إسرائيل تحاصر الفلسطينيين في غزة بتقنية التعرف على الوجوه.. ما مدى الدقة؟

time reading iconدقائق القراءة - 9
جنود إسرائيليون في قطاع غزة. 27 مارس 2024 - Reuters
جنود إسرائيليون في قطاع غزة. 27 مارس 2024 - Reuters
دبي-الشرق

لجأت إسرائيل، خلال الحرب التي تشنها على قطاع غزة، إلى تقنية التعرف على الوجوه، المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة، لجمع معلومات الفلسطينيين ورصد المشتبه بانتمائهم إلى حركة "حماس" أو غيرها من التنظيمات، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين استخباراتيين قولهم إن هذه التكنولوجيا استخدمت في البداية بقطاع غزة للبحث عن الإسرائيليين الذين احتجزتهم حركة "حماس" كرهائن بعد هجوم 7 أكتوبر، لكن زاد استخدامها بعد أن شرعت إسرائيل في الاجتياح البري.

وقال أحد الضباط إن هذه التكنولوجيا، في بعض الأحيان، كانت تخطئ بتصنيف مدنيين على أنهم من مقاتلي "حماس" المطلوبين، إذ أوضحت 3 مصادر مطلعة على البرنامج إنهم "يتحدثون علناً عن مخاوف من إساءة استخدام الوقت والموارد من قبل إسرائيل".

وكان الشاعر الفلسطيني مصعب أبو توهة واحد من مئات الفلسطينيين الذين تم اختيارهم من خلال البرنامج الإسرائيلي للتعرف على الوجوه، والذي لم يتم الكشف عنه سابقاً وبدأ في غزة أواخر العام 2023.

التعرف على جنود إسرائيليين

وقال 4 ضباط استخبارات لـ "نيويورك تايمز" إن برنامج التعرف على الوجوه، الذي تديره وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك وحدة قسم الاستخبارات الإلكترونية 8200، يعتمد على تكنولوجيا من شركة "كورسايت" الإسرائيلية الخاصة. 

وأوضح أحدهم أن أفراد الوحدة 8200 سرعان ما اكتشفوا أن تقنية "كورسايت" تواجه مشكلات، إذا كانت صور وجوه الأشخاص تُظهر إصابة ما، فعندما حاول الجيش التعرف على جثث الإسرائيليين الذين قُتلوا في 7 أكتوبر، لم تكن هذه التكنولوجيا تعمل دائماً.

وأضاف الضابط أن "هناك نتائج إيجابية كاذبة، أو حالات تم فيها عن طريق الخطأ تصنيف شخص على أنه مرتبط بحماس".

اقرأ أيضاً

إسرائيل تطلب من ماسك تفعيل Starlink لتأمين الاتصالات خلال الحرب

تسعى إسرائيل للحصول على Starlink للإنترنت الفضائي التي تُقدمها "SpaceX"، المملوكة لإيلون ماسك. بهدف استخدام الخدمة كنظام اتصال احتياطي خلال الحرب ضد قطاع غزة.

ولتكملة تكنولوجيا "كورسايت"، استخدم الضباط الإسرائيليون صوراً من "جوجل"، وهي خدمة مشاركة وتخزين الصور المجانية، ومن خلال تحميل قاعدة بيانات للأشخاص المعروفين إلى "جوجل"، يمكن للضباط الإسرائيليين استخدام وظيفة البحث عن الصور في الخدمة لتحديد هوية الأشخاص.

وقال أحد الضباط إن "قدرة جوجل على مطابقة الوجوه والتعرف على الأشخاص حتى مع ظهور جزء صغير فقط من وجوههم، كانت متفوقة على التقنيات الأخرى، ما عزز من مواصلة استخدام "كورسايت"، لأنه قابل للتخصيص.

الشركة، التي يقع مقرها الرئيسي في تل أبيب، قالت على موقعها الإلكتروني إن تقنيتها تتطلب أقل من 50% من الوجه ليكون مرئياً للتعرف عليه بدقة. 

وقال رئيس الشركة روبرت واتس، هذا الشهر على موقع LinkedIn، إن تقنية التعرف على الوجوه "يمكن أن تعمل في زوايا متطرفة، حتى من الطائرات بدون طيار وفي الظلام، وبجودة رديئة"، في حين قال متحدث باسم "جوجل" إن الصور منتج استهلاكي مجاني "لا يوفر هويات لأشخاص غير معروفين في الصور".

نقاط تفتيش بكاميرات

ونما برنامج التعرف على الوجوه في غزة مع قيام إسرائيل بتوسيع هجومها العسكري هناك، إذ تم تزويد الجنود الإسرائيليين الذين يدخلون غزة بكاميرات مجهزة بهذه التكنولوجيا، كما أقام الجنود نقاط تفتيش على طول الطرق الرئيسية التي يستخدمها الفلسطينيون للفرار من مناطق القتال العنيف، مع كاميرات لمسح الوجوه.

وقال ضباط الاستخبارات الإسرائيلية إن "أهداف البرنامج كانت البحث عن الرهائن الإسرائيليين، وكذلك مقاتلي حماس الذين يمكن احتجازهم للاستجواب".

