أثار حكم هيئة المحلفين، في قضية الممثلين جوني ديب وآمبر هيرد، جدلاً واسعاً، بعد محاكمة استمرت أكثر من 6 أسابيع، إذ يخشى قانونيون أن "يؤدي ذلك إلى انتكاسة في قضية النساء اللاتي يشتكين من سوء معاملة الرجال الأقوياء".
وقضت الهيئة، بحصول جوني ديب، على تعويض قدره 15 مليون دولار من طليقته آمبر هيرد، لكن القاضية خفضت التعويض إلى 10.35 مليون دولار التزاماً بالحد الأقصى الذي تحدده الولاية للتعويض عن الضرر، بينما منحتها تعويضاً بمليوني دولار.
وأشار خبراء أمام المحكمة إلى أنّ ديب خسر مبالغ بقيمة 23 مليون دولار جراء عدم إسناد دور "جاك سبارو" إليه في الجزء السادس من "قراصنة الكاريبي" عقب تصريحات آمبر هيرد.
ويرى محامون وناشطون في القضايا النسوية والعنف الأسري، أن "وقع هذا الحكم سيكون له نتائج خطيرة وسيّئة على قضايا العنف الأسري من وجهة نظر حركة (#MeToo) المنحازة للنساء والناجيات من التحرش"، بحسب صحيفة "لوس أنجليس تايمز" ومجلة "فارايتي".
وتعتقد المحامية سوزان سيجر، أنه من المرجح أن يطعن محامو هيرد على الأحكام، مشيرة إلى أنها "غير متسقة وتتعارض مع بعضها البعض، والدليل على الخسارة الاقتصادية ليس واضحاً وسيشكل أيضاً سبباً للطعن".
واعتبرت المحامية لارا يريتسيان، أن "أقوى ما يمكن استخلاصه من الناحية الاجتماعية من القضية، هو أن الرجال يمكن أن يكونوا ضحايا للعنف المنزلي أيضاً، وبصفتي محامية، رأيت ذلك يحدث عندما تكذب النساء".
تأثير كارثي
وكشفت التجربة عن العواقب قصيرة المدى على مهنة الممثلين وقدمت نظرة ثاقبة نادرة بشأن الأعمال الداخلية لهوليوود.
ووصف جاك ويجام، وكيل جوني ديب، تأثير مقال هيرد بأنه "كارثي" بالنسبة لمسيرة ديب المهنية، مشيراً إلى أن الممثل فقد فرصة الظهور في الجزء السادس من سلسلة أفلام "Pirates of the Caribbean" (قراصنة الكاريبي) الذي كان سيحصل فيه على 23 مليون دولار.
وقال شاهد آخر، المحاسب مايكل سبيندلر، إن ديب خسر حوالى 40 مليون دولار نتيجة مزاعم هيرد، كما أكدت وكيلة ديب السابقة تريسي جاكوبس، أن مشاركته في الجزء السادس من "قراصنة الكاريبي" كانت بالفعل في خطر بسبب "سلوكه"، بما في ذلك عدم احترامه للمواعيد.
واستقال ديب من الجزء الثالث من فيلم "Fantastic Beasts" (الوحوش الرائعة) بعدما خسر عملية تشهير ضد صحيفة "The Sun" عام 2020 حين وصفته الصحيفة بـ"زوجة الخافق".
واعترف ديب، خلال استجوابه من قبل محامي هيرد، بأنه لن يعمل على هذا الفيلم الشهير حتى لو عُرض عليه.
وقد يشكّل الانتصار الذي حققه ديب، الأربعاء، في مواجهته القضائية فرصة أمامه لكي يعيد إطلاق مسيرته المهنية، مع أنّه من غير المؤكد أن تتهافت شركات الإنتاج مجدداً في وقت قريب، بحسب وكالة "فرانس برس".
مصير ميل جيبسون
وتوقعت صحيفة "ذي جارديان" أن تحذر "استوديوهات هوليوود من توظيف ممثل لديه الكثير من الاتهامات المؤلمة بإساءة المعاملة، وبالتالي فإن جوني ديب الممثل الأكثر نجاحاً وشهرة من مطلقته، من غير المرجح أن يجد عملاً في فيلم رئيسي بميزانية كبيرة في المستقبل، خصوصاً أن القوى العاملة لديها نشاط اجتماعي، ويمكن أن ترفض العمل في مشروع ديب كونه مسيئاً للنساء".
