"برومو" دراما رمضان.. دعوة لمشاهدة العمل أم تحذير منه؟

الملصق الدعائي لمسلسل "المشوار"  - المكتب الإعلامي لقنوات MBC
الملصق الدعائي لمسلسل "المشوار" - المكتب الإعلامي لقنوات MBC
القاهرة- عصام زكريا*

"البرومو"، أو "التريلر"، أو الإعلان التشويقي، هو أول علاقة تنشأ بين المشاهد والفيلم أو المسلسل، وكلما كان الإعلان التشويقي مشوقاً، ومكثفاً، ويحمل فكرة واضحة تثبت في أذهان المشاهد، أدّى غرضه الإعلاني وشجع المشاهد على البحث عن العمل المعروض ومشاهدته.

وتحول الإعلان التشويقي إلى فن مستقل في حد ذاته، وغالباً ما تستعين الشركات الكبرى بمخرج ومونتير متخصصين في إنتاجه.

وللإعلان التشويقي أصول وقواعد على رأسها أن "يقول ولا يقول"، بمعنى أن يوحي بمضمون العمل دون أن يحرقه، وأن يبين نقاط قوة وتميز العمل دون أن يكذب أو يزعم وجود أشياء لا وجود لها، وبالطبع يجب أن يعطي المعلومات الأساسية عن الممثلين وبقية فريق العمل والموضوع الذي يتناوله.

لكن الإعلان التشويقي، على أهميته، لا ينال نصيبه من الاهتمام في الدراما العربية، وغالباً ما يسند لمونتير في شركة الإنتاج أو لمخرج العمل نفسه، ويقتصر الهدف منه على استعراض بعض العبارات للممثلين الرئيسيين وبعض اللقطات المرتبة عشوائياً من بعض الحلقات.

ووفقاً للإعلانات التشويقية لدراما رمضان القادم يمكن أن نستعرض بعض الأمثلة، ونرى كيف يقوم المشاهد باستقبالها وتكوين أفكار وتوقعات عن الأعمال التي تروج لها.

عودة النجوم.. هل تحمل جديداً؟

من المسلسلات التي ينتظرها قطاع كبير من المشاهدين الجزء السادس من "الكبير أوي" بطولة أحمد مكي، والذي يشير إعلانه التشويقي إلى أنه سيضم مجموعة من الأحداث والمواقف الكوميدية التي تسير على نهج الأجزاء السابقة.

وحسب الإعلان لا يبدو أن هذه الأحداث ترتبط بخط درامي مشترك، وأنها ستكون مجرد حكايات متلاحقة، فمعظم الشخصيات القديمة موجودة: هزاع وهجرس والدكتور ربيع، وهناك بعض الشخصيات الجديدة على رأسها زوجة الكبير الجديدة، التي تؤدي شخصيتها الممثلة رحمة أحمد، بديلة زوجته القديمة هدية، التي كانت تؤديها دنيا سمير غانم، قبل أن تعتذر عن عدم الاستمرار في العمل منذ الجزء السابق، وهناك أيضاً شخصية ابن "حزلئوم"، الذي يشبهه شكلاً وسلوكاً ونطقاً، وهو أكثر ما يثير الضحك في الإعلان.

قطاع كبير من المشاهدين ينتظر أيضاً الجزء الثالث من مسلسل "الاختيار". وقد تأخر بث الإعلانات التشويقية للعمل كثيراً، وبدأ بثها على مرحلتين: الأولى إعلان قصير جداً لا يتجاوز نصف دقيقة، يستعرض لقطات لأبطاله الثلاثة أحمد عز وأحمد السقا وكريم عبد العزيز مع بعض عبارات بأصواتهم مثل قول أحمد السقا لمتهم تم اعتقاله: "مش هنسيب اللي مشغلينك يلعبوا في دماغ اللي زيك تاني" وقول أحمد عز "بقيت واحد تاني أنا معرفوش" وقول كريم عبد العزيز "احنا في خدمة البلد دي والكيان اللي عملنا"، وهو إعلان غامض ومخل إلى حد كبير.

الإعلان الثاني الذي بدأ بثه قبل رمضان بأيام أطول وأكثر تفصيلاً، وهو يبدأ بعبارة "حقائق تعرض لأول مرة"، وبذلك يضع المسلسل نفسه محل النص التاريخي، ويطلب من المشاهد أن يتعامل مع أحداثه كحقائق تاريخية مسلم بها.

يستعرض الإعلان بعض الأحداث بداية من 2013 بدءاً من الغضب الشعبي ضد "جماعة الإخوان"، وصولاً إلى مظاهرات 30 يونيو، وما تلاها من أحداث.

ويمزج الإعلان بين الشخصيات الحقيقية لقيادات لجيش والسياسيين و"الإخوان"، وبين أبطال العمل الثلاثة الذين يبدون كأبطال "مارفل" الخارقين في نوع من مزج الخيالي بالواقعي، تمت صياغته بشكل جيد في الجزأين السابقين.

