هل تحقق القوات الأوكرانية تقدماً على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو؟

رجل يصطاد في نهر دنيبرو في كييف، أوكرانيا. 26 أكتوبر 2023 - REUTERS
رجل يصطاد في نهر دنيبرو في كييف، أوكرانيا. 26 أكتوبر 2023 - REUTERS
دبي-الشرق

جاء إعلان القوات الأوكرانية الأسبوع الماضي، أنها نجحت في التمسك بمواقعها التي حررتها قبل أشهر من الجيش الروسي على طول الضفة الشرقية لنهر دنيبرو، لتفتح الباب لتكهنات بشأن اقتراب إطلاق كييف عملية عسكرية لاسترداد شبه جزيرة القرم.

ولاحظت قناة "فرانس 24"، أن كييف ظلت خلال الأسابيع الأخيرة متكتمة على طبيعة ونتائج تحركاتها على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو في مقاطعة خيرسون جنوبي أوكرانيا، الأقرب إلى شبه جزيرة القرم، إلى أن أصدرت هيئة الأركان العامة الأوكرانية تهنئة رسمية، الأربعاء الماضي، تعلن فيها أنها حققت مكاسب، وتمسكت بها في المنطقة المذكورة.

وأضافت القناة أن التقدم الأوكراني على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو خلق توتراً غير معهود بين الحكومة الروسية و"المدونين العسكريين"، وهم محللون عسكريون من القوميين الروس المتشددين عادة يناقشون ويحللون مجريات الحرب على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال المحلل العسكري بشركة Force Analysis الأميركية سيم تاك، إن "موسكو تعلن رسمياً، وتكرر أنها توقف جميع الهجمات الأوكرانية في هذه المنطقة، ولكن المحللين العسكريين أخذوا يعترفون على مواقع التواصل الاجتماعي بأن أوكرانيا حققت تقدماً".

وطوال ما يقرب من عام، ظل الجيش الأوكراني يختبر الدفاعات الروسية انطلاقاً من الضفة الغربية لنهر دنيبرو، ولكن قبل أكتوبر الماضي، لم تكن أي قوة أوكرانية تعبر إلى الضفة الشرقية تتمسك بموقعها، ولكن يبدو أن كل شيء تبدل قبل أكثر قليلاً من شهر، عندما استولت القوات الأوكرانية على قريتي بيشانيفكا وبويما على الضفة الشرقية للنهر، ومنذ ذلك الحين تعمل على تشييد مقار وتحصينات تلائم طقس الشتاء، فيما يتزايد بمرور الوقت عدد الجنود الأوكرانيين الذين عبروا إلى الضفة الشرقية وتمركزوا فيها.

ويبدو أن القوات الأوكرانية بدأت تعتبر الضفة الشرقية لنهر دنيبرو جبهة جديدة لهجومها المضاد، الذي بدأ في يونيو الماضي، ويوضح تاك أن "أعمال القتال الرئيسية تدور حول قرية كرينكي الواقعة على مسافة 30 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة خيرسون، حيث لا تزال القوات الروسية تتمسك بمواقعها".

إبعاد المدفعية الروسية

وتكمن خطورة الموقف الحالي على ضفتي نهر دنيبرو في مقاطعة خيرسون بالنسبة للقوات الروسية في أن القوات الأوكرانية استطاعت تأمين عدة نقاط عبور تمكّنها من تعزيز مواقعها على الضفة الشرقية، وتغيير مناوباتها بما يحسن جهوزيتها القتالية.

وهو تطور ليس بالهين على الإطلاق، بالنظر إلى خطورة وتعقيد مهمة عبور الموانع المائية وتأمينها، ولهذا السبب كان نهر دنيبرو يُعد من أفضل العناصر في موقف روسيا الدفاعي جنوبي أوكرانيا.

