طهران تستعرض تقدمها في المسيرات بعد أشهر من حربها مع إسرائيل

إيران تختبر محركاً نفاثاً لمسيرتها الشبحية شاهد 161

إيران تعرض طائرتها المسيرة الشبحية "شاهد 161" في طهران. 12 نوفمبر 2025 - Iranian MoD
إيران تعرض طائرتها المسيرة الشبحية "شاهد 161" في طهران. 12 نوفمبر 2025 - Iranian MoD
دبي -الشرق

أجرت القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني، اختباراً علنياً للمحرك النفاث لطائرة "شاهد 161" الشبحية المسيرة خلال معرض دفاعي في طهران. 

ويشير هذا الحدث إلى عقيدة تضع الأنظمة غير المأهولة في صميم استراتيجية الردع الإيرانية، بعد الحرب مع إسرائيل في يونيو الماضي، وفق موقع Army Recognition.

تحول العرض من إجراء اختبار مغلق كعادته إلى عرض مباشر، مما يسلط الضوء على كيفية استخدام إيران بشكل متزايد للعروض العامة للإشارة إلى التقدم في أنظمتها المسيرة. 

ويأتي هذا الاختبار بعد أشهر فقط من الاستخدام المكثف لإيران للطائرات المسيرة إلى جانب الصواريخ الباليستية في اشتباكات يونيو مع إسرائيل، ويؤكد على مكانة الطائرات المسيرة في قلب موقف الردع بالبلاد. 

وبالنسبة للجيوش الإقليمية والمراقبين الخارجيين، يوفر الحدث نافذة نادرة على نضوج عائلة الطائرات المسيرة الشبحية التي تعمل بالطاقة النفاثة، والتي انتقلت من الهندسة العكسية إلى الإنتاج التسلسلي في ظل العقوبات.

"شاهد 161"

والطائرة "شاهد 161"، هي طائرة مسيرة مدمجة، ذات أجنحة طائرة مشتقة من الطائرة الأميركية RQ-170 Sentinel التي استولت عليها إيران في عام 2011. 

 

وتشير المصادر الإيرانية إلى أنها نسخة بمقياس 40% من "شاهد 171"، وهي في حد ذاتها نظيرة كاملة الحجم لـ RQ-170. 

ويتبع هيكل الطائرة نفس فلسفة الملاحظة المنخفضة، من حيث جسم الجناح المختلط، وخطوط ناعمة وغياب أسطح الذيل العمودية لتقليل بصمات الرادار والأشعة تحت الحمراء.

ويبلغ طول الطائرة المسيرة نحو 1.9 مترا وطول جناحيها 5.1 متر، وهي مدعومة بمحرك نفاث صغير من طراز HKS يوفر حوالي 40 كيلوجراماً من الدفع. 

ويمنحها هذا التكوين سرعة قصوى تبلغ 300-350 كيلومتراً/ ساعة وسقف خدمة يبلغ حوالي 7600-8000 متر، مما يجعلها أعلى من مدى الدفاع الجوي قصير المدى، مع بقائها أصغر بكثير من طائرات MALE التقليدية.

وتشير أرقام الأداء المنشورة إلى دائرة قتالية تبلغ حوالي 150 كيلومتراً ومدى أقصى يقترب من 300 كيلومتر.

وأبرز العرض الذي قدمه الحرس الثوري الإيراني، التطور المتزايد لنظام الدفع النفاث الدقيق لطائرة "شاهد 161"، والتطور الأوسع لسلسلة طائرات شاهد الخفية من منصات اختبار واسعة النطاق مستمدة من RQ-170 إلى مجموعة متعددة الطبقات من الأنظمة شاهد طرازات 141، 161، 181، 191، و171، تغطي مهام طويلة المدى وحمولة أثقل بشكل متزايد، مع الحفاظ على خصائص منخفضة الملاحظة في جميع أنحاء الأسطول.

وضمن هذه البنية، تحتل طائرة "شاهد 161" مكانة مميزة بين الذخائر المتسكعة القابلة للاستهلاك ومنصات الاستطلاع المتطورة. 

