بعد كشف خان يونس.. ماذا نعرف عن المقابر الجماعية؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
فرق الدفاع المدني الفلسطينية تنتشل جثثاً من مقبرة جماعية في مستشفى ناصر بخان يونس. 21 أبريل 2024 - AFP
فرق الدفاع المدني الفلسطينية تنتشل جثثاً من مقبرة جماعية في مستشفى ناصر بخان يونس. 21 أبريل 2024 - AFP
لاهاي -رويترز

أثار اكتشاف مقابر جماعية في مستشفيين بقطاع غزة، دعوات من مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان وآخرين، لإجراء تحقيق دولي، فيما قالت السلطات الفلسطينية إنها تحوي مئات الجثث.

ولا تعريف للمقبرة الجماعية في القانون الدولي، لكن المتعارف أنها موقع دفن يحتوي على جثث عديدة، وقد يكون وجودها مهماً في الكشف عن جرائم حرب محتملة.

ماذا يُعرف عن المقابر الجماعية المكتشفة في غزة؟

قالت السلطات الفلسطينية إن موقع دفن اكتشف في مستشفى ناصر، المنشأة الطبية الرئيسية في وسط غزة، عثر فيه على نحو 400 جثة. 

واكتشف الموقع بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من مدينة خان يونس، وشاهد مراسلو وكالة "رويترز"، الاثنين الماضي، عمال طوارئ وهم يستخرجون جثثاً من تحت أنقاض مستشفى ناصر.

وعثرت السلطات الفلسطينية أيضاً على موقع دفن آخر في مستشفى الشفاء بشمال غزة، استهدفته عملية للقوات الخاصة الإسرائيلية. 

وقالت رافينا شمداساني، المتحدثة باسم فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الثلاثاء الماضي، إنه يتعين إجراء تحقيق للتثبت من عدد الجثامين، لكن "من الواضح أن جثثاً كثيرة اكتشفت".

وأضافت: "كانت أيدي بعضهم مقيدة فيما يشير بالطبع إلى انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ويتعين إخضاع هذا لمزيد من التحقيقات".

هل هناك تحقيق؟

تجري المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي تحقيقاً بالفعل في تداعيات هجوم حركة "حماس" في السابع من أكتوبر الماضي، ورد فعل الجيش الإسرائيلي.

ويتمتع مكتب الادعاء في المحكمة بالولاية القضائية في الأراضي الفلسطينية، لكنه لم يصدر أي تصريحات عن اكتشاف لمقابر جماعية.

في أي أماكن أخرى اكتشفت مقابر جماعية؟

تشمل الأمثلة في الآونة الأخيرة الصراعات في السودان وأوكرانيا.

وتقول كييف إن أكثر من 1400 شخص سقطوا في بلدة بوتشا أثناء سيطرة القوات الروسية لها بعد غزوها الشامل لأوكرانيا في 24 فبراير 2022، فيما اكتُشف أكثر من 175 من الضحايا في مقابر جماعية.

وبمناسبة مرور عامين على الأحداث، قال المدعي العام الأوكراني أندريه كوستين هذا الشهر، إن "القتل يحمل البصمات المميزة للإبادة الجماعية". 

وفي غرب دارفور بالسودان، دُفنت ألف جثة على الأقل في مقبرة الغابة في مذابح على مدى أسابيع في مدينة الجنينة بين أبريل ويونيو من العام الماضي.

هل العبث بمقبرة جماعية غير قانوني؟

بموجب اتفاقات جنيف لعام 1949 التي وقعت عليها إسرائيل، يتعين على أطراف نزاع ما، اتخاذ كل التدابير الممكنة لمنع أي عبث بجثث الموتى.

ويدعو القانون الدولي الإنساني العرفي إلى احترام الموتى، بما في ذلك واجب منع العبث بالقبور، وضمان التعرف على الرفات البشرية، ودفنها بشكل لائق.

