في أقدم مستشفى للأمراض النفسية في العالم، يقام معرض "Kindred" أو "صداقة" أو علاقات إنسانية، في متحف" بيثلم" للصحة النفسية في لندن.
يستكشف المعرض الروابط الاجتماعية في ظلّ عصر مضطرب، وقدرة المجتمعات على جعل الناس يشعرون بالراحة والعزلة في آنٍ واحد.
تُظهر لوحة "مجموعة الصباح" للفنانة الراحلة شارلوت جونسون وال، والدة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون، رسمتها عندما كانت تُعالج في مستشفى "مودسلي"، رعبها من جلسات العلاج الجماعي.
وتصوّر ثلاث لوحات للفنان المعاصر "ماد" رحلته من انعدام الثقة إلى الشفاء من خلال العلاج. يقول الفنان: "أؤمن بالفوائد العلاجية للدعم من مجتمع يتفهم ويمر بتجارب مماثلة. لا أعتقد أنني كنت لأخوض رحلة التعافي اليوم لولا مساعدة الآخرين لي طوال هذه الرحلة".
آلت ريبيكا رايبون، مسؤولة المعارض في متحف "بيثليم"، أوضحت أن اسم "كيندرد" جاء ليعكس إيجابية بناء رابطة مع الآخرين. كما يُبرز الجوانب السلبية للمجموعات".
وقالت: "الصحة النفسية رحلة، وليست عملية ثنائية. من المهم أن يجد الناس ما يناسبهم. فقد يجعلك المجتمع تشعر بالوحدة الشديدة أحياناً، أو قد يكون له تأثير عكسي يجعلك تشعر بأنك جزء من شيء ما".
وأوضحت أن المعرض انبثق من التحدي الذي طرحه قطاع المتاحف لدعم التماسك الاجتماعي والعدالة الاجتماعية، في وقت شهد استقطاباً بين المجتمع والسياسة. لذلك رأينا أنه سيكون موضوعاً شيقاً للغاية، لجهة علاقته بالصحة النفسية وعلاجها".
ورأت أن عمل الفنانة جونسون "يُمثل بوضوح تجربة سلبية في العلاج الجماعي. شعرتُ بالرعب الشديد منه، ووجدته مزعجاً للغاية. رَسَمت نفسها في دور السيدة ذات الشعر الأحمر، وبدت عليها ملامح الرعب".
ونشرت إدارة المعرض تعريفاً بالمعرض جاء فيه: "التجربة الإنسانية مسألة تاريخ وذاكرة ومجتمع. إنها ليست مسألة فردية فحسب. إن تفاعلاتنا العائلية، ومجموعات الصداقة، والأحياء، وشبكات المصالح والدعم، كلها تؤثر على هويتنا، سواءً أكان ذلك خيراً أم شراً. وفي ظل مناخ من التفكك السياسي والثقافي والاقتصادي، يبدو التماسك الاجتماعي بعيد المنال".
أضافت: يجسّد الفنانون الذين تُعرض أعمالهم وجهات نظرهم المتنوعة. ويبدو أنهم يقولون: "استمع إليّ، تحدث إليّ، افهمني. لا تكتفِ بوصف الدواء لي".
قبل خمسين عاماً، احتفلت شارلوت جونسون، وهي أم لأربعة أطفال صغار، بنهاية علاجها في مستشفى مودسلي بمعرض للوحات الـ 78 التي أبدعتها خلال الأشهر الثمانية التي قضتها محتجزة هناك.
كانت تتلقى العلاج من اضطراب الوسواس القهري، الذي لم يكن مفهومًا جيدًا آنذاك. خضعت لعلاج بالصدمات الكهربائية وشكل من أشكال العلاج بالنفور. عند خروجها، أخبرت الفريق الطبي أن العلاج لم يُجدِ نفعاً، لكنها تمكنت من الرسم".
في مراجعة لصحيفة التايمز، وصفتها نانسي دورانت بأنها "رسامة ماهرة. استخدمت ألوان مميزة من الرمادي والوردي والأزرق والبرتقالي، مع خطوط سوداء غامقة، تُبرز المشاعر في كل مشهد ببراعة: القلق محفور في بضعة خطوط على وجوه أطفالها؛ والغضب السريع أو اليأس المُنفصل على وجوه زملائها المرضى".
كانت ابنتها الصحفية راشيل جونسون، في الثامنة من عمرها عندما دخلت والدتها إلى مستشفى مودسلي للأمراض النفسية في جنوب لندن. وكان لديها ثلاثة أشقاء، بوريس (تسع سنوات)، وليو (ست سنوات)، وجو (سنتان).
وأوضحت راشيل في مقابلة، "أنه على الرغم من أن والدتها درست للحصول على شهادة في جامعة أكسفورد في الستينيات، إلا أنها تزوجت من ستانلي جونسون قبل التخرج. وبحلول الثلاثين من عمرها كان لديها أربعة أطفال صغار".
أضافت": وجدت الأمر فوق طاقتها. لم يكن والدنا منشغلاً بالأعمال المنزلية، وكان يسافر كثيرًا في العالم النامي للعمل، بينما كانت هي تعيش في كوخ في مزرعة العائلة، دون مساعدة، ولا غسالة ملابس، ولا سيارة، وفي نهاية طريق ترابي طوله ميلين، كانت تضطر للسير ذهابًا وإيابًا مرتين أسبوعيًا لتنقلنا إلى المدرسة بسيارة جارتها."
بعد انتقالها إلى بروكسل، ومع ازدياد صعوبة زواجها، لم تعد قادرة على التأقلم، فحجزت نفسها في مستشفى مودسلي. تقول راشيل جونسون: "كرهت العلاجات، وخاصةً العلاجات البدائية".
تشمل الأعمال الأخرى المعروضة لوحة زيتية كبيرة بعنوان "المجموعة" للفنان الراحل والمعالج الفني تشارلز لوتينز؛ ولوحة ديفيد تشيك المعقدة "أشخاص يحاولون الوصول إليّ" (1986).
كذلك يضم المعرض أيضاً صورة "التمسك بأبي" (2016) للمصور بنجي ريد، وهي صورة فازت بجائزة "ويلكوم ترست" للتصوير الفوتوجرافي 2020 عن فئة الصورة الفردية للصحة النفسية؛ وأعمال الخزف النابضة بالحياة للفنانة التشيلية وسجينة الرأي السابقة بيبي هيريرا، التي قضت فترة من العلاج في "بيثليم".