ولفت الباحث المراقب للحرب في أوكرانيا بجامعة جلاسكو الاسكتلندية حسين علييف، إلى أن القوات الأوكرانية بعبورها إلى الضفة الشرقية لنهر دنيبرو، حتى ولو بحجم صغير من القوات، قد أزالت عقبة كبيرة من طريقها، إذ أصبح بمقدورها تأمين عبور وحدات صغيرة من المشاة مدعمة بمركبات خفيفة، وإن لا تزال المنطقة غير آمنة بعد لإرسال تشكيلات كبيرة من الدبابات والمدفعية الثقيلة.

وبطبيعة الحال، لا يمكن للقوات الأوكرانية شن هجوم كبير شرقي نهر دنيبرو إلا بعد عبور وحدات كبيرة بأسلحة ثقيلة إلى الضفة الشرقية، ولذا ينصب التركيز في الوقت الراهن على دفع تشكيلات ومواقع المدفعية الروسية إلى أبعد نقطة ممكنة عن الضفة الشرقية، لإبقاء أي وحدات دبابات أوكرانية تحاول العبور إلى الشرق خارج مرمى المدفعية الروسية، وهي المهمة التي لم تنجزها القوات الأوكرانية حتى الآن. 

وفي الوقت ذاته، تدرس كييف ما إذا كان يتعين عليها الاستيلاء على المزيد من المواقع في المنطقة، لا سيما وأن القوات الروسية الموجودة هناك أقل تدريباً وتسليحاً من تلك المتمركزة في مدينتي باخموت وزابوروجيا، حيث تركز أوكرانيا المجهود الرئيسي لهجومها المضاد.

قرار خطر

وينبه المحلل العسكري بشركة Force Analysis الأميركية سيم تاك، إلى أن أوكرانيا تفتقر حتى الآن إلى قوة النيران اللازمة للوصول إلى شبه جزيرة القرم، والذي يُفترض أن يكون الهدف الرئيسي لأي هجوم أوكراني في مقاطعة خيرسون، ولذا فإن كل الهجمات الأوكرانية على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو حتى الآن يمكن اعتبارها مجرد محاولة لإجبار روسيا على نقل قسم من قواتها إلى هذه المنطقة، على نحو يضعف مواقعها ودفاعاتها في زابوروجيا، فإن لم تبتلع روسيا هذا الطعم يمكن لكييف عندئذ أن تفكر في شن هجوم كبير في خيرسون شرق النهر. 

ولكن هذا القرار الخطر، كما يصفه علييف، سيقتضي حشد حجم كبير من القوات، تتضمن 100 دبابة على الأقل ومئات المركبات ووحدات مشاة خفيفة، ومن الواضح أنه ليس لدى أوكرانيا هذا الحجم من القوات في احتياطيها، وربما تجد نفسها مضطرة لتجميع ونقل قوات من نقاط أخرى على الجبهة، وهو ما قد يسمح للقوات الروسية بشن هجوم مضاد بدورها. 

وعلاوة على ذلك، فإن الإعداد لشن هجوم أوكراني كبير في خيرسون لا يستغرق وقتاً طويلاً فحسب، وإنما ينطوي على مجازفة بتحويل الضفة الشرقية لنهر دنيبرو إلى مصيدة قاتلة للقوات الأوكرانية.

ويرى كل من تاك وعلييف أن روسيا تنتظر حشد مزيد من القوات الأوكرانية شرق النهر قبل أن تحرك بدورها قوات لتطويقها وقطع طريق الرجعة عليها، ولذا تتأنى كييف بشأن إرسال مزيد من القوات إلى شرق نهر دنيبرو.

ومع ذلك، يجادل علييف بأنه ليس أمام كييف خيارات كثيرة، فالهجوم المضاد الأوكراني في باخموت وزابوروجيا فقد زخمه، ووصل إلى نقطة من الجمود، في حين تبدو الضفة الشرقية لنهر دنيبرو في خيرسون فرصة مثالية لإظهار أن القوات الأوكرانية تحقق تقدماً، وبعبارة أخرى فسيكون على أوكرانيا اتخاذ قرارات تنطوي على مجازفة كبيرة إذا ما أرادت البرهنة على أن هجومها المضاد يثمر نتائج معتبرة.

تصنيفات

قصص قد تهمك