مسلسل من نوع آخر، هو الجزء الثاني من "المدّاح" بطولة حمادة هلال، والذي يتخذ هنا منحى مختلفاً يميل إلى ما يمكن تسميته بـ"الرعب الشعبي"، ولا يتضح من "البرومو" مصدر الرعب بالضبط، ولكن نرى أشياء تتحرك في الظلام ونسمع أصواتاً مفاجئة، وتظهر بعض وجوه الممثلين مغطاة بالماكياج وأجسادهم محفورة بالوشوم. 

ونستنتج أن حمادة هلال يلعب، كما في الجزء الأول، شخصية مدّاح (مغنٍّ ديني) طيب القلب تترصده قوى شريرة خفية مجهولة المصدر والهدف!

من المسلسلات التي ينتظرها المشاهد الجزء الثالث من مسلسل "العاصوف" الذي حقق جزآه الأول والثاني نجاحاً كبيراً.

وحسب إعلانه التشويقي يتضح أن "العاصوف 3" يعتمد على شخصياته الرئيسية الثابتة، ولكنّ للأحداث طابعاً أكثر جدية ومأساوية، ويبدو أنه يدور خلال فترة حرجة في المنطقة العربية والتي تمتد من 1987 إلى 1992.

عمل آخر ينتظره الجمهور هو الجزء الثاني من المسلسل الكوميدي "أمينة حاف"، والذي يبدو من إعلانه التشويقي أن أمينة تخطّت مرحلة الطلاق والصراع بين الضرائر لتشق طريقها كامرأة عاملة مستقلة.

بروموهات استعراض العضلات!

أول ما يطالعك في الإعلان التشويقي لمسلسل "دايماً عامر"، هو جسد مصطفى شعبان العاري وهو يمارس الرياضة، ثم صوت تقديمه لنفسه كأستاذ، إذاً شعبان هنا لم يعد "مجرماً شعبياً" كما في "ملوك الجدعنة" العام الماضي، ولكنه مُعلم يسعى لعمل تجربة للتوفيق بين أبناء الفقراء من طلبة المدارس الحكومية وأبناء الأثرياء من أبناء المدارس الخاصة الدولية. 

المقدمة تحتوي على عدد من المواقف والإيفيهات المرحة ما يشير إلى طبيعة العمل الكوميدية، كما يحتوي على مشاهد سياحية كثيرة في مدن مصر المختلفة، ورغم أنه مسلسل كوميدي، لكنه يبدأ بعضلات مصطفى شعبان وينتهي بمعركة يخوضها ضد مجموعة من الرجال.. ما يعني أنه كوميدي وأكشن أيضاً.

في مسلسله الجديد، "توبة"، يواصل عمرو سعد لعب شخصية البطل الشعبي الخارج على القانون، إذ يؤدي في المسلسل، دور لص خزائن محترف يتمتع بجاذبية وشهامة، ويلعب ماجد المصري دور الخارج على القانون، بينما تلعب صبا مبارك دور الحبيبة الشعبية، وتلعب انتصار دور أم توبة وتدور الأحداث في حي شعبي في مدينة بورسعيد.

ربما يكون مسلسل "توبة" تقليدياً جداً، ولكن الإعلان التشويقي له جيد وواضح ويسهل على المشاهد اختيار موقفه من مشاهدة العمل.

نموذج مشابه يلعبه حسن الرداد من خلال مسلسل "بابلو" الذي بدأ عرض إعلانه التشويقي مؤخراً، وهو يدور حول مجرم جذاب آخر من حي شعبي أيضاً في مواجهة كبار الأشرار.

الأفضل والأسوأ

مسلسل "المشوار" الذي يلعب بطولته محمد رمضان ويخرجه محمد ياسين، ظهر عبر مقدمتين تعبران عن اللقاء بين الممثل صاحب الشعبية لدى الطبقات البسيطة والمخرج صاحب الأعمال الفنية النخبوية، المقدمة الأولى فنية، تحتوي لقطات جمالية معبرة مع تعليق بصوت محمد رمضان والثانية تلخص جيداً فكرة المسلسل وموضوعه ونوعه بشكل مكثف ومتقن.

على العكس يبدو إعلان مسلسل "جزيرة غمام"، (بطولة طارق لطفي، فتحي عبد الوهاب، أحمد أمين ومي عز الدين) غائماً وعشوائياً، فرغم فريق عمل الممثلين الكبار والديكورات الجيدة والعالم المثير الذي تدور فيه الأحداث، لكن التريلر لا ينجح في عمل سياق مترابط له معنى.

نموذج آخر للإعلان السيئ نراه في المسلسل الكوميدي، "رانيا وسكينة"، وهو عبارة عن بعض العبارات الهزلية "الإيفيهات"، المشتتة، والتي لا ترتبط بسياق مفهوم سوى أن هناك فتاة من حي شعبي، وسيدة ثرية ستدخلان بعض المغامرات العجيبة (على طريقة مسلسل "بكيزة وزغلول")، في انطباع أننا شاهد هذه الشخصيات والأحداث من قبل.

وعلى العكس يبدو إعلان مسلسل "Suits بالعربي" كما لو كان مسلسلاً أجنبياً مدبلجاً يدور في عالم آخر لا علاقة له بعالمنا العربي.

*ناقد سينمائي

اقرأ أيضاً: