
فرض تفشّي فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد- 19)، إجراءات إغلاق احترازية في جميع أنحاء العالم، وجاءت صالونات الحلاقة على رأس قائمة القطاعات الممنوعة من العمل.
وبعد مرور أكثر من شهر على الحجر المنزلي في الكثير من الدول، أدرك الرجال أهمية "الحلاقة" في حياتهم، ليلجأ كثيرون إلى القيام بهذه المهمة بأنفسهم أو الاستعانة بأحد أفراد العائلة لمساعدتهم في هذه العملية. واللافت أن كثيرين منهم شاركوا تجاربهم عبر مواقع التواصل.
كانت النتائج كارثية لدى البعض، فلجأوا إلى حلق شعر الرأس كاملاً، وهو ما يعرف بـ "حلاقة الزيرو"؛ لإصلاح ما أفسدوه، في حين لجأ آخرون إلى اختصار الطرق، واختاروها من البداية كونها أسهل طرق الحلاقة في المنزل.
وفي حين أن اللجوء إلى حلاقة الشعر كاملاً، نبع من المعاناة التي يواجهها البشر اليوم، ولكن لهذه القصة تاريخ طويل، كما تدل على بعض المواقف السائدة آنذاك، والتي تفاوتت بين كونها رمز للقوة أو التمرد.
رمز للقوة
وفقاً لشبكة "سي إن إن" الأميركية، شاع حلق الرأس كاملاً في نهاية القرن التاسع عشر، للذكور من الأطفال غالباً، كرمز للنظافة في ذلك الوقت. وانتشرت بشكل كبير في الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة والصين.
اعتمدت قصّة الشعر هذه لاحقاً بين المجنّدين عند انضمامهم للخدمة العسكرية. ومن هنا جاءت تسميتها: "حلاقة التجنيد" أو "Induction Cut"، الذي لا يزال مستخدماً في الولايات المتحدة حتى اليوم. وجرى فرضها لمنح المجنّدين مظهراً موحّداً، ولمنع انتشار القمل في المعسكرات أيضاً.
وعلى الرغم من بساطة قصة "الزيرو"، إلا أنها كانت ترمز إلى الرجولة والقوة في هذه الفترة، حتى جاءت الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، ومن بعدها حرب فيتنام في عام 1955، وقلبتا "رمز القوة" إلى النقيض تماماً.
تمرّد
فجأة، لم تعد "حلاقة الزيرو" تشير إلى النظافة والقوة، بل اعتبرت من رموز المؤسسة العسكرية "الملطخة بالدماء"، وفقاً لوصف معارضي الحروب.
وتبنى جيلُ ما بعد الحرب ثقافةَ الـ "Beatnik" أو "ثقافة البيت"، في فترة الخمسينيات من القرن العشرين، ورفضوا ما وصفوه بـ "المجتمع الاستهلاكي"، وأداروا ظهورهم لموضة حلق الرأس كاملاً، وتمرّدَ الشباب عليها بإطالة شعرهم.
لاحقاً في الستينات، بقي الشعر الطويل رمزاً للتمرّد على المجتمع، وأصبح من الشائع رؤية الشباب بشعر طويل منسدل، وبات حلق الرأس كاملاً موضة قديمة تنسجم مع "العادات البالية".
واستمرّت موجة التمرّد على المجتمع ومؤسساته آنذاك، لكن مع صعود ثقافة الـ "Punk" أو "البانك" المعروفة بثوريّتها، اتخذ التمرّد شكلاً آخر.
نشأت ثقافة "البانك" في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في فترة السبعينيات، وكانت علامة على التمرد والفوضى، إذ جعل الشباب من أزيائهم الغريبة ورؤوسهم الحليقة، وسيلة للفت الانتباه إليهم، وللتعبير عن أفكارهم، ورفضهم للبطالة والتمييز الاجتماعي السائد آنذاك.
رفض التمييز ضد المرأة
في ثمانينات القرن الماضي، استخدمت حركات نسويّة حلق الرأس بالكامل، كوسيلة للتعبير عن رفضهنّ للتمييز ضد المرأة، ولتغيير صور الجمال النمطية السائدة في وسائل الإعلام، مثل البشرة البيضاء والشعر الأشقر المنسدل.
وكانت الفنانة الإيرلندية سينيد أوكونور رائدة في هذا المجال، وقالت ذات مرة، إنها "حلقت شعرها بالكامل بعدما اشتُرط عليها إطالته لإضفاء جمال على مظهرها".
وفي الفترة الممتدة من التسعينيات وحتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لعب نجوم هوليوود دوراً بارزاً في شيوع "حلاقة الزيرو"، لترمز إلى الحضور القوي للرجل، ولعلّ أبرزهم براد بيت وديفيد بيكهام.
وعندما حلقت النجمة الأميركية بريتني سبيرز، شعر رأسها كاملاً في عام 2007، بدا هذا التصرّف رمزاً صارخاً للتحرّر والجرأة، حتى راجت مؤخراً قصة الشعر "نصف المحلوقة"، وظهرت نجمات مثل ميلي سايرس، وكيشا، وكاسي بشعر محلوق من جانب واحد.
نصائح لحلاقة ناجحة في المنزل
3 أسابيع في الحجر المنزليّ، كافية لإجبار كثير من الرجال على اتخاذ قرار حاسم باللجوء إلى "الحلاقة الذاتيّة"، ويمكن للعملية أن تتمّ بسلام عبر الاستعانة بفيديو توضيحي من موقع "يوتيوب".
الأمر ليس بهذه الصعوبة، ومن الممكن أن تكون زوجتك حلاقك الخاص هذه الفترة، وهو ما حدث مع الصحافي الأميركي جون بيرتزبرن، إذ ظهر وزوجته في مقطع مصور، موثّقاً حلقها لشعر رأسه أثناء تواجدهما في الحجر المنزليّ. وقالت الزوجة إنها لم تجد في المنزل سوى مقص مطبخ وآخر صدئ، لكنّها نجحت في المهمة على الرغم من قلة الإمكانيات المتاحة.
إليكم نصائح أساسية يمكنكم اتباعها قبل وأثناء حلاقة الشعر في المنزل:
- اختيار مكان مناسب، وينصح بالحمام إذا كان واسعاً ويتيح الحركة بسهولة.
- اختيار كرسي مرتفع وبمسند قصير، ويفضل ألا يكون مكسوّاً بأيّ نوع من الأقمشة.
- استخدام ماكينة حلاقة شعر كهربائية، كأفضل وسيلة لقص الشعر بسهولة، والتأكد من اختيار الدرجة المناسبة لاختبار عملية قصة الشعر، وينصح بزيادة درجة قص الشعر المعتادة بواقع درجة أو اثنتين.
- البدء بقصّ الشعر من الأطراف السفلية والانتقال منها إلى الأعلى، والحرص على قصّ الشعر بعكس اتجاه نموّه، وطيّ الأذنين عند الحلاقة في محيطهما لتجنب جرحهما.
- استخدام ماكينة تحديد الشعر أو ماكينة حلاقة الذقن كخطوة أخيرة لتحديد أطراف الشعر، مع الحذر الشديد إذا لم يكن الفرد متمكناً من الحلاقة.