركز الأول 3 ملايين دولار.