وأوضحت الصحيفة أن "هذه القيود لن تطبق نفسها على المنتجين المستقلين، كما حدث مع الممثلين ميل جيبسون وكيفين سبيسي، فمن الممكن للممثلين الاستمرار في تأمين أدوار في الأفلام الأصغر حجماً، على الرغم من غرقهم في الفضائح والتشهير".
وذكرت "ذي جارديان"، أن "جوني ديب، طوال حياته المهنية، أظهر ميلاً لأفلام صغيرة غير عادية وسيستمر بلا شك في إنتاجها حتى لو كان ذلك على حساب العائد المادي المنخفض".
وقال أحد المطلعين للصحيفة: "أعتقد بشدّة أنه سيعمل مرة أخرى في المشروع المناسب، فالناس لا تزال تحبّه ولا يزال بإمكانه افتتاح فيلم جديد".
وأشارت إلى الدعم الذي حظى به ديب، خلال الساعات الماضية، منذ انتصاره على هيرد، فذلك قد يخدمه، وربما يؤدي إلى إبرامه صفقات من نوع جديد مع المنتجين وربما تفتح هذه القضية سوقاً جديدة له قد تصل إلى الكتب والوثائقيات وبرامج تلفزيون الواقع وغيرها.
"لم يعد نجمه ساطعاً"
وقال منتج عمل مع جوني ديب سابقاً إنّ "الضرر وقع، وبدءاً من اليوم يمكن أن تنطلق مرحلة العودة إلى وضع طبيعي نوعاً ما".
وأضاف المنتج الذي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة "فرانس برس": "لا أظنّ أنّ ديب سيحصل على عروض كبيرة جداً مع شركات الإنتاج" في ظل ما أثير خلال المحاكمة.
وتابع: "إذا كان ديب يرمي الزجاجات ويتعاطى المخدرات ولا يلتزم بالحضور في الوقت المحدد، فلن تتحمل شركات الإنتاج تداعيات أي تأخير يكلفها مبالغ طائلة، قد يتسبب به ممثل لم يعد نجمه ساطعاً".
واعتبر المنتج أنّ شركات الإنتاج الكبيرة قد تواجه صعوبة في ضمان نجاح إنتاجات ذات ميزانية كبيرة يشارك فيها جوني ديب، مضيفاً أنّ "اختياره للمشاركة في أعمال تكلف مليارات الدولارات بات خطوة محفوفة بالمخاطر".
فيلم واحد في عامين
في المقابل يبدو الأمر مختلفاً بالنسبة لآمبر هيرد عن طليقها ديب، إذ ارتبط اسمها في مسيرتها التمثيلية بسلسلة من الأدوار الثانوية مع بعض أدوار البطولة في أفلام ذات إنتاجات صغيرة.
وتعزّزت مسيرتها الفنية، بعدما ارتبطت بجوني ديب، على الرغم من نفيها أكثر من مرّة بأن طليقها كان السبب وراء حصولها على دور البطولة في فيلم "أكوامان".
ويرى نقاد سينمائيون أن "هيرد منذ قطع علاقتها بديب وسوء الأحوال بينهما بدأت مسيرتها المهنية تتزعزع".
وبعد صدور الحكم قالت هيرد، إن حياتها المهنية تأثرت بشدة بسبب مزاعم ديب، موضحة أنها اضطرت إلى "القتال" للاحتفاظ بدور "ميرا" في فيلم البطل الخارق "أكوامان" عام 2018، وأنها اختيرت في فيلم واحد آخر فقط في العامين الماضيين.
مع ذلك، أشارت أرقام الصناعة السينمائية إلى عوامل أخرى كانت تلعب دوراً في الحد من عملهما التمثيلي.
وشهد كبير التنفيذيين في هوليوود والتر حمادة، رئيس وحدة أفلام استوديوهات "وارنر براذرز"، بأن دور هيرد في "Aquaman 2" تقلّص بسبب "نقص الكيمياء" بينها وبين نجم الفيلم جيسون موموا.
لكن على الرغم من ذلك، رجّح كثير من المحلّلين أن يتحوّل دفاع هيرد الصريح منذ فترة طويلة عن ضحايا العنف المنزلي، إلى مفتاح ذهبي لنشاطاتها المستقبلية، كما هو الحال مع الممثلة والناشطة روز ماكجوان مثلاً، التي لديها الآن مكانة أعلى كناشطة أكثر من كونها ممثلة.
اقرأ ايضاً:
