"مسكون" لأفلام الرعب والخيال العلمي يعيد جمهور بيروت للصالات

الملصق الدعائي لمهرجان "مسكون" لأفلام الرعب والخيال العلمي في دورته الخامسة في بيروت- نوفمبر 2021 - beirutdc.org
الملصق الدعائي لمهرجان "مسكون" لأفلام الرعب والخيال العلمي في دورته الخامسة في بيروت- نوفمبر 2021 - beirutdc.org
بيروت-رنا نجار

أعاد فيلم "تيتان" للمخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو، الفائز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان 2021، الجمهور اللبناني إلى مهرجان "مسكون" لأفلام الرعب والخيال العلمي، بعد انقطاع من اللقاء والعروض الحية منذ 2018 بسبب الأوضاع الأمنية وجائحة كورونا.

ونجح المهرجان الذي افتتح هذا الأسبوع ويستمر حتى 24 نوفمبر، في الحصول على حقوق عرض واحد من أضخم أفلام الرعب، كلّف 5.5 مليون يورو، ووصفته هيئة الإذاعة البريطانية بأنه "الأكثر إثارة للصدمة في العام 2021"، فيما وصفته وكالة الصحافة الفرنسية بـ"الأكثر جموحاً وإثارة وعنفاً".

ويشارك في الفيلم الذي يمثّل فرنسا في جوائز الأوسكار في 2022، نخبة من أبرز الممثلين الفرنسيين على غرار فينسنت ليندون، أغاثي روسيل، غارانس ماريلييه، لايس سلامة.

ثاني أكبر فيلم باللغة الفرنسية

يطرح الفيلم القليل من الحوار، المعتمد على الخيال العلمي ومشاهد العنف القاسية، ولقطات الكاميرا الفريدة ومزيج من الألوان والحركة والموسيقى، أسئلة عن العاطفة والعائلة والحب والإنسان العصري في القرن الواحد والعشرين، الذي تتحكم به الآلة والصراع الساكن بين الآلة-الوحش أو المسخ، والإنسان.

وتجاوزت إيراداته في شباك التذاكر في الصالات الأميركية حيث انطلق عرضه مطلع أكتوبر الماضي، مليون دولار في عشرة أيام فقط، بحسب موقع "غولد ديربي" (Gold Derby) المتخصص بالسينما. الذي أشار إلى أنه "رغم جائحة كورونا، استطاع 'تيتان' تسجيل أرقاماً قياسية في شباك التذاكر وافتُتح بأكبر ظهور لفيلم باللغة الفرنسية منذ أكثر من 15 عاماً، وبذلك اعتبر ثاني أكبر فيلم باللغة الفرنسية على الإطلاق". 

وعرض المهرجان الذي بدأ الاثنين الماضي، عشرات الأفلام من حول العالم بشكل افتراضي عبر منصة "أفلامنا" وبشكل مجاني، بعدما حصل على حقوق عرض أهم الأفلام على خريطة الرعب والخيال العلمي والفانتازيا.

واعتبر مدير المهرجان الفني أنطوان واكد، أن هذه الثقة "تعززت وتوسعت بعد الخبرة خلال 5 دورات للمهرجان".

23 فيلماً من العالم

ويقدم المهرجان هذا العام 9 من أهم الأفلام الروائية الطويلة التي تتنوع بين الإثارة والرعب والدراما والخيال العلمي، من فرنسا وإسبانيا واليابان وآيسلندا وتونس والدنمارك وأستراليا، التي فازت وشاركت في مهرجانات عريقة مثل كان، و4 أفلام قصيرة دولية، إضافة إلى 10 أفلام قصيرة في العالم العربي.

ومن أهم الأفلام المعروضة "المقصورة" للمخرج أنطونيو ميرسيرو، عن رجل يُحاصر داخل مقصورة للاتصال الهاتفي ولا يستطيع أحد أن ينقذه، وCross the Line للمخرج ديفيد فيكتوري، عن رجل محبوب يواجه حدثاً قاتلاً غير متوقع يطلق عنان الغرائز، والفيلم المكسيكي New Order للمخرج الشهير ميشال فرانكو، الحائز جائزة الأسد الفضي في مهرجان البندقية السينمائي عام 2020.

ومن إخراج الدنماركي توماس جونسون، يعرض الفيلم الدرامي المثير Riders of Justice من بطولة مادس ميكيلسن، عن رجل كان يظن أن مقتل زوجته في حادث قطار كان نتيجة حادث عابر، لكنّ ظهور عالم رياضيات كان موجوداً في القطار يظهر خلاف ذلك. 

مختبر لصناعة السينما

وينظم المهرجان عدداً من الندوات المتخصصة (master class) للمخرج الأميركي فيل تيبيت، الشهير بالمؤثرات البصرية السينمائية، والمخرج والمنتج الأسترالي أليكس بروياس.

ويعتبر "مختبر مسكون" أبرز نشاطات المهرجان الذي يرافق السينمائيين العرب الذين يعملون على مشاريع أفلام طويلة تنتمي إلى الفانتازيا والرعب والخيال العلمي، وتقريبهم من مرحلة الإنتاج.

واختيرت للمشاركة فيه 5 مشاريع هي "حظ أفضل المرة القادمة" لحابي سعود (مصر)  و"خزامى" للقطرية الجوهرة آل ثاني (قطر)، و"اللاجئ" لطلال السلهامي (المغرب) و"رقية" ليانيس قسيم (الجزائر) و"حشيشستان" للفلسطيني سعيد زاغة.

وسيشارك المشروع الفائز في سوق "Frontières" الدولية لمشاريع الأفلام في مونتريال، حيث قد يحظى بفرص للحصول على التمويل والإنتاج. 

تعزيز البعد العربي 

وقررت إدارة المهرجان بحسب واكد "الاستفادة هذه السنة من عالم الإنترنت غير المحدود لتوسيع نطاقه إلى العالم العربي بأسره، سواء من حيث توسيع إطار مسابقته لتشمل أفلاماً عربية قصيرة لا لبنانية فحسب، أو من خلال استمراره للسنة الثانية في دعم مشاريع أفلام من العالم العربي ضمن إطار مختبر Maskoon Fantastic Lab".

وأشار واكد إلى أن المهرجان سيواصل تقديم عروض ضمن دورته الخامسة، تمتد خلال شهر ديسمبر المقبل، لجمهور أوسع، يتجاوز حدود لبنان إلى دول المنطقة "بفضل صيغته الافتراضية عبر الإنترنت مطعمّة بجانب حضوري يقتصر على افتتاحه واختتامه".

وبخصوص التوجّه للمرة الأولى للجمهور العربي، قال واكد إن الهدف "هو البحث عن توسيع القاعدة الجماهيرية للمهرجان، الذي هو أول تظاهرة في المنطقة لهذا النوع من أفلام الفانتازيا والرعب والخيال العلمي، ومنح الفرصة لأجيال عربية مختلفة للتعرف على هذا النوع من الأفلام ومواضيعها وطريقة تصويرها، بعدما اكتشفنا أن هناك اهتماماً لديهم، خصوصاً من جيل الشباب".  

وأشار مدير المهرجان الفني إلى أن الأفلام العربية عامة "عالقة بين الدراما والكوميديا، بينما هناك أنواعاً كثيرة بينهما يمكن العمل عليها وتحريك المخيّلة للمخرجين الشباب تجاهها"، لافتا ً إلى أن هناك "نقصاً في نوعية الأفلام التي تصل إلى صالاتنا مثل الرعب والخيال العلمي والديستوبيا". 

بين "الديستوبيا" وعلم النفس

وفيما يتعلق بمسابقة الأفلام القصيرة التي تجاوزت المشاركة اللبنانية إلى العربية، أفاد واكد بأنه تقدم للمشاركة فيها 180 فيلماً وهو "عدد كبير بالنسبة للمرة الأولى من الانفتاح على دول المنطقة".

وأشار إلى أنه تم اختيار 10 أفلام للمنافسة على الجائزة، وقال إن هذا العدد "يؤشر على اهتمام بهذا النوع من السينما غير الشعبوية في العالم العربي ونموّها وتوسّع قاعدة جمهورها".

قسم المهرجان عرض الأفلام المشاركة في المسابقة إلى قسمين: "الأول يتناول الديستوبيا (أدب المدينة الفاسدة) ونظرة المخرجين العرب إلى عالمهم الخاص، بينما تتناول أفلام القسم الثاني المواضيع الفكرية والنفسية السيكولوجية والخوف والانفصام بالشخصية"، بحسب واكد. 

ولفت إلى أن غالبية الأفلام العربية "طغى عليها همّ التفكير بالمستقبل، وهذا المنحى أصبح اليوم بعد جائحة كورونا همّاً عالمياً في المجالات الإبداعية".

لكن هذا الهمّ يقول واكد "نراه مضاعفاً في البلدان التي تعاني أزمات اقتصادية وإنسانية وحروب وصراعات مثل لبنان، وهو إما يتمثّل بالعالم الخيالي والمبالغ به والديستوبيا أي المجتمع المتخيّل المخيف عكس المدينة الفاضلة أو اليوتوبيا، أو يتمثّل المشاعر الداخلية للإنسان وإحساسه تجاه الأعباء وتفاعله معها".  

ويتنافس على الجائزة من المملكة العربية السعودية فيلما "أرض القبول" لمنصور أسد، و"دورة تفاح" لمها الساعاتي، في مقابل "Exodus" لياسين الإدريسي من المغرب، و"بنت وردان" لميساء المؤمن من الكويت و"الخمار الأسود" للجوهرة آل ثاني من قطر.

أما من لبنان فيتنافس كل من الأفلام التالية: "ألين" لكريستوف سجعان، وBlinded by Desire لغيبير ناجاريان، و"كيف تحولت جدتي إلى كرسي" لنيكولا فتوح، و"هردبشت" للمخرج سمير القواص، و"حكم الأزعر" للمخرج فايز أبو خاطر.  

ويختتم المهرجان الذي تنظمه جمعية "بيروت دي سي"، في 24 نوفمبر الجاري، بعرض حي لفيلم Lamb الآيسلندي للمخرج فالديمار يوهانسون، الذي عُرض للمرة الأولى هذه السنة في مهرجان كان السينمائي، ويتناول قصة زوجين لم يرزقا أطفالاً يكتشفان مولوداً غامضاً في مزرعتهما، ويفرحان كثيراً لهذا الحدث غير المتوقع في حياتهما الأسرية، لكنه يدمرهما في النهاية.