دراسة: تناول 4 أكواب من الشاي قد يُخفض خطر الإصابة بالسكري

دراسة بحثية تفيد بأن الاستهلاك المعتدل للشاي الأسود أو الأخضر أو الشاي الصيني الأسود قد يخفّض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. - REUTERS
دراسة بحثية تفيد بأن الاستهلاك المعتدل للشاي الأسود أو الأخضر أو الشاي الصيني الأسود قد يخفّض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. - REUTERS
القاهرة-محمد منصور

يأتي الشاي ثانياً في قائمة المشروبات الأكثر استهلاكاً في العالم بعد الماء. وهناك العديد من أنواع الشاي التي تختلف في المذاق واللون لكنها تتفق في بعض تأثيراتها على الصحة.

وطيلة الأعوام الماضية، اختبر الباحثون تأثير تناول الشاي على الصحة، وعثر بعضهم على أدلة مُعتدلة تؤكد أن تناول الشاي يرتبط بتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب التاجية.

واقترحت دراسات أخرى ارتباط تناول الشاي بانخفاض الإصابة بالسرطان، وأكدت مجموعة أخرى من الدراسات على أن تناول الشاي يُحسن الأداء العقلي بسبب احتوائه على الكافيين.  

والآن، تعرض دراسة مراجعة منهجية شملت تحليلاً لـ19 دراسة جماعية أجريت على أكثر من مليون بالغ في 8 بلدان، أن الاستهلاك المعتدل للشاي الأسود أو الأخضر أو الشاي الصيني الأسود "شاي أولونج" يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

النظام الغذائي والسكري

والنتائج التي عُرضت في الاجتماع السنوي للجمعية الأوربية لدراسة مرض السكري تُشير إلى أن شرب 4 أكواب على الأقل من الشاي يومياً يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بسكري النوع الثاني بنسبة 17٪ على مدى فترة 10 سنوات في المتوسط.

ويختلف سكري النوع الثاني عن سكري النوع الأول بشكل جذري. إذ يُمكن الوقاية من الإصابة بالنوع الثاني عن طريق اتباع الأنظمة الغذائية الصحية وخفض الوزن وممارسة الرياضة.

وفي حين أن النوع الأول من السكري يُصيب في الغالب صغار السن، ويُصاب المرضى بالنوع الثاني في عمر الشباب. وحتى الآن لا يوجد علاج نهائي للسكري، سواء النوع الأول أو الثاني.

لذا فإن دراسة المراجعة الأخيرة ذات أهمية خاصة. إذ تُحلل نتائج العديد من الدراسات الأخرى التي شملت عينة ضخمة يُمكن أن تكون لها دلالة إحصائية، على الرغم من عدم تمكن الدراسة الجديدة من تكوين علاقة سببية بين تناول الشاي وخفض مخاطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري.

ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة زاينج لي وهو باحث بجامعة ووهان للعلوم والتكنولوجيا في الصين، إن تلك النتائج مثيرة لأنها تشير إلى أن الناس يمكن أن يفعلوا شيئاً بسيطاً مثل شرب 4 أكواب من الشاي يومياً لتقليل احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

عدم اليقين

في حين أنه من المعروف منذ فترة طويلة أن شرب الشاي بانتظام قد يكون مفيداً للصحة بسبب مضادات الأكسدة المختلفة والمركبات المضادة للالتهابات والمضادة للسرطان التي يحتوي عليها الشاي، إلا أن العلاقة بين شرب الشاي وخطر الإصابة بـمرض السكري من النوع الثاني أقل وضوحاً. فحتى الآن، أبلغت الدراسات المنشورة والتحليلات التلوية عن نتائج غير متسقة.

ولمعالجة حالة عدم اليقين هذه أجرى الباحثون دراسة جماعية وتحليل استجابة للجرعة لتحديد العلاقة بين استهلاك الشاي والمخاطر المستقبلية للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

وفحص الباحثون بيانات لـ 5 آلاف و199 بالغاً (2583 رجلاً و2616 امرأة) ليس لديهم تاريخ مرضي يتعلق بالسكري.

