في أغلب الأعمال الفنية الأميركية، تظهر مائدة أعياد "الكريسماس" العائلية عامرة بما لذ وطاب من الأطعمة الشهية، وفي مقدمتها لحوم الديك الرومي، وأطباق البطاطس المشوية، والخضراوات الطازجة.
لكن على عكس هذه الثقافة، صدّرت الولايات المُتحدة وجبة غير مألوفة إلى اليابان، أصبح المستهلكون مع الوقت ينشدونها في موسم احتفالات الكريسماس، وذلك رغم أنها تنتمي إلى فئة الوجبات السريعة، التي تفتقد الحميمية الأسرية المرتبطة دوماً بالاحتفالات والأعياد.
بدلاً من الديك الرومي، يُفضل اليابانيون وجبات "كنتاكي" الأميركية الشهيرة، التي تتضمن قطع الدجاج المقلية والسلطات سريعة التحضير، فما السر وراء ذلك؟
بداية موفقة
في الأصل لم تكن وجبات دجاج "كنتاكي" الأميركية على قائمة الوجبات المفضلة لدى اليابانيين، إلا أن معطيات المشهد تبدلت، بعد نحو 4 أعوام فقط من افتتاح أول مطعم كنتاكي للوجبات السريعة في اليابان، بفضل حملة دعائية ربطت الوجبة بأعياد الكريسماس، ودشنت طقساً احتفالياً لا تزال الأسر تمارسه إلى اليوم.
وفي عام 1970، رحبت اليابان بدجاج الكولونيل ساندرز لأول مرة، وفي الوقت ذاته، كانت البلاد تشهد انفتاحاً على طقس الاحتفال بعيد الميلاد أو "الكريسماس"، الذي ربما لم يُشكل جزءاً من الأولويات في عقود سابقة، لكن خلال ستينيات القرن العشرين بدأت شركات الحلوى والمصانع تُروج لمنتجاتها في موسم الاحتفالات، وتدريجياً بدأ الصغار في التأثر بطقوس الاحتفال، من زينة وحلوى وأجواء مبهجة بصرف النظر عن الأسس الدينية، إذ كانت نسبة المسيحيين في اليابان قليلة جداً".
إلا أن فريق "كنتاكي" في اليابان قرر أن يجذب البالغين أيضاً للموسم، عبر إطلاق حملة "كنتاكي للكريسماس"، ووفقاً لموقع Global Kfc، دعا مسؤولو المبيعات زبائنهم لشراء عبوات كنتاكي العائلية واصطحابها في حفلات الكريسماس كوجبة الليلة، الأمر الذي أثمر تفاعلاً إيجابياً من الجمهور، لتُصبح الحملة أحد الثوابت في تاريخ مطعم الوجبات السريعة، إذ يُعتبر 24 ديسمبر من كل عام أكثر أيام المطعم ازدحاماً في اليابان، إذ تصل نسبة الإقبال 10 أمثال الأوقات الاعتيادية.
سائح مغمور
أما عن منشأ الخطة الدعائية، فيُعتقد أنه لا يمت للدجاج بصلة، بل ربما يرتبط بالديك الرومي، وتحديداً صعوبة العثور على هذا النوع من اللحوم في اليابان، الذي ربما كان ليُصيب الزوار والسائحين الأميركيين بالإحباط، ما إذا تقاطعت زيارتهم بموسم الأعياد فيعجزون عن الوصول لوجبتهم الشهية المُفضلة.
ويشير موقع Global KFC بالتحديد إلى أن أحد موظفي السلسلة المختصين بالمبيعات تقاطع مع أحد السائحين في موسم الأعياد داخل مطعم في العاصمة طوكيو، والذي كان يشرح سبب إقباله على الدجاج الأميركي في تلك الليلة فقال "لا يمكنني العثور على ديك رومي، إذاً لا مفر من الاحتفال بالكريسماس مع دجاج كنتاكي المقلي". فالتقط الموظف تلك العبارة، وقرر أن يحولها لشعار دعائي.
وتذهب روايات أخرى إلى أن الحملة من بنات أفكار المدير التنفيذي لكنتاكي في اليابان تاكيشي أوكاورا، الذي كان لا يزال في بداية مشواره المهني آنذاك، وبحسب موقع "سي إن إن"، كان تاكيشي قد ذهب لأحد حفلات الكريسماس مرتدياً حُلة سانتا كلوز، الأمر الذي أثار اهتمام الأطفال وأسعدهم، فقرر الموظف أن يُعمم التجربة ويستفيد منها مهنياً.
وتوجه لتاكيشي اتهامات على صعيد آخر، بأنه يُسوق وجبات الدجاج المقلي للمستهلك الياباني بوصفها وجبة الكريسماس التقليدية في الولايات المُتحدة، لكنها لم تكن كذلك.
وجبات خاصة
على الرغم من الجدل بشأن منشأ الظاهرة، لا تزال اليابان تحتفل إلى اليوم بأعياد الكريسماس عبر عبوة من الدجاج المقلي، حتى إن سلسلة المطاعم لم تعد قادرة على التعامل مع إقبال المستهلكين بشكل لحظي، ما يدفعها لفتح باب حجز وجبات الكريسماس بشكل مُسبق في أكتوبر من كل عام، فيما يضطر المواطنون الذين لم يرتبوا مسبقاً للحصول على وجباتهم المفضلة، إلى الوقوف في طوابير لبضع ساعات في 24 ديسمبر للحصول على الطعام.
من جهة أخرى، اعتمدت السلسلة العالمية على تطوير وجباتها لتتماشى قليلاً مع الوجبات العائلية الأميركية التقليدية، فأضافت لقوائم الطعام الدجاج المشوي أو المحشي بالجبن والفطر، إضافة للكعك والمشروبات.
كما استفادت هذه الظاهرة من التشابه الشكلي بين الكولونيل ساندرز مؤسس دجاج كنتاكي وسانتا كلوز، ما جعل مطاعم السلسلة تتزين في عيد الميلاد بالأنوار والأشجار والكولونيل في حُلة سانتا كلوز.