صعوبة اكتشافها

وأدى حجمها الصغير وشكلها المُحسن للتخفي إلى جعل اكتشافها أصعب من الطائرات المسيرة الأكبر حجماً ذات المراوح، بينما يوفر محركها النفاث الصغير سرعات اندفاع أعلى للاختراق والهجوم النهائي. 

وفي الوقت نفسه، يشير مداها وحمولتها المحدودان نسبياً مقارنة بطائرتي "شاهد 171" أو "شاهد 191" إلى أنها مصممة لمهام تكتيكية عالية القيمة، مثل الاشتباك مع رادارات الدفاع الجوي الأمامية، أو مراكز القيادة الثابتة، أو البنية التحتية الحيوية القريبة نسبياً من الأراضي الإيرانية أو الحليفة.

ويشير الجمع بين الباحث والرأس الحربي إلى دور طائرة مسيرة "انتحارية" باهظة الثمن ودقيقة للاستخدام ضد أهداف محمية ذات أولوية عالية.

ومع أقصى وزن للإقلاع يبلغ حوالي 170 كيلوجراماً وحوالي 40 إلى 50 كيلوجراماً متاحة لحمولات المهمة، يبدو أن "شاهد 161" مُحسنة للمهام التكتيكية قصيرة إلى متوسطة المدى بدلاً من الدوريات طويلة الأمد.

ويمكن أن تحمل إما قنبلتين موجهتين بدقة تصل إلى 50 كيلوجراماً لكل منهما أو حزمة رأس حربي باحث، بالإضافة إلى أبراج استشعار كهروضوئية وأشعة تحت الحمراء للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR). 

ومن الناحية التشغيلية، يمنح هذا المنصة هوية مزدوجة، حيث يمكن أن تعمل كأصل ISR خفي، ولكن أيضاً كذخيرة متسكعة ضد أهداف عالية القيمة إذا تم تكوينها برأس حربي مخصص.

التاريخ التشغيلي

جرى استخدام طائرات "شاهد 181" و191 المسيرة في يونيو 2017 خلال عملية "ليلة القدر" ضد أهداف لداعش في سوريا، فيما يُستشهد بها غالباً على أنه أحد أول الضربات الموثقة لطائرات مسيرة في تشكيل سرب من قبل جهة فاعلة في الدولة الإيرانية. 

وأفادت وسائل الإعلام الإيرانية المحلية، أن "شاهد 161" اُستخدمت للاستطلاع والضربات في سوريا وعروضاً متكررة للمعارض. 

وخلال الاشتباكات بين إسرائيل وإيران في يونيو الماضي، أطلقت طهران مئات الطائرات المسيرة والصواريخ على مدى 12 يوماً، واختبرت حدود أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي الإقليمية؛ بينما ركزت التقارير العامة إلى حد كبير على ذخائر التسكع من نوع شاهد 136.

 

وبالمقارنة مع الطائرات المسيرة الإيرانية الأخرى التي تصدرت المشهد، وخاصة طائرات "شاهد 131" و"شاهد 136" الهجومية أحادية الاتجاه التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا وإيران وشركائها في الشرق الأوسط، فإن طائرة "شاهد 161" تمثل فلسفة تصميم مختلفة. 

وتفضل سلسلة 131/136 البساطة وانخفاض التكلفة والاستخدام الجماعي على حساب إدارة التوقيع وإمكانية إعادة الاستخدام؛ وهي صواريخ موجهة بعيدة المدى فعلياً. 

على النقيض،  تعد "شاهد 161" نظاماً خفياً وقابلاً لإعادة الاستخدام، ويتم تعويض قلة أعدادها بالقدرة على حمل أجهزة استشعار وذخائر دقيقة في المجال الجوي المتنازع عليه. 

وبهذا المعنى، فهي أقرب إلى الطائرات المسيرة التكتيكية الغربية الخفية أو الذخائر المتسكعة المتطورة المصممة للبقاء في البيئات المحمية بدلاً من إغراقها.

