أعلنت حكومة الدنمارك، الأربعاء، استثمار نحو 7 مليارات دولار لتسريع بناء قدراتها الدفاعية، وسط مخاوف من تهديدات روسية عقب انتهاء الحرب في أوكرانيا، واحتمال عدم التزام حلف شمال الأطلسي "الناتو" بالمادة الخامسة المتعلقة بالدفاع المشترك ضد الدول الأعضاء.
وأفادت وزارة الدفاع الدنماركية، في بيان، بأن الحكومة قررت تخصيص 50 مليار كرونة (نحو 6.99 مليار دولار)، إضافية على مدى العامين المقبلين، لتسريع تعزيز قواتها الدفاعية، وهو ما يرفع نسبة إنفاقها الدفاعي إلى 3% من الناتج المحلي، حسبما نقلت "بلومبرغ".
وأشارت إلى أن تقييماً لوكالة الاستخبارات الدفاعية الدنماركية، توقع أن تكون روسيا، بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا، قادرة خلال عامين على إعادة بناء قوتها العسكرية إلى مستوى يسمح لها بشن حرب ضد دولة أو أكثر من دول الناتو، في حال عدم إقدام الحلف على تعزيز قدراته العسكرية وغياب الالتزام بمعاهدته الدفاعية.
صندوق دفاعي
وتنص المادة الخامسة من ميثاق الناتو، على أن "أي هجوم، أو عدوان مسلح ضد طرف منهم (أطراف الناتو)، يُعتبر عدواناً عليهم جميعاً، وبناء عليه، فإنهم متفقون على حق الدفاع الذاتي عن أنفسهم، المعترف به في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، بشكل فردي أو جماعي، وتقديم المساندة والعون للطرف أو الأطراف التي تتعرض للهجوم".
وبحسب بيان وزارة الدفاع الدنماركية، فإن هذا الوضع يفرض مطالب متزايدة على جميع أعضاء الناتو، ولهذا ستتحمل الدنمارك حصتها من هذا العبء، واعتبرت الحكومة أن "إلحاح الموقف يتطلب تسريع بناء القدرات القتالية للدفاع الدنماركي".
وتُخطط الدنمارك لإنشاء صندوق دفاعي، يتم من خلاله ضخ 50 مليار كرونة بين عامي 2025 و 2026 للاستثمار السريع في القدرات القتالية، ما يعزز دفاع البلاد على المدى القصير، مع مراعاة متطلبات الناتو وأهداف القدرات الدفاعية.
أهداف الناتو الدفاعية
وفي وقت لاحق، ستبحث الحكومة الدنماركية مدى الحاجة إلى تمويل إضافي للدفاع، بعد الالتزام بالأهداف الجديدة للناتو بشأن القدرات الدفاعية للدول الأعضاء، وعند التفاوض على اتفاق جديد بشأن القطب الشمالي وشمال الأطلسي، وفق البيان.
ومن بين مجموعة من المبادرات، تعتزم الدنمارك تسريع الاستثمارات في القدرات الدفاعية الأساسية. ويمكن أيضاً استخدام الصندوق لدعم أوكرانيا عسكرياً بشكل إضافي.
ويتضمن المخطط الدنماركي، إعادة هيكلة بعض الهيئات داخل وزارة الدفاع، وقيادة الدفاع، بالإضافة إلى التنفيذ السريع لعمليات اتخاذ القرار الأكثر كفاءة.
وقال وزير الدفاع، ترولس لوند بولسن: "خلال عامين، ربما تُشكل روسيا تهديداً حقيقياً لدولة أو أكثر من دول الناتو، إذا لم يعمل الحلف على تعزيز قدراته العسكرية بنفس وتيرة روسيا. وهذا يتطلب اتخاذ إجراءات سياسية سريعة".
وأضاف بولسن، أن "إلحاح الوضع يعني أننا بحاجة إلى القدرة على الاستثمار في وبناء القدرات القتالية بسرعة متزايدة. لدينا تأثير محدود على أوقات الإنتاج، لكن إذا استخدمنا حقنا في منح العقود مباشرة، يمكننا توفير الوقت. علاوة على ذلك، يجب علينا تعزيز التعاون مع الصناعة والحلفاء المقربين، والتدريب على استخدام المعدات، حتى نكون مستعدين لاستخدامها بمجرد تسليمها".
تطوير أنظمة الدفاع
وزير الخارجية الدنماركي، لارس لوكه راسموسن، قال إن الوضع الأمني الحالي "يوضح بشكل جلي أننا بحاجة إلى الاستثمار في الدفاع بوتيرة أسرع من ذي قبل".
وأضاف راسموسن: "يجب على جميع الدول الأوروبية تحمل مسؤولية أكبر تجاه أمن أوروبا، وهذا ما تفعله الدنمارك اليوم. مع صندوق التسريع، سنخصص أكثر من 3% من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع خلال العامين المقبلين، هذا يرسل إشارة واضحة إلى جميع حلفائنا بأننا ندرك التحديات الأمنية، وأننا مستعدون للتحرك الآن".
وأعلنت رئيسة الوزراء، مته فريدريكسن، الأربعاء، أن التمويل الجديد سيعالج النواقص الحادة، لا سيما في أنظمة الدفاع الجوي ضد الصواريخ.
وكانت الدنمارك خصصت العام الماضي 190 مليار كرونة إضافية (نحو 27 مليار دولار) لقواتها المسلحة على مدى 10 سنوات بعد عقود من التخفيضات الكبيرة في الإنفاق الدفاعي، لكنها استنتجت الآن أن هناك حاجة إلى المزيد وبشكل عاجل.
وقالت فريدريكسن، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزيري الخارجية والدفاع: "هل يبدو العالم غير مستقر؟ نعم. هل هناك سبب للاعتقاد بأن هذا الوضع سينتهي قريباً؟ لا".
وتابعت: "هناك رسالة واحدة لرئيس هيئة الأركان: اشترِ، اشترِ، اشترِ".
وأشارت إلى أنه سيتم تنفيذ عمليات الشراء دون المرور بإجراءات المناقصات التقليدية الطويلة، لافتة إلى أنه "إذا لم نتمكن من الحصول على أفضل المعدات، فسنشتري ثاني أفضل خيار. الشيء الوحيد الذي يهم الآن هو السرعة".
تهديد روسي لأوروبا
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، صرحت فريدريكسن، بأن روسيا أصبحت تُشكل تهديداً لأوروبا بأكملها، داعية جميع الدول إلى زيادة الإنفاق الدفاعي لحماية نفسها، بالإضافة إلى تعزيز دعمها لأوكرانيا.
وتواجه الدنمارك ومعظم دول الناتو، ضغوطاً متزايدة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتعزيز قدراتها العسكرية بشكل أكبر.
وعلى الرغم من أن الدنمارك تُعد من بين أكبر الدول المساهمة في تقديم المساعدات العسكرية والمعدات إلى أوكرانيا مقارنة بحجم اقتصادها، إلا أن هذه المساعدات استنزفت قواتها البرية التي تعاني حالياً من نقص في العتاد والذخيرة والموارد البشرية.
وبحسب تقرير لوكالة "رويترز"، أشار خبراء عسكريون ومسؤولون حكوميون إلى أن فترة طويلة من تقليص حجم القوات المحلية تركت الدنمارك دون دفاعات جوية وضعف كبير في قدراتها البحرية.