ويحظر القانون الدولي الإنساني أيضاً التشويه والتدنيس وغير ذلك من أشكال عدم الاحترام للموتى، ويجب على الأطراف اتخاذ تدابير لحماية مواقع الدفن ومن بينها تلك التي تحتوي على رفات أعداد كبيرة من الموتى.

وفي عام 2002، في قضية تتعلق بمقتل فلسطينيين في مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بأن وزارة الدفاع الإسرائيلية مسؤولة، بموجب القانون الدولي، عن "تحديد موقع وهوية ونقل ودفن جثث" القتلى الفلسطينيين. 

وقال القضاة، إنه يجب ألا تدفن الجثث في مقابر جماعية بل تُسلم إلى السلطات الفلسطينية.

ويعرّف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تدنيس جثث الموتى أو التمثيل بها بأنه "جريمة حرب"، وهو شيء محظور باعتباره إهانة للكرامة الشخصية.

ووصف الجيش الإسرائيلي في بيان، ما اعتبره مزاعم السلطات الفلسطينية بأن قواته دفنت الجثث، بأنها "لا تستند لأي أساس". 

وأضاف أن "المقابر حفرها فلسطينيون"، ونشر لقطات تظهر أن المقابر تعود إلى ما قبل عمليات الجيش الإسرائيلي.

وذكر الجيش الإسرائيلي، أن قواته التي كانت تبحث عن محتجزين إسرائيليين، فحصت الجثث المدفونة بالقرب من مستشفى ناصر ثم أعادتها. 

وتابع، "أجري الفحص باحترام مع الحفاظ على حرمة الموتى".

هل كانت المقابر الجماعية مهمة في محاكمات جرائم الحرب الماضية؟

لعبت الأدلة المستقاة من استخراج الجثث من المقابر الجماعية دوراً حيوياً في محكمة جنائية دولية للأمم المتحدة في يوغوسلافيا السابقة، وأقرت المحكمة أن مذبحة سربرينيتشا عام 1995 التي قتلت فيها قوات صرب البوسنة نحو 8 آلاف شخص كانت إبادة جماعية.

وفي محاكمة جنرال قوات صرب البوسنة، راديسلاف كرستيتش، وهو أول شخص تدينه المحكمة الخاصة بيوغوسلافيا السابقة بالإبادة الجماعية عام 2001، وجد القضاة أن الأدلة المستمدة من عمليات استخراج الجثث التي تظهر أن مئات الضحايا قد دفنوا معصوبي الأعين وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم على الأرجح وهو ما كان كافياً لاستنتاج أنهم لم يلاقوا حتفهم في قتال.

وقالت اللجنة الدولية لشؤون المفقودين في بيان عن غزة، الأربعاء الماضي، إن "المقابر الجماعية تحتوي على أدلة حيوية لإثبات حقيقة ما وقع من أحداث، يتعين اتخاذ إجراءات على الفور لحماية وتوثيق المواقع التي وردت تقارير عن وجود مقابر جماعية فيها بغزة".

وأضافت اللجنة التي ساعدت في التعرف على آلاف الضحايا المدفونين في مقابر جماعية في حروب البلقان في التسعينيات، أنه في حالة وقوع جرائم حرب فإن "هذه العمليات تتيح تقديم الجناة إلى العدالة".

ما عواقب انتهاك القوانين المتعلقة بالمقابر الجماعية؟

إذا أدت إعادة الدفن أو فتح المقابر الجماعية إلى تدنيس الرفات البشرية، فمن الممكن أن توجه المحكمة الجنائية الدولية اتهامات. 

وبوسع المحكمة أيضاً أن تستخدم تقارير عن محاولة التستر على جرائم، بدفن جثث في مقابر جماعية كدليل يدعم أن الجناة كانوا يعلمون أن هذا القتل غير قانوني.

ويستطيع القضاة استخدام الحالات المؤكدة لأشخاص قتلوا وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، للتوصل إلى أن الموتى لم يكونوا من النشطين في القتال. 

وبموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يعتبر قتل أو جرح مقاتل أثناء الاحتجاز "جريمة حرب".

تصنيفات

قصص قد تهمك