بحث يكشف لغز الولادة المبكرة

طفل حديث الولادة في مستشفى بكوبا - 19 يونيو 2015 - REUTERS
طفل حديث الولادة في مستشفى بكوبا - 19 يونيو 2015 - REUTERS
القاهرة-محمد منصور

في عام 2010، اكتشف أرديم باتابوتيان، وهو عالم أحياء جزيئية وعالم أعصاب لبناني أميركي من أصل أرمني، يعمل في "معهد سكريبس للأبحاث" بكاليفورنيا، بروتينات تُسمّى "بيزو 1" و"بيزو 2" تعمل بوصفها قنوات أيونية حسّاسة ميكانيكياً.

وفي 2021، تقاسم باتابوتيان جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء والطب، مع ديفيد جوليوس، الذي اكتشف كيف يمكن إدراك الشعور بالحرارة والبرودة.

والقناة الأيونية الحسّاسة ميكانيكياً، يمكنها استشعار التغيّرات في القوة الميكانيكية لغشاء الخلية والتفاعل بسرعة.

ويمكن أن يؤدي تفاعل القناة الأيونية هذا إلى تحويل الإشارة الميكانيكية التي يشعر بها الغشاء، إلى إشارة كهربائية أو كيماوية. ويبدو أن لذلك الاكتشاف علاقة بالولادة المبكرة.

وتُعدّ الولادة المبكرة سبباً أساسياً لوفاة الأطفال حديثي الولادة، إذ تسبّب وفاة نحو مليون طفل في العالم.

كما أن الولادة المبكرة التي تُعرّف بكونها الولادة قبل 37 أسبوعاً من الحمل، هي السبب الرئيس لوفاة الأطفال دون سنّ الخامسة، بسبب مضاعفات مرضية، وتشمل عدوى متكررة، ومشكلات في الجهاز التنفسي، وصعوبة في التغذية، وضعف القدرة على تنظيم درجة حرارة الجسم.

سبب الولادة المبكرة

وظلّ السبب في الولادة المبكرة غير معروف بدقة، لكن باحثين حددوا السبب الآن.

ويشير بحث جديد، نُشر في دورية "فيسيولوجي"، إلى أن بروتين "بيزو1" Piezo 1، وهو أحد البروتينات المسؤولة عن تنظيم سلوك الرحم، هو المسؤول الأول عن حدوث الولادة المبكرة.

ويحافظ بروتين "بيزو 1" على استرخاء الرحم، ما يضمن استمراره في التمدد والتوسّع خلال الأسابيع الـ40 التي يستغرقها نموّ الجنين.

ويقول باحثون إن تحديد مسؤولية "بيزو 1" في الرحم، ودوره في الحفاظ على قنوات تنشيط التوسّع أثناء الحمل، يمهّد لتطوير الأدوية والعلاجات التي يمكن أن تعالج أو تؤخّر المخاض المبكر.

وتُعتبر الطبقة الخارجية العضلية للرحم غريبة، لأنها العضلة الوحيدة التي لا تنظمها الأعصاب ويجب أن تبقى غير نشطة لمدة 40 أسبوعاً، رغم التوسّع الكبير والتمدد مع تطوّر الجنين إلى طفل.

استرخاء العضلات حتى المخاض

درس باحثون بجامعة نيفادا عيّنات من الأنسجة للعضلات الملساء للرحم، في محاولة لفهم أفضل للديناميكيات التي تتحكّم بالرحم، وكيفية الحفاظ على الحمل ومعرفة ما يحافظ على حالة استرخاء العضلات حتى المخاض.

وشدّ الباحثون أنسجة الرحم لتقليد ما يحدث أثناء الحمل، ليجدوا أن عملية الشدّ تنشّط قنوات "بيزو 1". يؤدي ذلك إلى تدفق جزيئات الكالسيوم لتوليد سلسلة إشارات تنشّط إنزيماً يُسمّى "سينثاس أكسيد النيتريك" لإنتاج جزيء أكسيد النيتريك. وتعزّز تلك الجزيئات إنتاج بروتين "بيزو 1"، وتحافظ على حالة الرحم النائمة.

ويتحكّم إنتاج ذلك البروتين بالرحم، من خلال العمل بطريقة تعتمد على الجرعة، ويُنظّم بواسطة مادة كيماوية تُسمّى "يودا 1" Yoda1، عبر مادة كيماوية تُسمّى "دوكو 1" Dooku1.

وعندما يُنظّم "بيزو 1"، يبقى الرحم في حالة استرخاء. ولكن في حالة الولادة قبل الأوان، تنخفض مستويات بروتين "بيزو1" بشكل كبير، ما يؤدي إلى "إيقاف" الإشارات الخاملة إلى العضلات، وبالتالي ينقبض الرحم ويبدأ المخاض.

احتمالات تطوير علاج

ويقول الباحثون إن الحمل هو المثال الأكثر إثارة للإعجاب لقوة عضلة الإنسان على تحمّل الإجهاد الميكانيكي لفترة طويلة.

وبالتالي، فإن العثور على "بيزو 1" في الطبقة العضلية للرحم يعني أن التحكّم به يتمّ عبر خلايا موجودة في مكانه، بواسطة آلية تنشط بالتمدد بدلاً من التأثير الهرموني من المبيض أو المشيمة.

ومن المقلق أن لا أدوية حتى الآن، تتيح وقف المخاض المبكر. ولكن بفضل اكتشاف بروتينات "بيزو"، المسؤولة عن كيفية استجابة الجسم للقوة الميكانيكية، واكتشاف العلماء لدور هذا البروتين في الولادة المبكرة، أصبحنا الآن أقرب إلى تطوير علاج.

ويتيح "بيزو 1" وآلية الاسترخاء العضلي الخاصة به، هدفاً يمكننا تنشيطه باستخدام الأدوية. ويشير الباحثون إلى وجوب اختبار ذلك البروتين، مع إجراء مزيد من الدراسات، وربما تنفيذ تجارب سريرية في المستقبل.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات

قصص قد تهمك