وأضاف أن المبادئ التوجيهية بشأن من يجب إيقافه كانت واسعة النطاق، إذ طُلب من السجناء الفلسطينيين تسمية أشخاص من مجتمعاتهم يعتقدون أنهم جزء من "حماس"، لتقوم إسرائيل بعد ذلك بالبحث عن هؤلاء، على أمل أن يقدموا المزيد من المعلومات الاستخباراتية.

"أبو توهة"

وقال ضباط الاستخبارات الإسرائيلية إن الشاعر أبو توهة تم تسميته كأحد نشطاء "حماس" من قبل شخص ما في بلدة بيت لاهيا شمال غزة، حيث كان يعيش مع عائلته، مشيراً إلى عدم وجود معلومات استخباراتية محددة مرفقة بملفه توضح علاقته بالحركة.

وفي مقابلة، قال أبو توهة، الذي كتب "أشياء قد تجدها مخبأة في أذني: قصائد من غزة"، إن "لا علاقة له بحماس"، وعندما تم إيقافه هو وعائلته عند نقطة تفتيش عسكرية في 19 نوفمبر، أثناء محاولتهم المغادرة إلى مصر، قال إنه "لم يُظهر أي هوية، عندما طُلب منه الخروج من ضمن حشد".

وبعد تقييد يديه واقتياده للجلوس تحت خيمة مع عشرات الرجال، سمع أحدهم يقول إن الجيش الإسرائيلي استخدم "تكنولوجيا جديدة" ضد المجموعة، وفي غضون 30 دقيقة، ناداه الجنود الإسرائيليون باسمه القانوني الكامل.

وقال أبو توهة إنه "تعرض للضرب والاستجواب في مركز اعتقال إسرائيلي لمدة يومين قبل إعادته إلى غزة دون أي تفسير "، وكتب عن تجربته في مجلة "نيويوركر"، ونسب إطلاق سراحه إلى حملة قادها صحافيون في المجلة ومنشورات أخرى. وبعد إطلاق سراحه، أخبره الجنود الإسرائيليون أن استجوابه كان "خطأ".

وتبين أن أبو توهة قد دخل إلى مجموعة من الكاميرات المزودة بتقنية التعرف على الوجوه، وبعد مسح وجهه والتعرف عليه، وجد برنامج الذكاء الاصطناعي أن الشاعر مدرج على قائمة إسرائيلية للمطلوبين.

وفي بيان صدر في ذلك الوقت، قال الجيش الإسرائيلي إن أبو توهة تم احتجازه للاستجواب بسبب "معلومات استخباراتية تشير إلى عدد من التفاعلات بين عدة مدنيين ومنظمات إرهابية داخل قطاع غزة".

وقال أبو توهة الموجود الآن في القاهرة مع عائلته: "لم أكن أعلم أن إسرائيل تلتقط أو تسجل وجهي، لكن إسرائيل تراقبنا منذ سنوات من السماء بطائراتها بدون طيار. لقد كانوا يراقبوننا ونحن نعمل في البستنة ونذهب إلى المدارس. أشعر كأنني مراقب لفترة طويلة".

"قائمة اغتيالات"

وقال الباحث في منظمة العفو الدولية مات محمودي إن استخدام إسرائيل برنامج التعرف على الوجوه يمثل مصدر قلق، لأنه قد يؤدي إلى تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم ​​بشكل كامل حيث لا يُنظر إليهم كأفراد. 

وأضاف أن "من غير المرجح أن يشكك الجنود الإسرائيليون في هذه التكنولوجيا، عندما يتعرفون على شخص ما على أنه جزء من جماعة مسلحة، على الرغم من أن التكنولوجيا قد ترتكب أخطاء".

ووفقاً لتقرير أصدرته منظمة العفو الدولية، العام الماضي، استخدمت إسرائيل في السابق تقنية التعرف على الوجوه في الضفة الغربية والقدس، لكن الجهود المبذولة في غزة تذهب إلى أبعد من ذلك.

وفي الضفة الغربية والقدس، يمتلك الإسرائيليون نظاماً محلياً للتعرف على الوجوه يسمى Blue Wolf، عند نقاط التفتيش، ففي مدن مثل الخليل، يتم فحص الفلسطينيين بواسطة كاميرات عالية الدقة قبل السماح لهم بالمرور. 

وقال التقرير إن الجنود يستخدمون تطبيقات الهواتف الذكية لمسح وجوه الفلسطينيين وإضافتها إلى قاعدة البيانات.

لكن في غزة، التي انسحبت منها إسرائيل عام 2005، لم تكن هناك تكنولوجيا للتعرف على الوجه، إذ قال ضباط إسرائيليون إن مراقبة أفراد "حماس" في غزة كانت تتم من خلال التنصت على خطوط الهاتف، واستجواب السجناء الفلسطينيين، وجمع لقطات الطائرات بدون طيار، والوصول إلى حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، واختراق أنظمة الاتصالات.

وبعد 7 أكتوبر، لجأ الضباط إلى تلك المراقبة للحصول على معلومات عن "حماس"، إذ فحصوا لقطات من الهجمات، بالإضافة إلى مقاطع الفيديو التي قامت "حماس" بتحميلها على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين تم إخبار الوحدة بإعداد "قائمة اغتيالات" لأعضاء الحركة الذين شاركوا في الهجوم.

تصنيفات

قصص قد تهمك