عادت سوريا إلى سباق مسلسلات رمضان هذا العام بعد 12 سنة تقريباً من الاضطراب الأمني والسياسي انعكس على حجم الإنتاج الرسمي للدولة.
وتشارك هذا العام بـ18 مسلسلاً متنوعاً بين الاجتماعي والكوميدي والبوليسي والفانتازيا التاريخية، إضافة إلى البيئة الشامية التقليدية التي باتت تتقلص عاماً بعد عام.
تتناول غالبية المسلسلات السورية التي جرى تصويرها في دمشق قضايا الواقع السوري الإنساني والاجتماعي الآني، مثل "كسر عضم"، و"على قيد الحب"، و"مع وقف التنفيذ"، و"أبنائي أرجوكم" وغيرها.
عودة الرواد وكلاسيكيات الدراما
ويرى الكاتب علي وجيه أن "الدراما السورية لم تنقطع مرة عن الإنتاج والعرض، وبقيت حيّة على الرغم من معاناة البلاد من ظروف صعبة".
وأضاف أن "الحراك الذي يشعر به متابعو الدراما في العالم العربي اليوم يأتي نتيجة التوزيع الجيد للأعمال وشراء حقوق العرض من قبل محطات فضائية متنوعة".
واعتبر الناقد السوري ملهم صالح أن "الموسم الحالي يعد مؤشراً على أن الدراما السورية ما زالت تنبض وتحاول الوصول إلى ضفة الخلاص، من خلال الحنين إلى روح كلاسيكيات الدراما السورية المبنية على الأعمال الاجتماعية، والمواكبة أو الحداثة عبر محاولة تقديم صورة بصرية فنية حديثة تنافس على المستوى العربي".
وأضاف ملهم لـ"الشرق": "على الرغم من ذلك المشهد الحي، إلا أنه لا يمكن الاطمئنان واعتبار الدراما السورية تعافت كلياً وعادت إلى حيويتها من موسم واحد".
"كسر عضم"
يعتبر مسلسل "كسر عضم" من أبرز الأعمال التي تعالج الواقع السوري بعد الحرب الممتدة منذ 2011 في البلاد.
وقالت المخرجة رشا شربتجي، لـ"الشرق"، إن "أحداث المسلسل تنطلق من تقسيم الشعب وسحق الطبقة الوسطى التي تحوّل أبناؤها إلى فقراء بدرجات متفاوتة بين المشردين ومكتومي القيد والمشتتين والذين يدفعون حياتهم ثمناً للدفاع عن الوطن".
وأضافت أن "هذا المسلسل به رائحة الشارع والوجع اللذين يؤلمان صاحبه بعد كسر العظام، إذ نستعرض من خلاله حياتنا السورية بعد الكسر الذي تعرّضنا له جراء الحرب من كل الفئات العمرية والاجتماعية".
وأشارت إلى اعتذار عدد من الممثلين عن المشاركة في المسلسل لجرأته، مثل بسام كوسا، وأيمن زيدان، ورشيد عسّاف، وسوزان نجم الدين، ومحمود نصر وفراس إبراهيم؛ واصفة العمل بـ"المشاغب"، خاصة من ناحية قضايا الشباب في زمن الحرب والذين يموت عدد كبير منهم لأجل سوريا.
المسلسل من بطولة فايز قزق، وكاريس بشار، ونادين خوري، وأسامة الروماني، وتأليف علي معين صالح.
"مع وقف التنفيذ"
مسلسل "مع وقف التنفيذ" يعالج الواقع السوري الحالي والعوالم النفسية لشخصيات أنهكتها الصراعات والأزمات المتعاقبة في المنطقة، من داخل حارة العطارين الدمشقية التي نزح أهلها منها مع بدء الحرب وعودتهم إليها مجدداً بعد انتهائها.
وقال علي وجيه لـ"الشرق" إنه يحاول رصد ما آلت إليه الأمور في هذه الحارة المتنوعة بفئاتها وطوائفها وطبقاتها الاجتماعية من الفقير إلى متوسط الحال إلى الغني، ومن البسيط إلى الموظف إلى المثقف، وذلك بعد عودة أهل الحارة من مناطق نزوحهم المتعددة.
يشارك في بطولة "مع وقف التنفيذ" غسان مسعود، وعباس النوري، وشكران مرتجي، وسلاف فواخرجي، وفادي صبيح وغيرهم، وهو من تأليف علي وجيه ويامن الحجلي.
عودة الرواد
مسلسل "على قيد الحب" يعيد رواد الدراما السورية منذ ستينيات القرن الماضي إلى الشاشة الصغيرة في عمل واحد مجدداً، أبرزهم دريد لحام وأسامة الروماني.
تأتي عودة الروماني في مسلسلي "وثيقة شرف" و"على قيد الحب" هذا العام مفاجأة، بعد غياب أكثر من 23 عاماً عن التمثيل لانشغاله بعمله الإداري في مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك في الكويت كمشرف ومدير للمشاريع لأكثر من 40 عاماً، أما لحّام فاقتصرت مشاركاته الأخيرة على كونه ضيف شرف.
ويؤديان في المسلسل دور الصديقين "أمين" و"حسّان" اللذين تواجه علاقتهما الحميمة منذ 4 عقود احتبارات كبيرة ومنعطفات بسبب الماضي الذي تفتح دفاتره في الحاضر، وبسبب أبنائهما الذين ترعرعوا معاً وتجمعهم وحدة حال.
المسلسل يجمع أيضاً أجيالاً مختلفة تمتد لـ7 عقود من تاريخ الدراما السورية، مثل صباح الجزائري، وجرجس جبارة، ونادين خوري، وسمر سامي، ومهيار خضور، وعاصم حواط، ومديحة كنيفاتي، ويزن خليل وهافال حمدي.
"أبنائي أرجوكم"
ويتطرق الكاتب رضوان شلبي، من خلال مسلسل "أبنائي أرجوكم"، إلى الواقع السوري من باب القيم الأخلاقية والحياتية، مثل الوفاء والإخلاص والمحبة والصداقة، إذ يعتبر البعض أن المجتمع السوري بدأ يفقد هذه القيم في ظل الأزمات المتلاحقة.
ويدور المسلسل حول زوجين مخلصين لبعضهما هما المعلم "صابر" و"فيحاء" الناشطة في مجال حقوق الإنسان، ويحمل العمل رسائل إنسانية وتربوية واجتماعية بعيدة عن الخطابية والنظريات.
يشارك في المسلسل مجموعة من الممثلين السوريين الشباب، منهم آنا السيد، ومروة الزير، وولاء علوش، ونور العلبي، وأوس محمد، وروعة لبابيدي ورامي كزعور.
"لو بعد حين"
وبعيداً عن أجواء الفقر والحرب، يأتي مسلسل "لو بعد حين" للمخرج عمّار تميم والكاتب فهد مرعي، ليغوص في واقع سوري بوليسي يعالج قضية تعلّق البنت بأبيها والثأر له.
إن مسلسل "ردّ قلبي" الذي تعثّر بثه العام الماضي يدخل المنافسة هذا العام تحت عنوان "لو بعد حين"، وتدور أحداثه في إطار بوليسي تشويقي عن جريمة قتل تقع في حفل زفاف وتتشابك الخيوط الغامضة في رحلة البحث عن القاتل. المسلسل بطولة جيني إسبر، وجوان خضر، ورواد عليو وجهاد الزغبي.
اقرأ أيضاً: