جوزفين بيكر أول امرأة من أصل إفريقي ترقد في "مقبرة العظماء" بباريس

time reading iconدقائق القراءة - 5
عرض صور لجوزفين بيكر على نصب البانثيون في باريس فرنسا- 30 نوفمبر 2021 - REUTERS
عرض صور لجوزفين بيكر على نصب البانثيون في باريس فرنسا- 30 نوفمبر 2021 - REUTERS
باريس-أ ف ب

باتت الفنانة الأميركية الفرنسية الراحلة جوزفين بيكر أول امرأة من أصول إفريقية ترقد في البانثيون، "مقبرة العظماء" الفرنسية، تقديراً لتاريخها كوجه بارز في المقاومة الفرنسية ومكافحة العنصرية.

وتولى طيارون من سلاح الجو الفرنسي حمل نعش جوزفين بيكر الخالي من جثمانها، وإدخاله إلى البانثيون أمام نحو 8 آلاف شخص، بحسب ما أفاد قصر الإليزيه الرئاسي، قبل وضعه في إحدى خزائن المقبرة.

وسيبقى رفات بيكر في مقبرة موناكو البحرية، بالقرب من مكان مواراة الأميرة جرايس التي دعمت بيكر خلال السنوات الأخيرة من حياتها.

وبحضور 9 من أبنائها وعدد كبير من السياسيين والفنانين والمواطنين، أصبحت الفنانة الاستعراضية المولودة في الولايات المتحدة سنة 1906 والتي اختارت لاحقاً الجنسية الفرنسية، سادس امرأة ترقد في "معبد الجمهورية العلماني" بقلب باريس، والذي كتبت على مدخله عبارة "الوطن ممتن للعظماء".

تقدير من ماكرون

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في المناسبة إن "فرنسا الخاصة بي، هي جوزفين"، محيياً "بطلة حرب، ومقاتلة، وراقصة، ومغنية"، و"سوداء تدافع عن السود ولكن قبل كل شيء، امرأة تدافع عن الجنس البشري".

أما نجلها بريان بويون بيكر، فرأى في تكريمها "بادرة أمل ورسالة للأجيال الشابة". وأملت ماريان زينزر، إحدى بناتها، في "أن يسمع الفرنسيون رسائلها عن التسامح والانفتاح على الآخرين". وأضافت: "الحب والتفاهم والتسامح كانت هي البانثيون بالنسبة إليها".

وعُرضت على واجهة المبنى صور من محطات في حياتها، وسط تصفيق حماسي من الجمهور الذي سمع مجدداً صوت الفنانة تعرّف عن نفسها بأنها "شخص تبنته فرنسا".

وعندما سألها أحد الصحافيين في ذلك الوقت، عن سبب اختيارها المقاومة ضد الاحتلال النازي، أجابت بيكر "للدفاع عن الفرد" وعن "الكرامة الإنسانية".

ويأتي دخولها إلى البانثيون بقرار من الرئيس الفرنسي، بعد 46 عاماً على وفاتها في 12 أبريل عام 1975 عن عمر 68 عاماً.

وهي انضمت بذلك إلى الشخصيات الفرنسية التي ترقد في البانثيون وغالبيتهم رجال دولة أو أبطال حرب أو كتّاب مثل فيكتور هوجو وأميل زولا، أو حتى المقاوم جان مولان والعالمة ماري كوري.

تجسست لأجل فرنسا

وكانت بيكر المتحدرة من عائلة فقيرة جداً قد تزوجت مرتين، ثم فرّت من عائلتها ملتحقة بفرقة للمسرحيات الشعبية الخفيفة (فودفيل). فلفتت نظر أحد المنتجين وانتقلت إلى باريس، حيث اشتهرت في أوساط العروض الغنائية الاستعراضية المعروفة بـ"روفو نيجر"، التي ساهمت في رواج الجاز وثقافة الأميركيين من أصول إفريقية في فرنسا.

وساهمت أول أغنية أدّتها بعنوان "لديّ حبّان، بلدي وباريس" عام 1930 في كازينو باريس في شهرتها.

وفي 30 نوفمبر عام 1937 تزوّجت من رجل الأعمال اليهودي الأصل جان ليون، وحصلت على الجنسية الفرنسية. وتطلّقت منه لاحقاً وتزوّجت مرّتين.

وخلال الحرب العالمية الثانية ساهمت بفنها في التمويه عن الجنود الفرنسيين على الجبهة منذ بداية النزاع، ثم راحت تستغل الدعوات إلى احتفالات في السفارات والبلدان الأجنبية لجمع المعلومات.

وعندما قبلت مهمة مكافحة التجسس لصالح قوات فرنسا الحرة، قالت: "فرنسا جعلت مني الشخص الذي أنا عليه، سأبقى ممتنّة لها للأبد".

رسائل عبر الموسيقى

وكانت ترسل إلى قيادة قوات فرنسا الحرة في لندن تقارير مكتوبة بالحبر المخفي في مقطوعاتها الموسيقية. ونالت بيكر وسام الشرف الفرنسي ووساماً عسكرياً وميدالية المقاومة.

وانضمّت جوزفين بيكر إلى القوات الجوية في شمال إفريقيا، وقدمت حفلة في ألمانيا في مايو 1945 أمام المحررين من المعسكرات النازية.

وكافحت بيكر التمييز طوال حياتها. وتبنّت مع زوجها الرابع 12 ولداً من كل أنحاء العالم، ترعرعوا في قصر بيكر في دوردونيه في جنوب غرب فرنسا.

وظهرت أمام الحشود عام 1963 في واشنطن، بعد خطاب مارتن لوثر كينج التاريخي الذي قال فيه عبارته الشهيرة "لديّ حلم".

واعتبرت أن هذه المسيرة من أجل الحقوق المدنية للسود الأميركيين كانت "أجمل يوم" في حياتها.

اقرأ أيضاً: