بين تأجيل الامتحانات وإلغائها.. "كورونا" يترك بصماته على العام الدراسي

time reading iconدقائق القراءة - 10
أطفال عراقيون يأخذون دروساً عن بعد إثر إغلاق المدارس في بغداد  - AFP
أطفال عراقيون يأخذون دروساً عن بعد إثر إغلاق المدارس في بغداد - AFP
دبي -الشرق

شهد الموسم الدراسي في مختلف الدول العربية، ظروفاً استثنائية هذا العام، وسط موجة تفشي فيروس "كورونا"، إذ طاولته الإجراءات الهادفة إلى مكافحة الفيروس والحدّ من انتشاره. وبدأت تلك الإجراءات بإغلاق المؤسسات التعليمية وتعليق الدراسة ثم تعويضها بالتعليم الإلكتروني، وصولاً إلى إعلان عدد من وزارات التربية والتعليم ترفيع التلامذة من صفوفهم إلى صفوف أعلى من دون اختبارات تقليدية.

مصر: إجراءات احترازية

أغلقت المدارس والجامعات في مصر أبوابها شهر مارس الماضي، وتحوّل الطلاب للتعليم الإلكتروني، في إجراء احترازي لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، ولكن هذا النظام أربك حسابات الطلاب وأولياء أمورهم، خصوصاً أولئك المسجلين في مدارس دولية.

ياسمين طارق، والدة لطفلين في المرحلة الابتدائية في إحدى المدارس الفرنسية الدولية، قالت لـ"الشرق" إنها سددت كامل الرسوم المستحقة على الطفلين في نهاية شهر مارس، من دون أن يستطيعا إكمال العام الدراسي، مشيرة إلى أن "قيمة القسط المدرسي الأخير بلغت 140 ألف جنيه مصري، أي ما يعادل 9 آلاف دولار أميركي".

تعترف ياسمين بأن "الدراسة أونلاين مرهقة للطلاب ولأولياء الأمور في آن معاً". وتضيف: "ربما يعود ذلك إلى كوني لم أكن على دراية كاملة بها، فضلاً عن ضرورة حضور ولي الأمر أثناء الحصة، وهذا غير متاح لأنني أعمل من المنزل، وبالتالي لا أستطيع التفرغ لحضور الحصص الدراسية طوال اليوم".

تجدر الإشارة إلى أن وزارة التربية والتعليم المصرية قررت إجراء امتحانات الثانوية العامة في 7 يونيو المقبل، ولكن الوزير طارق شوقي عاد ليعلن إرجاءها إلى 21 منه، مشدداً على أن لجان الامتحانات ستزود بأجهزة لقياس درجة حرارة الطلاب قبل دخول قاعات الامتحانات، بالإضافة إلى مراقبة ارتداء الكمّامات.

وأعلنت الوزارة أنها اتخذت إجراءات تقضي بزيادة أعداد اللجان الفرعية، مع تنفيذ قواعد التباعد الاجتماعي بين الطلاب، على ألا تزيد لجنة الامتحان الواحدة عن 14 طالباً، وفي حال تخوّف الطالب أو ولي أمره من أداء الامتحان هذا العام، نظراً للظروف الراهنة، يؤجل امتحانه للعام المقبل.

المسؤول الإعلامي في وزارة التربية والتعليم، محمود حسونة، قال في تصريح لـ"الشرق" إن الوزارة "اعتمدت خطة لإنهاء العام الدراسي في كل المراحل الدراسية، على أن يكون الانتقال للعام الدراسي المقبل من الروضة حتى الصف الثاني الابتدائي بناء على تقييم المعلمين، ومن الصف الثالث الابتدائي إلى الثالث الإعدادي عن طريق إعداد بحث مكتوب".

وأضاف: "يعتبر الطالب ناجحاً بعد حصوله على تقدير مقبول في البحث، مع إعطائه فرصة إضافية لإعادة البحث في حال عدم حصوله على التقدير".

