رجاء الجداوي.. 60 عاماً من "الفن والأناقة"

رجاء الجداوي في فترة الشباب  - Instagram
رجاء الجداوي في فترة الشباب - Instagram
القاهرة-خيري الكمار

في هدوء يرقد جسدها المتعب، خاضعاً لجهاز التنفس الاصطناعي، ترك المرض آثاره على الوجه والجسد، تنتشر صورة  لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي في محنة المرض، لتنهال التعليقات بالدعاء لها بالشفاء، فيما يعلّق البعض بأنها "لم تفقد أناقتها"، تلك السمة التي لازمتها عبر مسيرة فنية امتدت لتلامس عتبة عامها الثاني والستين، قبل أن تنتهي اليوم برحيلها جراء مضاعفات إصابتها بفيروس كورونا، لتغادر الحياة عن عمر يناهز الثانية والثمانين.

إلى مستشفى العزل بمدينة الإسماعيلية نقلت الفنانة الراحلة قبل أكثر من شهر ونصف، عقب تشخيص إصابتها بالفيروس التاجي، لتخضع للعناية والعلاج في مسقط رأسها الذي انتقلت منه مبكراً إلى القاهرة لتلحق بخالتها "تحية كاريوكا" التي كانت سبباً في دخولها عالم الفن عام 1958.

ربما تذكرت رجاء وهي عائدة إلى الإسماعيلية في سيارة الإسعاف المجهزة كيف غادرت المدينة ذاتها لتقيم مع خالتها، وتلتحق بمدرسة "الفرنسيسكان" التي تخرجت فيها وهي تتقن اللغتين الفرنسية والإيطالية، لتعمل مترجمة لفترة قصيرة في شركة للإعلانات، ومنها تنتقل إلى عالمي التمثيل وعروض الأزياء بالتزامن لتحقق في كليهما نجاحات أشعرتها بالرضا، وفي ذاك التوقيت ارتبطت عاطفياً بحارس مرمى النادي الإسماعيلي "حسن مختار" وتزوجته، لينجبا ابنتهما الوحيدة "أميرة".

لعبة النسيان

رغم تقدمها في السن ظل العمل جزءاً أساسياً في تكوينها النفسي والإنساني، لم تتوقف الفنانة الراحلة يوماً عن العمل، إذ شاركت في مسلسل "لعبة النسيان " الذي عرض موسم رمضان الماضي، وفي الأيام الأخيرة من التصوير تعرّضت لوعكة صحية سرعان ما كشفت عن إصابتها بالفيروس المخيف.

على الفور أعلنت الجداوي عن إصابتها، وبدأت رحلة علاج حقنت خلالها بـ"بلازما" متعافٍ من الفيروس، ولكن حالتها تدهورت بشكل مفاجئ، لتنقل إثر ذلك إلى العناية المركزة حيث بقيت حتى أعلنت وفاتها في ساعة مبكرة من صباح اليوم.

كل الأجيال

تميزت رجاء الجداوي بعلاقة قوية مع كل النجوم من مختلف الأجيال، وظلت تعمل حتى قبل دخولها المستشفى بساعات قليلة، وكان من الطبيعي أن تمتلك سجلاً فنياً حافلاً بحصيلة تقارب 370 عملاً بين السينما والدراما التلفزيونية والإذاعية والمسرح، حيث قدمت ما يزيد عن 75  فيلماً لعبت فيها كل الأدوار الرومانسية والكوميدية والتراجيدية، وجسّدت الزوجة والحبيبة والأم.

كما قدمت ما يزيد عن 40 مسلسلاً تلفزيونياً و5مسرحيات وتجربة فوازير وحيدة بعنوان "المناسبات" مع الفنان يحيى الفخراني ،وقدمت العديد من العروض العربية والمصرية كعارضة أزياء حصلت من خلالها على جوائز منها جائزة "ملكة جمال القطن  المصري" عام 1958، و"وشاح سمراء القاهرة" في كرنفال بحديقة الأندلس الذي حصلت من خلاله على جائزة "ملكة حوض البحر المتوسط".

رجاء والزعيم

يظل عادل إمام علامة فارقة في تاريخ رجاء الجداوي، كان يحب هدوءها، ومعه قدمت  عشرة أعمال متنوعة ما بين المسرح والسينما والتلفزيون، ستة أفلام (أزواج طائشون، عصابة حمادة وتوتو، حنفي الأبهة، أمير الظلام، التجربة الدنماركية وبوبوس)، كما قدمت معه أنجح وأشهر مسرحياته "الواد سيد الشغال، الزعيم"، وفي الدراما التلفزيونية قدمت معه مسلسلين (أحلام الفتى الطائر، عوالم خفية)، وهي من الصديقات المقربات من عادل إمام وأسرته.

خلف المايكرفون 

لم تكتف الفنانة الراحلة بأعمالها الفنية، وخاضت تجارب ناجحة في تقديم البرامج التلفزيونية والإذاعية، أبرزها مع الإعلامي عمرو أديب الذي قدمت معه الجداوي فقرة منوعات ضمن برامجه بأسماء مختلفة، وفي قنوات تلفزيونية مثل شبكة أوربت، وأون تي في، وإم إم بي سي مصر.

تصريحات أخيرة

وفي آخر ظهور لها على منصات التكريم، أدلت رجاء الجدواي بآخر تصريحاتها الفنية، خلال تكريمها في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة قبل 5 أشهر، مشيرة إلى أنها لا تجد حرجاً في الإعلان عن عمرها، وهي لا تزال قادرة على العطاء.

وأضافت الجداوي: "لا أخفي سني الحقيقية، وأصبحت أختار أدواراً تناسب عمري، والحياة عبارة عن عبور من جانب إلى جانب والجزاء يأتي على قدر المشقة". وتابعت "لا أريد أن أختم حياتي بفعل سيئ يضر تاريخي وابنتي وحفيدتي، وأهتم بالآخرة مثل الدنيا".