بريطانيا.. تراجع إصابات كورونا بطيء في المناطق الفقيرة

أحد شوارع العاصمة البريطانية لندن شبه خالٍ من المارة وسط إغلاق ثالث فرضته السلطات لاحتواء فيروس كورونا، 12 يناير 2021 - AFP
أحد شوارع العاصمة البريطانية لندن شبه خالٍ من المارة وسط إغلاق ثالث فرضته السلطات لاحتواء فيروس كورونا، 12 يناير 2021 - AFP
دبي- الشرق

أظهر تحليل مفصل لبيانات حكومية بريطانية أجرته صحيفة "ذي غارديان" أن تراجع معدلات الإصابة بفيروس كورونا في المناطق الفقيرة بالمملكة المتحدة منذ بداية العام أقل بكثير من نظيره في المناطق الأكثر ثراء.

وأشارت الأرقام التي جمعها حزب العمال من الإحصاءات الرسمية وتم التحقق من دقتها في مكتبة مجلس العموم، إلى أن معدلات الإصابة لكل 100 ألف شخص في الأسبوع الأخير من يناير كانت مرتفعة بشكل ملحوظ في العديد من الدوائر البرلمانية الأكثر فقراً مقارنة بالدوائر الأكثر ثراء.

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن هذا التفاوت الحاد في معدلات الإصابة بين المناطق الفقيرة والغنية سيصعّب على حكومة بوريس جونسون تقديم مبررات مقبولة لتخفيف إجراءات الإغلاق. 

لامساواة مناطقية

ووفق "ذي غارديان"، يخشى العلماء من أن يؤدي ارتفاع معدلات الإصابة في بعض المناطق إلى تفشي الفيروس في المناطق الأقل تضرراً حال إنهاء تدابير الإغلاق، ما يعيد البلاد إلى نقطة الصفر.

في مدينة بريستن، تشير البيانات إلى أن معدل الإصابة بفيروس كورونا تراجع بنسبة 9% بين الأسبوع الأول والأخير من يناير، مخلفاً 357 حالة لكل 100 ألف من السكان، وفقاً لمتوسط السبعة أيام لآخر أسبوع من ذلك الشهر.

وفي الدائرة الانتخابية الغربية من برادفورد، وصل معدل التراجع إلى 14%، بمتوسط 274 حالة لكل 100 ألف شخص في نهاية يناير. وفي روثرهام، بلغ معدل التراجع في يناير 18% مخلفاً 291 حالة لكل 100 ألف شخص. 

مشاة يعبرون جسر وستمنستر شبه المهجور في وسط لندن خلال الإغلاق الثالث المفروض لاحتواء كورونا- 16 يناير 2021  - AFP
مشاة يعبرون جسر وستمنستر شبه المهجور في وسط لندن خلال الإغلاق الثالث المفروض لاحتواء كورونا، 16 يناير 2021 - AFP

أما المناطق الأكثر ثراء، فحققت معدلات تراجع أعلى بكثير، وفقاً للصحيفة. ففي دائرة أكسفورد ويست وأبينغدون، انخفض معدل الحالات بنسبة 72%، بمتوسط 137 حالة لكل 100 ألف شخص، في الأسبوع الأخير من يناير. 

وفي سافرون والدون بمقاطعة إيسيكس، تراجعت الحالات بنسبة 72%، مخلفة 237 حالة لكل 100 ألف شخص بحلول نهاية يناير. وفي ساري هيث، بلغ معدل التراجع 70%، ما يعني 241 حالة لكل 100 ألف.

ضغوط المحافظين

وفي تعليق على هذه الأرقام، قال وزير الصحة (الظل) في حزب العمال، جوناثان أشورث، لـ"ذي غارديان" إن "إخفاق الحكومة في تقديم الدعم المالي لمساعدة ذوي الدخل المنخفض على التزام العزل الذاتي أدى إلى اتساع الهوة في معدلات الإصابة بكورونا". 

وأضاف: "نظراً لأننا نواجه اليوم فيروسات متحورة جديدة أكثر عدوى، وربما يستعصي بعضها على اللقاحات، فقد باتت المشكلة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى".

وتابع: "من دون مساعدة مالية مناسبة، ستستمر سلاسل العدوى بلا توقف في هذه المناطق، وسيظل الناس تحت وطأة المرض، ما يبقي خفض المعدلات وعوداً حكومية لا تتجاوز الحناجر". 

