ثلاثة عوامل جعلت من معرض الشارقة الدولي للكتاب منصّة عالمية، فهو الأبرز على مستوى المعارض العربية، ويتميّز باختياراته للفعاليات الثقافية المصاحبة، ويشكّل نقطة جذب عربية وعالمية للمثقفين والكُتّاب والشعراء وروّاد صناعة النشر وجمهور القرّاء.
ارتقى معرض الشارقة إلى مستويات معارض الكتب العالمية، وأصبحت دول العالم تتنافس على استضافته، كما تتنافس كي تكون ضيف الشرف فيه.
"الشرق" التقت الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، أحمد بن ركاض العامري، خلال فعاليات المعرض الحالية في دورته الـ42، الذي يحمل شعار "نتحدّث كتباً"، ويمتدّ حتى 12 أكتوبر، وحاورته حول موقع معرض الشارقة للكتاب في الفضاء الثقافي العربي والعالمي، ومستقبل المعرض والكتاب معاً.
هل أصبح معرض الشارقة للكتاب المنصّة الاستراتيجية الأبرز؟
أصبح المعرض بوابة للشرق والغرب، وهذا هدفنا الرئيس للارتقاء بصناعة الأدب، وتنمية القراءة في المجتمعات العربية خصوصاً، تجسيداً لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، القائمة على تعزيز الحوار الفكري بين مختلف الثقافات، من خلال دعم الكتاب وحركة النشر.
لقد كبُر المعرض، ونضج مع الوقت، وهذا نلمسه من خلال الترجمات تحديداً بين التجار، وليست الترجمات الحكومية، إذ ازدادت الترجمات من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى خلال الأعوام العشرة الأخيرة بشكل كبير، وبعد أن كانت بمعدل 5 كتب سنوياً، تجاوزت المئة كتاب، وهناك إقبال كبير على شراء المحتوى العربي، وهذا يدل على نجاح هذا المشروع الثقافي.
نصف دول العالم تشارك في المعرض هذا العام، 2033 دار نشر عربية وأجنبية من 108 دول تعرض 1.5 مليون عنوان، وتتصدّر قائمة المشاركات عربياً دولة الإمارات بـ 300 ناشر، تليها مصر بـ 284 ناشراً، ولبنان بـ 94 ناشراً، تليها سوريا بـ 62 ناشراً، فيما تمثّلت أبرز المشاركات الأجنبية بحضور دور نشر من الهند، والمملكة المتحدة، وتركيا.
ما الذي يميّز معرض الشارقة عن المعارض الأخرى؟
نحن الأكبر في بيع وشراء حقوق النشر على مستوى العالم، 1157 وكيلاً أدبياً وناشراً وأكثر من 900 طاولة حقوق كانت ناشطة خلال مؤتمر الناشرين الأخير الذي عقد قبل أسبوع، في إطار فعاليات المعرض، ونحو 2500 اجتماع عقد خلال يومين لبيع وشراء حقوق النشر، ما يؤكد قوّة واتساع المشاركة العالمية في هذا المعرض المهم.
معرض الشارقة هو من أكبر التجمّعات العربية، لقد شهدنا أكبر مشاركة من دولة الهند، ومن دول أفريقيا، ومن الدول العربية، فضلاً عن انطلاق الدورة العاشرة من "مؤتمر الشارقة الدولي للمكتبات" بالشراكة مع جمعية المكتبات الأميركية، وبمشاركة أكثر من 400 متخصّص وممثل لأمناء المكتبات الأكاديمية والعامة والمدرسية والحكومية والخاصة من المنطقة والولايات المتحدة، ونحو 30 دولة أخرى. إلى جانب حضور المفكرين والمثقفين وروّاد الكلمة. وهذا بطبيعة الحال يعزّز التواصل بين خبراء النشر وأمناء المكتبات والأكاديميين والكتّاب والمترجمين والوكلاء الأدبيين والمبدعين من حول العالم.
يتميّز المعرض بالفعاليات الثقافية المرافقة ما الأبرز في هذه الدورة؟
يشهد المعرض الحالي نحو 1700 فعالية مختصّة بفنون الحياة كافة، وأطوار العلم والتعليم، تتوزّع على ست مساحات، ونستضيف حضوراً نوعياً أيضاً مثل رائدة الفضاء التي حطّمت الرقم القياسي كامرأة، ولديها كتاب بالتعاون مع وكالة ناسا، وأن تكون موجودة في معرض الشارقة، فهذا نجاح آخر للمعرض، فضلاً عن المؤلفين والمفكرين المميزين مثل الروائية أحلام مستغانمي، التي اختارت أن تطلق كتابها في المعرض، وغيرها من الكُتّاب والشعراء الكبار، الذين يختارون معرض الشارقة لتوقيع إصداراتهم الجديدة، دون أي معرض عربي آخر.
نحن دائما في تحدّ مع ذاتنا، نرى هناك طفرة في الصناعة الإبداعية في المنطقة، وهذا يعزز من مكانتنا. هيئة الشارقة للكتاب تحوّلت إلى نموذج وقصّة نجاح، الجميع يريد أن يأخذها كمعيار، وذلك يدلّ على نجاحنا مرّة جديدة.
كيف ترى إلى مستقبل معارض الكتب العربية؟
معارض الكتب هي شبكة توزيع للكتاب على مستوى العالم العربي، بسبب عوامل عدّة ومتغيّرات اقتصادية تختلف من دولة إلى أخرى، منها الجمارك، وتحرير الأموال، وغيرها من الحواجز التي تجعل من معارض الكتب الطريقة الأمثل لإيصال الكاتب والكتاب إلى حيث يجب.
كما أن المعارض هي خزّان المكتبات التجارية، على مستوى الوطن، وعلى المستوى العربي أيضاً، التي تتزوّد من معرضنا لتعزيز مقتنياتها.
نحن نتحدث عن المستقبل فماذا لديكم بعد في هيئة الشارقة للكتاب؟
لدينا خطط كثيرة، ونحن أمام تحدّ مستمرّ مع الذات، وليس مع الآخر، وهذا الأصعب، لأننا لا ننافس الآخرين، بل ننافس أنفسنا في هذا المشروع. ما حقّقناه في هيئة الشارقة للكتاب يفخر به كل عربي، فقد استطعنا أن نغيّر الصورة النمطية للثقافة العربية لدى القارئ، ومن يقول إننا أمة لا تقرأ، فلينظر إلى معرض الشارقة للكتاب.
تستقطبون دولاً لم تكن في بال المثقف ولا القارئ العربي، هذه السنة كوريا هي ضيف الشرف، وقبلها كانت إيطاليا، وسيكون معرضكم ضيف شرف سالونيك عام 2024، أي سياسة تتّبعون؟
الزخم الثقافي الذي قدّمته هيئة الشارقة للكتاب، وسمعة المعرض العالمية، فرضت نفسها على المستوى الثقافي، وأصبحت الدعوات تأتينا من الدول كلها كي نكون ضيف الشرف في معارضها.
أينما يذهب معرض الشارقة يمثّل دولة الإمارات، ونحن لا نحلّ على أي دولة كممثلين للشارقة ودولة الإمارات، لأننا نمثّل الثقافة العربية كلها، ألتقي يومياً سفراء دول يقترحون استضافتنا، والآن لدينا 3 دول من ثلاث قارات مختلفة يرغبون أن يكونوا ضيوف شرف المعرض عام 2025، لأننا اخترنا بطبيعة الحال ضيف شرف العام 2024، وهي دولة مهمة بثقافتها وتاريخها ونتاجها، سنعلن عنها لاحقاً.