وشدد حسونة على أن "إجراء امتحانات الثانوية العامة أمر لا بد منه لتقييم الطالب الذي سينتقل إلى الجامعة"، مشيراً إلى أنه "كان من الممكن تأجيل الامتحانات إلى موعد آخر، لكن ذلك سيضر بالعملية التعليمية، ولذلك تركنا الاختيار لأولياء الأمور، فإذا شعروا بعدم الطمأنينة، يمكنهم تأجيل امتحان أبنائهم للعام المقبل".

لبنان: هموم صحية ومعيشية

أعلن وزير التربية اللبناني طارق المجذوب إنهاء العام الدراسي في لبنان، ونقل الطلاب إلى الصفوف الدراسية الأعلى وفق ضوابط معينة، من دون إجراء الاختبارات التقليدية، وذلك في ظل تنامي المخاوف من انتشار فيروس كورونا المستجد.

وقالت رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لما طويل، لـ"الشرق"، إن "الأولوية لصحة أبنائنا، والمهم أن الوزير أنهى العام الدراسي".

قرار وزير التربية على أهميته، فتح جدلاً واسعاً في لبنان، بسبب ارتفاع معدلات أقساط المدارس الخاصة من جهة والتخلّف عن سداد رواتب المعلمين من جهة ثانية، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد، وفقدان الكثيرين لوظائفهم، وتخفيض رواتب آخرين.

علماً أن إجراءات تعطيل الدراسة، لم تبدأ مع تفشي فيروس "كورونا"، بل بالتزامن مع الاحتجاجات التي اندلعت في 17 أكتوبر 2019، واستمرت أكثر من شهر ونصف الشهر.

واعترضت المدارس الخاصة في لبنان على قرار إنهاء العام الدراسي بشكل مبكر، وأفاد الأمين العام للمدارس الكاثوليكية بطرس عازار في بيان بأن "السكوت عن الوضع لم يعد مقبولاً، لكونه يهدّد مصير الوطن ومؤسساته ومستقبله المرتبط بمستقبل أجيالنا القادمة". وأشار البيان إلى أن "وزير التربية لم يقم بأي استشارات مع المؤسسات التربوية ونقابة المعلمين لاتخاذ قرار يوازن بين مصلحة التلامذة وتأمين سلامتهم".

الجزائر: ترحيب وارتياح

تبددت حال القلق على مصير العام الدراسي، والتي خيّمت لأسابيع طويلة على الطلاب والتلامذة في الجزائر، في ظل غلق المؤسسات التعليمية الذي بدأ في 12 مارس الماضي.

وبعد مشاورات مع نقابات التعليم وأولياء الأمور، قررت الحكومة الجزائرية إلغاء امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي، وتأجيل امتحان شهادتي الصفوف المتوسطة والبكالوريا إلى سبتمبر المقبل. وسيكون الانتقال من مستوى إلى آخر في التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي، باحتساب معدل الفصلين الأول والثاني، بدلاً من 3 فصول، إضافة إلى تخفيض معدل القبول.

ولقي قرار تأجيل امتحان شهادة البكالوريا ترحيباً من جمعية أولياء الأمور. وقال ممثل جمعية أولياء تلامذة الجزائر، عز الدين زروق، لـ"الشرق" إن "قرار الحكومة سليم لأنه يقي التلامذة وعائلاتهم خطر الفيروس من جهة، ويعطي فرصة لتلامذة البكالوريا والمتوسط للمراجعة واستدراك ما فاتهم في الفصلين الأولين من جهة أخرى".

وقالت أشواق خيري (تلميذة ثانوي)، إنها استقبلت قرار تأجيل امتحان البكالوريا بارتياح كبير، لأن ذلك سيمكنها من التحضير الجيد للامتحان الذي تعتبره مفصلياً في حياتها، للحصول على درجات كافية تحدد مستقبلها الدراسي والعملي.

العراق: ترفيع وتخفيض للأقساط

وفي العراق، أصدرت وزارة التربية مجموعة من القرارات بخصوص العام الدراسي الحالي، قضت باعتماد درجة النصف الأول من العام الدراسي كدرجة للنجاح للصفوف الدنيا في المرحلة الابتدائية، على أن يُسمح للتلميذ الراسب بأداء امتحان الدور الثاني لاحقاً في جميع المواد التي رسب فيها.