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خلال مؤتمر صحافي افتراضي لتقديم المستجدات المتعلقة بوباء كورونا- 3 فبراير 2021 - AFP
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خلال مؤتمر صحافي افتراضي لتقديم المستجدات المتعلقة بوباء كورونا، 3 فبراير 2021 - AFP

وأشارت "ذي غارديان" إلى أن جونسون يواجه مجدداً ضغوطاً مكثفة من أعضاء حزب المحافظين لتحديد المدى الزمني لتخفيف إجراءات الإغلاق في ظل تراجع أعداد الإصابات وارتفاع عدد الأفراد الذين تلقوا اللقاح

وفي هذا السياق، قال غراهام برادي، رئيس لجنة 1922 التي تضم جميع أعضاء البرلمان المحافظين، للصحيفة: "بررت الحكومة تنفيذ إغلاق وطني ثالث بالإرهاق الشديد الذي تعرّضت له الطاقة الاستيعابية لمؤسسة الصحة الوطنية، والآن أدى التقدم في برنامج التطعيم والانخفاض السريع في معدل الإصابات منذ بداية العام إلى تراجع الضغوط على المستشفيات، لذا بات من الضروري ألا يستمر هذا الإغلاق الذي لا يدعم أبداً المعايير الجديدة".  

قيود السفر

ونقلت الصحيفة البريطانية تحذير علماء من مخاطر الانتقال من المناطق التي ترتفع فيها معدلات الإصابة إلى المناطق الأقل تضرراً، بما في ذلك من اسكتلندا إلى إنجلترا والعكس. 

وأشارت الصحيفة إلى أن اسكتلندا حققت معدلات انخفاض مرتفعة الصيف الماضي، ولكنها تضررت بشدة مجدداً بسبب حركة السياحة الداخلية منها وإليها من قبل مواطنين يقضون إجازاتهم، كان كثير منهم يحملون الفيروس، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الإصابة مجدداً. 

محطة لركاب الحافلات في لندن تحض السكان على البقاء في المنازل خلال الإغلاق المفروض لاحتواء كورونا - 15 يناير 2021 - AFP
محطة حافلات في لندن تحض السكان على البقاء في المنازل خلال الإغلاق المفروض لاحتواء كورونا، 15 يناير 2021 - AFP

 وقالت البروفيسورة ليندا بولد في جامعة إدنبرة: "في حال استمرار هذا الوضع، سنواجه مشكلات عدة".

وأضافت: "إذا كنا لا نريد أن يتحوّل عبور الحدود إلى مشكلة مجدداً، فسيتعين علينا معالجة ذلك مسبقاً من خلال خفض أعداد الحالات في كل أنحاء المملكة المتحدة قبل مجرد التفكير في تخفيف قيود السفر داخل بريطانيا". 

فتح المدارس

ووفق الصحيفة، حذر بعض العلماء من أن فتح المدارس قد يرفع مستوى العدوى، إذ نقلت عن البروفيسور جون إدموندز، من كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة، قوله: "أعتقد أن فتح المدارس يشكل خطراً". 

وأوضح: "إذا اكتفينا بفتح المدارس ولم نفعل شيئاً آخر لتخفيف القيود، فسيبدأ مؤشر الحالات على الأرجح طريقه نحو الصعود، وسيتعين علينا بعد ذلك أن نتخذ إجراء ما، كي لا نضع الهيئات الصحية مجدداً تحت الضغط، ومن ثم علينا المضي قدماً بحذر شديد".

تلاميذ مدرسة ثانوية في أودهام غرب لندن يغادرونها عقب إعلان الحكومة إغلاق المدارس بسبب جائحة كورونا في 20 مارس 2020  - AFP
تلاميذ مدرسة ثانوية في أودهام غرب لندن يغادرونها عقب إعلان الحكومة إغلاق المدارس بسبب جائحة كورونا، 20 مارس 2020 - AFP

وأوضح إدموندز أن "تطعيم الأطفال هو الطريقة الأكثر أماناً لإعادتهم إلى المدارس، لكن اللقاحات المتوفرة حالياً يمكن استخدامها فقط للأشخاص الذين تفوق أعمارهم 18 عاماً"، واصفاً هذا الوضع بـ"مشكلة حقيقية".

وقال إن الأطفال والمراهقين "يقبعون حالياً في ذيل صف انتظار اللقاح لأننا نصرف كل اهتمامنا إلى منع دخول المستشفيات وحدوث الوفيات"، لكن "السؤال حول مدى صحة هذا الأمر يبقى شأناً أخلاقياً متعلقاً بالمبادئ والقيم المهنية، وهو ما يجب مناقشته علناً". 

اقرأ أيضاً: