أعلنت وكالة الأنباء الإيطالية "أنسا"، الاثنين، وفاة زعيم المافيا الإيطالية، ماتيو ميسينا دينارو، الذي ألقت السلطات القبض عليه في يناير الماضي، بعد أن ظل هارباً على مدى 30 عاماً.
وكان ميسينا دينارو، المتوفي عن 61 عاماً، والذي أطلقت عليه الصحافة الإيطالية لقب "العراب الأخير"، يعاني من السرطان، وقت إلقاء القبض عليه. وبعد تدهور حالته الصحية في الأسابيع الأخيرة، جرى نقله إلى المستشفى من سجن شديد الحراسة في وسط إيطاليا، احتجز فيه بعد القبض عليه.
وأفادت "أنسا" بأن دينارو، لم يطلب أي علاج طبي مكثف، مضيفة أن المسعفين توقفوا عن إطعامه بعد الإعلان عن دخوله في غيبوبة "لا يُشفى منها".
وأدين ميسينا دينارو، بارتكاب العديد من الجرائم، منها دوره في التخطيط لاغتيال اثنين من ممثلي الادعاء المناهضين للمافيا، هما جيوفاني فالكوني، وباولو بورسيلينو في عام 1992، وهي من الجرائم التي هزت إيطاليا، وأطلقت شرارة حملة أمنية واسعة على عصابات صقلية.
واتُهم أيضا بالمسؤولية عن تفجيرات في روما وفلورنسا وميلانو في عام 1993، والتي أودت بحياة 10 أشخاص، بالإضافة إلى المساعدة في تدبير اختطاف جوزيبي دي ماتيو (12 عاماً) حتى لا يدلي والده بشهادة ضد المافيا. واحتجز الصبي لمدة عامين ثم قُتل.
ولا يُعتقد أن ميسينا دينارو، قد قدم أي معلومات للشرطة بعد إلقاء القبض عليه أمام عيادة صحية خاصة في باليرمو عاصمة صقلية في 16 يناير الماضي.
وبحسب سجلات طبية مسربة لوسائل إعلام إيطالية، فقد خضع لعملية جراحية لعلاج سرطان القولون في عامي 2020 و2022 تحت اسم مستعار. وقال طبيب في عيادة باليرمو لصحيفة "لا ريبوبليكا"، إن صحة ميسينا دينارو، تدهورت بشكل كبير في الأشهر التي سبقت القبض عليه.
ولد ميسينا دينارو، وهو ابن أحد أعضاء المافيا، في بلدة كاستلفترانو، بجنوب غرب صقلية في عام 1962. وتبع نهج والده في الالتحاق بالمافيا، وكان يحمل مسدساً بالفعل عندما كان في الخامسة عشرة من عمره. وتقول الشرطة إنه نفذ عملية القتل الأولى عندما كان عمره 18 عاماً.
الزعيم الأعلى
وكانت عائلة "كاستلفترانو" Castelvetrano متحالفة مع عائلة "كورليونيسي" Corleonesi، بقيادة سلفاتوري "الوحش" رينا، الذي أصبح "الزعيم الأعلى" بلا منازع للمافيا الصقلية، المعروفة باسم "كوزا نوسترا" Cosa Nostra وتعني "شيء لنا"، وذلك بفضل سعيه الحثيث إلى السلطة.
أصبح ميسينا دينارو، الملقب بـ U Siccu (النحيف)، تلميذاً لسلفاتوري، وأظهر أنه يمكن أن يكون عديم الرحمة تماماً مثل معلمه، وتلقى 20 حكماً بالسجن مدى الحياة في محاكمات عقدت غيابياً لدوره في مجموعة من جرائم القتل. وكان دينارو نفسه قد ادعى ذات مرة أنه قتل ما يكفي من الأشخاص لملء مقبرة.
واختبأ في عام 1993 عندما بدأ عدداً متزايد من الواشين بتقديم تفاصيل عن دوره في المافيا، لكن المحققين يعتقدون أنه نادراً ما كان يتجول بعيداً عن صقلية.
وتقول الشرطة، إنه أمضى معظم عام 2022 مختبئاً في كامبوبيلو دي مازارا، وهي بلدة يبلغ عدد سكانها نحو 11 ألف نسمة، تبعد مسافة قصيرة بالسيارة من منزل والدته غرب صقلية.
وتواصل مع أعضاء المافيا الآخرين عبر "بيتزيني"، وهي قطع صغيرة من الورق مكتوبة أحياناً برموز يوزعها رسل، واعترضت الشرطة بعضها.
ولم يتزوج قط، لكنه كان معروفاً أن لديه عدداً من العشيقات. كتب دينارو أنه كان لديه ابنة، لكنه لم يقابلها قط.
وعلى الرغم من سمعته السيئة، شكك ممثلو الادعاء دائماً في أن ميسينا دينارو أصبح "الزعيم الأعلى للمافيا"، مشيرين إلى أنه من المرجح أنه كان مجرد زعيم عائلة "كوزا نوسترا" في غرب صقلية.