الزمان يسرق المطرب اللبناني مروان محفوظ عن 80 عاماً

الفنان مروان محفوظ في ختام مهرجان الموسيقى العربية الثالث على مسرح الأوبرا بدمشق- 27 أغسطس 2016 - صفحة الفنان مروان محفوظ على فيسبوك
الفنان مروان محفوظ في ختام مهرجان الموسيقى العربية الثالث على مسرح الأوبرا بدمشق- 27 أغسطس 2016 - صفحة الفنان مروان محفوظ على فيسبوك
بيروت-رنا نجار

رحل المطرب اللبناني مروان محفوظ الملقب بصاحب الحنجرة الذهبية، عن عمر يناهز 80 عاماً في العاصمة السورية دمشق التي ذهب إليها ليُحيي آخر حفلاته في دار الأوبرا في 23 يونيو الماضي، ولم يعد.

وأفادت وكالة الأنباء السورية "سانا" بأن الفنان قد توفي جراء إصابته بفيروس كورونا، ما استدعى نقله إلى مستشفى الأسد الجامعي، حيث "سرقه الزمان" كما تقول أغنيته الشهيرة.

ويعد الراحل أحد وجوه زمن الفن الجميل، إذ غنى مع عمالقة الفن الأصيل في لبنان على أهم المسارح العربية والمحلية والأجنبية. في صوته البديع القوي كـ "جبال الصوان" (مسرحية أدى فيها دور البطولة) نفحة جبلية تميّز أداءه الرزين والخفيف في آن واحد، أما إحساسه المرهف فيمنح أداءه مرونة تنقل مستمعيه إلى عالم الطرب القديم وسهول البقاع الواسعة.

عشق ابن بلدة المريجات البقاعية (شرق لبنان) منذ نعومة أظفاره الغناء، حيث تربى في كنف معروفة بالأصوات الجميلة. تتلمذ في العام 1960 على يد أهم الموسيقيين اللبنانيين مثل توفيق الباشا وسليم الحلو وجورج فرح وعبدالغني شعبان، ليفقه علمياً بأصول الغناء والموسيقى.

بداية مبكرة

خطّ محفوظ طريقه الفني الاحترافي في العام 1963 من خلال مشاركته في برنامج "الفن هوايتي" الذي كان يقدمه رشاد البيبي على تلفزيون لبنان، مؤدياً أغنية "طلّ الصباح" لوديع الصافي التي أبرزت صوته الجبلي القوي ومداه الواسع الذي شبّهه النقّاد بمدى سهل البقاع.

ولفت الفنان الراحل نظر عاصي الرحباني ووديع الصافي الذي دعمه كثيراً في الأداء والتوجيه. ثم استدعاه الأخوان الرحباني وضماه إلى فرقتهما. فأصبح من أعمدة أعمالهما، حيث شارك في أول عمل مسرحي في مهرجانات بعلبك الدولية مع "دواليب الهوا" في العام 1965 من بطولة الشحرورة صباح والفنان نصري شمس الدين. 

شارك مروان محفوظ في مهرجانات لبنانية وعربية عريقة، منها مهرجانات بيت الدين والأرز الدولية، وسافر مع فيروز والرحابنة في زيارتهم الشهيرة إلى أميركا الشمالية في العام 1967 حيث أحيوا حفلات عدة.

كما شارك الفنان الراحل في برامج تلفزيونية لبنانية شهيرة مثل "ليالي السعد"، و"دفاتر الليل"، و"ضيعة الأغاني".. ويضم رصيده عشرات الأغاني، أهمها "يا جار الرضا"، "أعود إليك"، وأحلى الحلوين"، "حالف لو شو ما صار"، "طلي من الليل"، "زغيرة ومولدنة".

مرحلة ثانية

ومع الفنان زياد الرحباني، بدأت المرحلة الثانية من مسيرة محفوظ الفنية، إذ لعب صاحب "طلّي من الليل" دور البطولة في مسرحية "سهرية" إلى جانب الفنانة جورجيت صايغ وجوزيف صقر. ولا تزال الأجيال حتى اليوم تحفظ أغاني هذه المسرحية وتغنيها في السهرات والملاهي الليلة والأعراس، ومن أهمها "يا سيف عالإعدا طايل" و"خايف كون عشقتك وحبيتك".

غنى محفوظ للحب والوطن والزمن والفراق والقدر، وتعامل مع كبار الملحنين مثل الأخوين منصور وعاصي رحباني، زكي ناصيف، زياد الرحباني، وديع الصافي، فيليمون وهبي، إلياس رحباني، سهيل عرفة، جوزيف أيوب، عبد الفتاح سكر.

وقدم الفنان الراحل أغنيات من كلمات شعراء مرموقين، مثل موسى زغيب، عبد الجليل وهبي، عيسى أيوب، بطرس ديب، غسان مطر، مصطفى محمود، إضافة إلى تعامله المميز مع الأخوين الرحباني، حيث شارك في مسرحياتهما التي قدماها بين عامي 1965 و1973. ومن بين هذه المسرحيات دواليب الهوا، أيام فخر الدين، هالة والملك، الشخص، يعيش يعيش، صح النوم، ناس من ورق، المحطة، قصيدة حب.

رصيد مسرحي

بين عامي 1969 و1974 عمل مع المخرج ريمون حداد في بيت الدين إلى جانب مجموعة من الفنانين الكبار في مسرحيات كتبها إلياس الرحباني، أيلي شويري وغيرهم، وضمت هذه الأعمال فنانين كباراً، مثل وديع الصافي، نصري شمس الدين، هدى حداد، جورجيت صايغ، ملحم بركات، إيلي شويري وغيرهم.

كما شارك محفوظ ملكة جمال الكون جورجينا رزق بطولة مسرحية "نوار" لكاتبها غسان مطر. كما كان له إطلالة مميزة في السينما اللبنانية في فيلم "سفر برلك" للأخوين الرحباني أيضاً، حيث أدى مواله الشهير "عيني ما تشوف النوم يا ديب" وأغنية "إمشي على ما يقدّر الله" اللتين نالتا شهرة واسعة ولا زال جمهوره من الكبار والصغار يحفظهما.

بين محفوظ والفن علاقة متينة وشغوفة ظلّ يُغذيها بصوته البديع وأدائه المميز حتى أيامه الأخيرة، حيث أحيا حفلة في دار الأوبرا في دمشق الشهر الماضي، كانت بمنزلة تكريم له ووداعه لجمهوره.