واعتمدت درجة "الكورس" الأول في صفوف المراحل المتوسطة والإعدادية والتعليم المهني ومعاهد الفنون الجميلة كدرجة للنجاح أيضاً، ويُسمح للطالب الراسب بأداء امتحان الدور الثاني في جميع المواد التي رسب فيها، على أن يحدد موعد الامتحان وتفاصيله لاحقاً.

إلى ذلك، قررت وزارة التربية تخفيض القسط السنوي الكلي المستحق على التلامذة والطلبة في المدارس الأهلية للعام الدراسي الحالي بنسبة 10%. وبحسب الناشط التربوي ذو الفقار حسين، فإن القرار "جاء متأخراً لكنه مهم، ويعد خطوة للأمام".

ورأى حسين أن "القرار منقوص في بعض جوانبه، فهو استثنى المرحلة الابتدائية النهائية (السادس الابتدائي) والمرحلة النهائية المتوسطة (الثالث المتوسط) وهي مراحل لا جدوى من استثنائها، كون المراحل التي تليها إجبارية وليست خيارية".

وأكد حسين أن المرحلة النهائية الإعدادية (الثانوية)، هي الوحيدة التي يجب استثناؤها، لأن فيها تغييراً لواقع الطالب، وينتقل منها إلى التعليم الجامعي، لافتاً إلى أنه "في حال تعذر إجراء الامتحانات في وقت لاحق، فإن الوزارة ستكون ملزمة باعتماد نتائج الكورس الأول، على أن تقوم الجامعات بإجراء اختبار شامل للطلبة، كأساس للقبول فيها، كما هو الحال في الكثير من دول العالم".

السعودية: قرارات مبكرة

حسمت وزارة التعليم السعودية قرارها مبكراً في ما يتعلق بالتعامل مع انعكاسات أزمة كورونا على القطاع التعليمي، إذ أصدرت قراراً بتعليق الدراسة منذ بداية شهر مارس الماضي، ومضت في خيار التعليم عن بعد، واعتماد الفصول الافتراضية بدلاً من الحضور إلى المدارس والجامعات.

وقبل دخول شهر رمضان، حسمت الوزارة الجدل حول نتائج الفصل الدراسي بنقل طلاب صفوف التعليم العام إلى الصفوف الدراسية الموالية، واعتماد نتائج الفصل الأول لتكون نتيجة نهائية للعام الدراسي.

ونص قرار وزير التعليم  السعودي على اعتماد نتيجة الفصل الدراسي الأول في مراحل رياض الأطفال والصف الأول والثاني الابتدائي، لتكون نتيجة الفصل الدراسي الثاني.

ويطبق القرار ذاته على بقية صفوف المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة، مع رصد المعدلات التي حصل عليها الطلاب والطالبات في فترة ما قبل تعليق الحضور إلى المدارس، وما نالوه خلال الدراسة عن بعد، لمعرفة مستوى تحصيلهم الدراسي واعتماد النتيجة الأعلى. كما ترك خيار إجراء تقويم مع بداية الفصل الدراسي للعام القادم في المهارات الرئيسية لكل مادة دراسية، لمعرفة مستوى تحصيل الطلاب وتنفيذ المعالجة التعليمية اللازمة، واحتساب النتيجة الأفضل لهم. 

أما بخصوص المرحلة الثانوية، فقضى القرار بنجاح الطلاب في جميع المقررات في مدارس نظام المقررات، من دون أن يتأثر المعدل الدراسي سلباً.

وأتاح القرار لطلاب الفصل الدراسي الأخير في المرحلة الثانوية إجراء تقويم بديل في أقرب وقت، لمن يتمكن منهم من إجراء التقويمات، أو لمن يرغبون في تحسين مستوى تحصيلهم الدراسي، مع الأخذ في الاعتبار عدم تأثر المعدل سلباً.