وكان متوسط ​​العمر وقت بداية الدراسة 42 عاماً. وجاءت البيانات من مسح الصحة والتغذية في الصين. وبدأ ذلك المسح في عام 1997 وتم متابعة المتطوعين حتى عام 2009. 

وفي البداية، قام المشاركون بملء استبيان لنوعية الطعام والشراب وقدموا معلومات عن عوامل نمط الحياة مثل التمارين المنتظمة والتدخين واستهلاك الكحول. 

وبشكل عام، أبلغ 2379 (46٪) مشاركاً عن شرب الشاي، وبحلول نهاية الدراسة، كان 522 (10٪) مشاركاً قد طوروا مرض السكري من النوع الثاني.

نتائج محبطة

وبعد تعديل العوامل المعروفة بارتباطها بزيادة خطر الإصابة بـسكري النوع الثاني، مثل العمر والجنس وقلة النشاط البدني، جاءت النتائج محبطة. إذ وجد الباحثون أن شاربي الشاي لديهم مخاطر مماثلة للإصابة بـسكري النوع الثاني مقارنةً بغير شاربيه.

ولم تتغير النتائج بشكل كبير عند تحليلها حسب العمر والجنس، أو عند استبعاد المشاركين الذين أصيبوا بمرض السكري خلال السنوات الثلاث الأولى من المتابعة.

وفي الخطوة التالية من الدراسة، أجرى الباحثون مراجعة منهجية لجميع الدراسات الكبرى التي تبحث في شرب الشاي وخطر الإصابة بـسكري النوع الثاني لدى البالغين (الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاماً) حتى سبتمبر 2021. 

وتمت مراجعة نتائج 19 دراسة جماعية شملت أكثر من مليون مشارك (1076311 مشاركاً) من 8 بلدان.

وخلال تلك المراجعة اكتشف الباحثون التأثير المحتمل لأنواع مختلفة من الشاي (الشاي الأخضر، والشاي الصيني الأسود، والشاي الأسود) وتكرار شرب الشاي (أقل من كوب واحد في اليوم، و1-3 أكواب في اليوم، و 4 أكواب أو أكثر في اليوم)، الجنس (ذكر وأنثى)، وموقع الدراسة (أوروبا وأميركا وآسيا) على مخاطر سكري النوع الثاني.

وبشكل عام وجد التحليل المعمق ارتباطاً خطياً بين شرب الشاي ومخاطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، حيث يقلل كل كوب من الشاي يومياً من خطر الإصابة بـذلك المرض بحوالي 1٪.

وعند المقارنة بالبالغين الذين لم يشربوا الشاي، فإن أولئك الذين شربوا 1-3 أكواب يومياً قللوا من خطر الإصابة بـسكري النوع الثاني بنسبة 4٪، في حين أن أولئك الذين تناولوا 4 أكواب على الأقل يومياً قللوا من خطر الإصابة بنسبة 17٪.

وتمت ملاحظة ذلك الارتباط بغض النظر عن نوع الشاي الذي شربه المشاركون، وبغض النظر عن جنسهم سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، أو المكان الذي يعيشون فيه. ما يشير إلى أن كمية الشاي المستهلكة، وليس أي عامل آخر، هو الذي يلعب دوراً رئيسياً.

علاقة دون تحديد السببية

وبينما يلزم إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد الجرعة الدقيقة والآليات الكامنة وراء هذه الملاحظات، تشير النتائج التي توصل لها الباحثون إلى أن شرب الشاي مفيد في تقليل مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ولكن بجرعات عالية فقط (على الأقل 4 أكواب في اليوم).

وعلى الرغم من عدم تحديد السببية، أي السبب الذي يجعل الشاي يُخفض من خطر الإصابة بالسكري، إلا أن الباحثون يزعمون أنه من الممكن أن مكونات معينة في الشاي، مثل البوليفينول، قد تقلل من مستويات الجلوكوز في الدم، ولكن قد تكون هناك حاجة إلى كمية كافية من هذه المركبات النشطة بيولوجياً لتكون فعالة. 

