"جوقة عزيزة" يشعل الجدل في الشارع السوري

مشهد من مسلسل "جوقة عزيزة" - المكتب الإعلامي للشركة المنتجة
مشهد من مسلسل "جوقة عزيزة" - المكتب الإعلامي للشركة المنتجة
بيروت-رنا نجار

أثار المسلسل السوري "جوقة عزيزة" جدلاً واسعاً خلال الأيام القليلة الماضية وتباينت آراء الجمهور بشأن وجود مشاهد للراقصات، اعتبرها البعض غير مناسبة مع أجواء شهر رمضان، فيما رأى آخرون أنّ الحديث يجري عن "مسلسل درامي تاريخي"، ولا يجوز حصره في بعض مشاهد الرقص والعري.

وتدور أحداث المسلسل عام 1929 خلال فترة الانتداب الفرنسي في سوريا، حول حياة الراقصة السورية "عزيزة"، التي يقع في غرامها كولونيل فرنسي لتتداخل في العمل صراعات سياسية ودينية واجتماعية في مرحلة من تاريخ البلاد شهدت تحديات على الأصعدة كافة.

مسلسل "جوقة عزيزة" من بطولة ممثلين سوريين ولبنانيين، وهم نسرين طافش، سلّوم حداد، أيمن رضا، محمد حداقي، ومن تأليف خلدون قتلان، وإخراج تامر إسحق.

انقسامات 

وأعرب قطاع من الجمهور عن صدمته لتجسيد المُمثلة السورية نسرين طافش دور راقصة، متسائلين عن دوافع خوضها تلك التجربة في شهر رمضان، فيما اعترض آخرون على اختيار طافش نفسها للبطولة، معتبرين أنها "غير جديرة بدور كهذا".

ووصف البعض أداءها بأنه "مصطنع"، فيما تكرر استنكار الحديث عن مقاومة الاحتلال الفرنسي بقيادة راقصة. 

ويرى عدد من المُتابعين أن "هناك إخفاق في الإخراج وتطويل في المشاهد التي تظهر فيها الراقصات"، فيما أشاد آخرون برؤية المُخرج في الأداء الاستعراضي والتيمة الموسيقية داخل العمل.

وكتبت إحدى المتابعات على تويتر: "إخفاق الإخراج بارز، لكن يكفي نجوم الدراما المعروفين بقدراتهم التمثيلية، المستفز فقط مشاهد الرقص المطوّلة.. الحلقة الأولى ليست مخيبة للآمال، وإنما هي بمثابة تعريف للشخصيات وأحداث العمل".

ويعتبر البعض أن العمل "سقط في فخ الكوميديا ولا يصلح وصفه بالدراما الشعبية التاريخية"، بينما امتدح البعض النص وبناء الشخصيات الطريفة والأداء، معتبرين أن المسلسل يقدم نموذجاً جديداً من البيئة الشامية ويرصد خبايا المتجتمع الفني في ثلاثينيات القرن الماضي.

رد فعل متوقع 

من جانبه قال الكاتب خلدون قتلان، مؤلف مسلسل "جوقة عزيزة"، لـ"الشرق"، إن "رد فعل الجمهور كان متوقعاً منذ بداية التحضير للعمل، لكن لم نكن نتوقع أن يُثير الجدل بالتزامن مع الحلقات الأولى منه"، لافتاً إلى أن "الحلقات المُقبلة سترصد مواضيع حساسة في تاريخ المجتمع السوري، منها الدعارة التي كانت بيوتها منتشرة في شارع البدوي بالعاصمة دمشق في ثلاثينيات القرن الماضي".

وأضاف أن "هذه الموضوعات جديدة على الجمهور السوري، ولم يتم تناولها سلفاً نظراً لحساسيتها"، موضحاً أن "الجهات المحافظة والمتطرفة تُهاجم هذا العمل، لرغبتهم في عدم الخوض في تلك الموضوعات وإظهار سوريا كمدينة فاضلة في أحسن صورة، رغم أن الإشارة إلى الدعارة لا يُسيء لتاريخ دمشق المُنفتح والمتنوع".

وقال: "من العيب أننا في القرن الـ21، ولا تزال امرأة تهزّ خصرها في مشهد تمثيلي تثير غرائز المجتمع، مع أن المسلسل لا يُظهر لباساً فاضحاً". 

واستنكر انتقادات الجمهور لمشاهد الرقص لمجرد أنها تُعرض في شهر رمضان، متسائلاً بقوله: "هل التقوى والعبادات موجودة فقط في شهر رمضان؟.. ولماذا لا نسمع بهذه الهجمات الجدلية خارج رمضان؟".

هجوم منظّم 

ويعتبر مؤلف مسلسل "جوقة عزيزة" أن "هناك هجوماً منظّماً ضد المسلسل من قبل شخصيات لها خلفيات إخوانية متطرفة وجمهوراً في غالبيته يميل إلى هذه الثقافة المتشدّدة التي لا تشبه بلادنا".

وأضاف أن "رجال دين متطرفين وراء الهجوم على المسلسل، حيث يريدون فرض الرأي الواحد، كما أن هناك هجوماً من أبناء المهنة، وهذا ما نراه مع غالبية الأعمال المتنافسة في البلد الواحد".

وأوضح أن "المسلسل يناقش مواضيع عميقة ومهمة في تاريخ سوريا حول الصراعات على قيادة المجتمع ومنها صراع رجال الدين، وذلك من خلال شخصيات شعبية وحكاية مبسّطة تُسرد عبر 4 خطوط درامية، سياسية ودينية وجنسية وفنية". 

وتابع: "حاولت من خلال النص إجراء محاكمة تاريخية لسوريا تحت الانتداب الفرنسي، إضافة إلى إلقاء الضوء على فكرة مهمة وهي مقتل فوزي بكّ العزي، الذي كان يلقّب بأبو الدستور السوري".

حذر وحساسية في رمضان

وشدد الناقد السوري نضال كوشة على مدى خطورة المطالبات بإيقاف مسلسل "جوقة عزيزة" خلال الأيام المُقبلة، قائلاً لـ"الشرق"، إن "مادة الرقص وأزيائها الجريئة كان الجمهور العربي يتقبلها منذ زمن طويل بكثير من الحذر والحساسية، التي تتضاعف في شهر رمضان". 

وأشار إلى أن "هناك أعمالاً درامية عربية أخرى تحمل مواضيع أكثر اختلالاً من الرقص، مثل القتل والخطف وتعاطي المخدرات والخيانة الزوجية"، متسائلاً: "هل هذه الموضوعات أكثر شفافية وإنسانية وأخلاقية من مشاهد تحكي عن امرأة تعمل في مهنة الرقص؟".

ووصف كوشة "الجمهور العام بالـ"زائف"، إذ يرى أن "كثيرين، ممن ينتقدون الأعمال الجريئة أو ذات المشاهد الراقصة، يتابعونها بالخفاء".

وقال إن مسلسل "جوقة عزيزة" لا يزال في حلقاته الأولى، ومن الظلم الحكم عليه الآن وحصره بأنه يعالج حياة الليل والفن، الذي يعتبر تفصيلاً في المسلسل، الذي يتطرق إلى مواضيع أبعد من ذلك.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات