قصة امرأة سمراء البشرة أنهت احتكار البيض لصناعة النسيج في أميركا

time reading iconدقائق القراءة - 8
أديلا كولفين - بلومبرغ
أديلا كولفين - بلومبرغ
دبي- بلومبرغ

كانت أديلا كولفين، المتزوجة حديثاً، والتي تعيش في جورجيا، تبلغ من العمر 34 سنة، عندما زارت بنفسها متجر خيوط للمرة الأولى منذ خمس سنوات، بعد أن اقترحت عليها إحدى جاراتها الحياكة كهواية. فقرّرت خوض التجربة، وتوجّهت إلى متجر في جنوب كارولاينا يبعد حوالي 40 دقيقة عن سكنها.

وكان من المحتمل أن تكون الرحلة تجربتها الأخيرة. لأنها بالكاد تمكّنت من تجاوز الباب الأمامي، عندما اعترضت المالكة طريقها، وهي امرأة ذات بشرة بيضاء أكبر منها سناً، وقالت لها: "إنّ مرحاضي مخصصٌ لزبائني فقط".

هكذا كانت البداية

وقالت كولفين: "كنت أطرق بابها كامرأة ممتلئة الجسم، وذات بشرة داكنة مع تسريحة (أفرو)"، وكان ذلك كافياً لإنهاء المحادثة، وأضافت "تحطّم قلبي"، ثم استدارت وعادت لمنزلها.

وبعد ذلك بقليل، قرّرت شراء الخيوط عبر الإنترنت، من أجل بعض المشاريع البسيطة، كالقبعات والشالات، ثم قررت بعدها أن تجرّب طلاء خيوطها الخاصة.

وعندما كانت كولفين ترتدي أقمشة الصوف المطلية التي صنعتها، كانت تتلقى المديح بشكل دائم، لا سيما من النساء اللواتي كنّ يعبّرن لها عن مدى إعجابهنّ بالألوان، لذا افتتحت متجرها الخاص باسم "كوخ أديلا للحياكة" (Adella’s Crochet Cottage) في أواخر 2015.

وقالت: "عندما بدأت البيع، لم أكن أُظهر وجهي، لأن الناس عندما ترى وجهاً أسمر، أول ما سيخطر في بالهم هو "الدونية"، وعندما ولدت ابنتها لولا التي تلقبها "بين" في يونيو 2016، بدأت كولفين تفكّر في الإرث الذي كانت تبنيه.

وأعادت تسمية مشروعها بـ"LolaBean Yarn Co"، ووظّفت رسّاماً توضيحياً كي يبتكر صورة لابنتها مع عينين كبيرتين ومضيئتين وبشرة داكنة كشعار لها.

طلبات أكثر

اليوم، تُعدّ كولفين عاملة صباغة مستقلة، وتستقبل طلبات كثيرة، ويتم بيع خيوطها في المتاجر في  أنحاء الولايات المتحدة كافة، ولا يزال معظم زبائنها من ذوي البشرة البيضاء، لكنها تقول إنّ قاعدة زبائنها باتت تضمّ أشخاصاً أصغر سناً، ومن ذوي البشرة السّمراء.

وأضافت: "من يشتري خيوطي يرى وجه طفلتي الأسمر، ولا يمكنني أن أقول كم مرة نظّمت عروضاً، ورأيت نساء ذوات بشرة سمراء يأتين إليّ باكيات ويقلن (نريد فقط أن نشكرك)".

عالم الحياكة وفنون الخيوط الأخرى كالزخرفة والنسيج، يستحضر الناس من خلاله صور جدة مسنة تجلس على كرسيها الهزاز، لكن في السنوات الأخيرة، أصبح المجال الهادئ المؤلّف من متاجر خيوط صغيرة مجاورة موزّعة في أنحاء الولايات المتحدة، أرض معركة ثقافية محتدمة.

وتمّ تقسيمه على أساس عنصري وتوجهات ثقافية اندلعت في سلسلة من الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع بعض المالكين إلى إغلاق مشاريعهم أو بيعها أو إعادة تسميتها.

ولا تزال كولفين تسوّق لنفسها، وحظيت بفرصة كبيرة في 2017، عندما تعرّفت على غاي غلاسبي، مدرّبة مبيعات ذات بشرة سمراء من كليفتون، نيو جيرسي، والتي تُعدّ من المؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي في صفوف الحائكات، مع أكثر من 40 ألف متابع على إنستغرام.

ودعمت غلاسبي، المعروفة أكثر باسم "جي جي"، حساب كولفين بين ليلة وضحاها، ووصّلتها بحائكات وصاحبات مشاريع من جميع أنحاء العالم. وقالت كولفين: "عندما سَلّطت الضوء عليّ، تلقيت المزيد من الزبائن والمتابعين من ذوي البشرة السمراء".

تأثير مواقع التواصل الاجتماعي

تقول كولفين: "المتابعون كثر للغاية. أنا لست أمزح، يصعب بيع اللون البرتقالي للغاية بالنسبة لي، إلا إذا كانت قطعة أعمل عليها مع جي جي".