محرك نفاث جديد

من الناحية الهندسية، يُبرز اختبار المحرك ، لتقدم المُحرز في تكنولوجيا المحركات النفاثة الصغيرة المحلية، وهو مجال اعتمدت فيه إيران تاريخياً على المحركات التجارية المستوردة أو المُعدلة. 

ويُشير الأداء المُوثوق للمحرك، إلى ثقة طهران في قدرتها على تصنيع ودعم محطات الطاقة هذه بكميات كبيرة، الأمر الذي قد يكون له آثار تتجاوز طائرة "شاهد 161". 

 

ويمكن تكييف المحركات النفاثة الصغيرة من هذه الفئة مع الذخائر المُتنقلة، وصواريخ كروز، وغيرها من المنصات غير المأهولة، مما يُوفر للحرس الثوري الإيراني مجموعة دفع أكثر تنوعاً، ويُقلل من التعرض للعقوبات على المكونات الأجنبية.

ومن هذا المنظور، تُعالج الطائرات المسيرة العديد من تحديات الدفاع الهيكلية التي تواجهها إيران، فهي تُوفر خدمات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع بتكلفة منخفضة نسبياً، وتُبرز القوة دون تعريض الطيارين للخطر، وتُنتج محلياً، مما يُعزل سلاسل التوريد عن النفوذ الخارجي.

ويُضفي السياق الجيوسياسي على هذا المسار التكنولوجي صدى خاصاً، فإيران مُحاطة بمنشآت عسكرية أميركية، وتواجه منافسين إقليميين، أبرزهم إسرائيل المُجهزة بطائرات غربية متطورة وشبكات دفاع جوي مُتكاملة. 

وسلطت الدراسات التحليلية لحرب يونيو الماضي، الضوء على كيفية استخدام كلا الجانبين للصواريخ بعيدة المدى والطائرات المُسيرة لمسافات تتجاوز 2000 كيلومتر، مما يجعل القدرة على البقاء والأعداد متغيرات حاسمة. 

وفي ظل بيئة تهديد كهذه، تُوفر منصات مثل "شاهد 161" لإيران خيارات إضافية للاستطلاع وتوجيه ضربات دقيقة ضد أهداف بالغة الأهمية، مٌكملة ترسانتها من الصواريخ الباليستية وطائراتها المُسيرة الهجومية أحادية الاتجاه الأكثر عدداً.

وبالنسبة للتخطيط العسكري الإيراني، يُشير اختبار محرك "شاهد 161" إلى أن عائلة الطائرات المسيرة الشبحية التي انطلقت قبل أكثر من عقد ليست مجرد عرض، بل منظومة متكاملة متطورة، تتضمن تحسينات تدريجية في الدفع، وأجهزة الاستشعار، وتكامل الأسلحة، وأساليب الإطلاق. 

وفي أعقاب اشتباكات يونيو، عندما ظهر اعتماد إيران على الصواريخ والطائرات المسيرة واضحاً، ودقق المحللون في نقاط ضعف دفاعها الجوي، فإن الاستثمار المستمر في منصات الطائرات المسيرة القادرة على الصمود يخدم أغراض الردع والرسائل الداخلية على حد سواء.

ويُعد تشغيل محرك طائرة "شاهد 161"، أكثر من مجرد "إنجاز تقني"، فهو يُجسد مسار إيران من الهندسة العكسية لطائرة مسيرة أجنبية مُستولى عليها إلى نشر عائلة محلية من الطائرات المسيرة الشبحية ذات الأدوار التكتيكية المتميزة. 

وبالنسبة للجيوش الإقليمية، يُذكر هذا بأنه وراء الاستخدام المكثف للذخائر المتسكعة البسيطة، يكمن أسطول أصغر حجماً ولكنه متزايد القدرات من الطائرات المسيرة الشبحية المصممة للعمل في الأجواء المتنازع عليها. 

تصنيفات

قصص قد تهمك