دعا باحثون المديرين إلى اعتماد نظام العمل الهجين، بعدما وجدوا دليلاً في الصين على أن العمل من المنزل يقلل من احتمالية استقالة الموظفين، ويمكن أن يوفر ملايين الدولارات للشركات.
وقال الفريق، وفق الدراسة المنشورة في مجلة "Nature" العلمية، إن نماذج العمل عن بعد "عززت الرضا الوظيفي، وقللت معدلات الاستقالة بواقع الثلث"، بتراجعٍ "هائلٍ" شوهد "في فئة غير المديرين، والموظفات، وهؤلاء الذين يقطعون مسافات طويلة للوصول لمقار العمل".
وأضاف الفريق، الذي بحث آثار النظام على أكثر من 1600 موظف بالصين يعملون لدى موقع "Trip.com" خلال عامي 2021، و2022: "الجدول الهجين القائم على العمل يومين في الأسبوع من المنزل (وثلاثة من المكتب) لا يؤثر سلباً على الأداء".
مزايا العمل الهجين
ووجدت الشركة أن كل استقالة تكلف نحو 20 ألف دولار بمجرد انتهائها من عملية توظيف، وتدريب بديل، مما يعني أن خفض معدلات الاستقالة من خلال العمل الهجين يمكن أن "يوفر ملايين الدولارات".
وكان لدى الصين التي بدأت فيها جائحة كوفيد-19، بعض من أشد وأطول القيود المتعلقة بالفيروس على حركة البشر.
وأصبح ما يطلق عليه العمل الهجين الذي يعني تقسيم الوقت بين العمل عن بعد ومن المكتب، شائعاً في العشرات من الدول خلال الجائحة وعصر الإغلاق، والذي استمر حتى 2023 في الصين.
ويقدر الباحثون أن نحو 100 مليون شخص في أوروبا، وأميركا الشمالية هم من موظفي العمل الهجين، وجميعهم تقريباً من خريجي الجامعات من أصحاب الأعمال المكتبية.
بحسب "بلومبرغ"، الأربعاء، كان أصحاب الاحتياجات الخاصة من أكبر المستفيدين من انتشار العمل عن بعد، فقد تمكنوا من دخول سوق العمل الأميركية بمعدلات قياسية خلال السنوات الثلاث الماضية.
قال جون أونيل، مدير مركز البحوث في مجال العمالة وأصحاب الاحتياجات الخاصة، التابع لمؤسسة "كيسلير" (Kessler Foundation)، إن تبني العمل عن بعد، إلى جانب ساعات العمل المرنة، وتشارك الوظيفة نفسها، منح أشخاصاً لطالما كانوا على هامش سوق العمل فرصةً لدخولها.
وبيّنت "مجموعة الابتكار الاقتصادي" (Economic Innovation Group) أن 12.6% من الموظفين من ذوي الاحتياجات الخاصة كانوا يعملون عن بعد تماماً في النصف الأول من 2024، بالمقارنة مع 10.6% ممن سواهم من الموظفين.
أنماط العمل المرنة
والعام الماضي، وجدت دراسة أجراها باحثون من "جامعة تكساس إيه آند إم" الأميركية أن ترتيبات أنماط العمل المرنة، مثل العمل الهجين، أو العمل 4 أيام في الأسبوع، قد تجعل الموظفين أكثر سعادة، وإنتاجية.
وفق بيانات تعود إلى مايو 2023، يعمل نحو 60% من الموظفين الأميركيين بدوام كامل بأجر بمواقع العمل، وتعمل معظم النسبة المتبقية عن بُعد، أو يجمعون بين العمل عن بُعد والعمل بالشركة، وكثير منهم لديهم أسبوع عمل مضغوط؛ حيث يعملون لساعات أطول خلال أيام أقل.
وقال الباحث المشارك مارك بيندن، رئيس قسم الصحة البيئية والمهنية بالجامعة: "وجدت دراسات أخرى أن أولئك الذين يعملون من المنزل أو يعملون أياماً أقل، يعانون ضغوطاً أقل في التنقل، ومن سياسات مكان العمل، وعوامل أخرى، ويكون لديهم مزيد من الرضا الوظيفي".
وأضاف: "تمنح هذه الترتيبات الموظفين مزيداً من الوقت مع أسرهم، وتقلل الخلافات داخل العمل والأسرة، كما تمنحهم مزيداً من الوقت لممارسة الرياضة والأنشطة الترفيهية، والتي ثبت أنها تحسن الصحة البدنية والعقلية".
وأكد الباحثون أن "ترتيبات العمل المرنة قد تعزز النتائج النهائية للشركة بطرق أخرى، مثل خفض فاتورة الكهرباء، وانبعاثات الكربون"، ويذهب خبراء إلى القول إن النقطة المهمة تتمثل بأن جميع الفئات العمرية تدعم ترتيبات العمل الهجين.
ووفق مقال سابق نشرته "بلومبرغ"، فمن الواضح أن الرغبة في خفض وقت التنقل، تعد الميزة الأكثر ذكراً بالنسبة للعمل عن بُعد، وهي تتجاوز الموظفين الأكبر سناً؛ حيث يشعر الموظفون الأصغر سنّاً بتأثير تكاليف التنقل بشكل أكبر على دخلهم المتاح للإنفاق، وغالباً ما تكون الأجزاء الأكثر مركزية من شبكات النقل العام هي الأكثر ازدحاماً.
في الوقت نفسه، فإن جيل الألفية أمضى عامين تقريباً في اعتياد العمل المشترك في المنازل، والتفاوض بشأن المساحات المشتركة للعمل مع شركاء السكن.