السنة الماضية، عرّفت غلاسبي، كولفين على فيليسيا إيف، مالكة "String Thing Studio" في بروكلين، نيويورك، وهو ربما واحد من بين 6 متاجر حياكة مملوكة من قبل ذوي البشرة السّمراء في البلاد، وأصبحت إيف مالكة المتجر الأولى التي تدعم خيوط كولفين من خلال عرض مسبق وحصري للبضائع، وخططن لعملية بيع لمدّة 3 أيام، ولكن بسبب الدّعم الذي تلقّينه من حساب غلاسبي على "إنستغرام"، تمّ بيع مخزون كولفين في يوم واحد فقط. ومنذ ذلك الحين، تتحدث النساء الثلاث يومياً على "فايس تايم" عن الخيوط والعمل والحياة. 

وقالت كولفين: "يمكنك أن تذهب إلى هذا المتجر، مهما كان لون بشرتك. يبدو الأمر كأنك تذهب إلى منزل صديقتك، وتجلس على الكنبة، ولذلك أسمّيه متجري المحلّي، رغم أنني من جورجيا"، ومع ذلك، وحتى في بروكلين، يفترض المستهلكون في أغلب الأحيان، أنّ المرأة ذات البشرة البيضاء التي تعمل لدى إيف، هي المالكة.

"نسيج عنصري"

وبعد أن قُتل جورج فلويد في مينابوليس، نشر ستيف برغ، الذي يملك أحد أنجح المتاجر في البلاد، والذي يطلق على نفسه اسم "إلتون جون الحياكة"، فيديو يعلن من خلاله أنّ لديه مجموعات من الخيوط الجاهزة لإرسالها لكل امرأة تحتاج إلى وضع مشاكلها جانباً والعودة إلى الحياكة.

وكان صوت النساء البيض من ذوات الامتيازات أكثر وضوحاً حينها، وقد أجّجها الموقع الجغرافي لمتجر برغ، الموجود على بعد بنايات فقط من المكان الذي قُتل فيه فلويد، بعد ذلك تمّت إزالة الفيديو، وأُغلق المتجر مؤقتاً، وقدّم برغ اعتذاراً، وقال: "تغيّرتُ من كوني قائداً ثرثاراً، إلى شخص يفضّل الاستماع والتعلّم".

ودفعت المناوشات بالعديد من الحائكين من ذوي البشرة السمراء إلى مشاركة قصص التمييز العنصري الذي يواجهونه في مجال الحياكة للمرّة الأولى. وقالت كولفين: "يقول الناس "لم أكن أعلم أنّ مجال الحياكة يتخلله الكثير من العنصرية، إنّ العنصرية موجودة في صلب نسيج بلادنا". 

30 حساباً

وانتقلت كولفين من البيع لحساب واحد بالجملة إلى فتح 30 حساباً للزبائن، مع قائمة انتظار تتضمن أكثر من 70 طلباً، فيما يبدو وقت إنتاجيتها معبّأ حتى نهاية السنة، ومع ذلك، تقول إنّ الزيادة التي شهدها العمل تبعاً لمقتل فلويد غير مريحة، وأضافت: "من الصعب معرفة من يريد بالفعل العمل معك، ومن يستخدمك فقط ليبدو أنه أكثر انفتاحاً، كي لا يخسر المال".

وبدأت كل من كولفين وغلاسبي 2020، مع خطط كبيرة. وكانت غلاسبي تأمل أن تكون هذه السنة التي تتخلى فيها عن عملها النهاري للتفرّغ للخيوط فقط. ومع بداية السنة، كانت مشاركة في مناسبات عدة بشكل شهري. وفي فبراير ذهبت كولفين إلى كاليفورنيا قبل أن يتم إغلاق كل شيء.

وفي مارس، كانت كولفين تستعد لنقل مشروعها خارج موقف السيارات الخاص بها. وكانت تحتاج إلى مساحة للعمل في البيع بالجملة، وأرادت إنشاء مركز مجتمعي، حيث يمكنها القيام بدورات تعليمية، وقالت إنها أرادت أن تقدم مكاناً للاجتماع، ويكون مخصصاً للحياكة والخيوط.

وحين وجدت المكان المثالي بسعر جيد، وكانت تخطط للتوسّع، بدأ الإقفال التام، وهو ما جعلها تعيد النظر فيما إذا كان التوقيع على عقد إيجار لمدّة 5 سنوات، والتخلّي عن خطتها أمراً حكيماً. وقالت: "لقد بكيت لأربعة أيام ربما".

واشترت كولفين وزوجها مؤخراً منزلاً جديداً في حي أكثر تنوعاً، وقال "أريد أن يرى أطفالي الأشخاص ذوي البشرة السمراء"، كما أن منزلها الجديد سيسمح لها بتحويله إلى "منزل الصباغة" الخاص بها. فهي تخطط لتوظيف بعض الأشخاص وتوسيع الإنتاج.

*هذه المادة من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ

اضغط هنا لقراءة النص من المصدر