والبوليفينول هي مركبات تتواجد في العديد من الخضروات والفواكه وترتبط بالقدرة على خفض خطر الإصابة بالعديد من الأمراض من ضمنها أمراض القلب الوعائية، وأمراض القولون، والسرطانات بأنواعها المختلفة علاوة على تقليل سكر الدم.

ويقول الباحثون إن سبب عدم وجود ارتباط بين شرب الشاي ومرض السكري من النوع الثاني في الدراسة التي نفذوها على أكثر من 5 آلاف شخص هو عدم النظر في كمية استهلاك الشاي.

لكن وعلى الرغم من أن النتائج مهمة، فقد لاحظ المؤلفون أن الدراسة قائمة على الملاحظة ولا يمكنها إثبات أن شرب الشاي يقلل من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، لكنهم يشيرون إلى أنه من المحتمل أن يساهم شرب 4 أكواب من الشاي يومياً في تخفيض المخاطر بنسبة 17٪. في ذلك.

ويشير الباحثون إلى العديد من القيود في تلك الدراسة، بما في ذلك اعتمادهم على تقييمات ذاتية لكميات الشاي المستهلكة.

وبالتالي لا يمكنهم استبعاد احتمال أن تكون مجموعة من العوامل الأخرى مثل نمط الحياة والعوامل الفسيولوجية الأخرى أثرت على النتائج.

تناول الشاي بكثافة.. دون ثمن؟

قبل نحو 10 أعوام، نشرت دورية "نيو أنجلاند" الطبية دراسة حالة لسيدة عانت من آلام غير محتملة في العظام. وظهرت نتائج غير طبيعية في نتائج تصويرها بالأشعة السينية. وذكرت تلك السيدة إنها اعتادت على مدار 17 عاماً على تناول إبريق كامل من الشاي يومياً مصنوع من 100 إلى 150 كيساً.

وقال الباحثون في تلك الورقة إن آلام العظام تسبب فيها مرضاً يُعرف باسم "تسمم الفلور الهيكلي" إذ أن كل لت من الشاي يحتوي على نحو 12 جراماً من الفلوريد الذي تسبب كمياته الضخمة في زيادة تشوهات العظام.

كما أظهرت بعض الأوراق البحثية الأخرى علاقة بين شرب الشاي الساخن جداً (70 درجة مئوية أو أعلى) وزيادة احتمالية الإصابة بسرطان المريء.

وذكرت ورقة أخرى أن تناول أكثر من 7 أكواب يومياً يجعل الرجال أكثر عرضة للإصابة بسرطان البروستات بنسبة 50٪.

ومن المعروف أيضاً أن الشاي يتسبب في مشاكل الأرق ويؤدي إلى اضطرابات النوم بسبب الكافيين. كما أنه يحتوي على العديد من مضادات الأكسدة التي تُعيق امتصاص الجسم للحديد.

لكن معظم الدراسات تتفق على أن الاستخدام المعتدل للشاي يأتي دون أيّ أثار جانبية كبيرة.

لكن، وبرغم تضارب الأدلة حول الاستخدام الكثيف، يتمتع الشاي بتاريخ طويل من الشعبية في جميع أنحاء العالم، ويبلغ حجم سوقه حوالي 207 مليار دولار أميركي طبقاً لإحصائيات عام 2020 ومن المتوقع أن يرتفع لحوالي 266 مليار دولار بحلول عام 2025.

واستخدم هذا المشروب في الأصل كمشروب طبي، ثم انتشر للاستخدام الترفيهي خلال عهد أسرة تانج الصينية وانتشر في دول آسيوية أخرى.

ثم جلب التجار الأوروبيون أوراق الشاي إلى أوروبا في القرن السادس عشر، لتنتشر شعبيتها في الغرب أيضاً، ويصبح المشروب الأشهر في العالم الآن.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات

قصص قد تهمك