وصفت وكالة بلومبرغ في تقرير لها الأوضاع في الهند ومستشفياتها بأنها "مثل حالة حرب"، بسبب العجز عن استقبال مزيد من المرضى والمصابين بفيروس كورونا الذين يفترشون مداخل المستشفيات بأمل الحصول على رعاية طبية، مع تسجيل أكثر 200 ألف وفاة بالوباء.
وأعلنت وزارة الصحة الهندية، الأربعاء، وفاة 201 ألف و187 شخصاً، بعدما أودى الوباء بحياة أكثر 3 آلاف شخص في الساعات الـ24 الأخيرة، في عدد يسجل للمرة الأولى، على الرغم من أن خبراء الصحة يعتقدون أن العدد أكبر بكثير من ذلك.
وسجلت الهند 18 مليون إصابة، بينها 360 ألفاً في الساعات الـ24 الماضية. وخلال أبريل وحده سجلت 6 ملايين إصابة بكورونا.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن غانديب تريهان، الذي قطع 310 كيلومترات من ولاية البنجاب الشمالية إلى العاصمة نيودلهي لعلاج عمّه، أنه "لا يوجد سرير أو أكسجين متاح لعمه الذي كان يكافح من أجل التنفس"، لافتاً إلى أن سيارته كانت محملة بأربع أسطوانات من الأكسجين لإبقائه على قيد الحياة، لكن ستة مستشفيات رفضته بالفعل.
من جهته، قال مدير قسم الطوارئ والصدمات بمستشفى "مولشاند" في العاصمة نيودلهي: "كنا نتوقع دائماً موجة ثانية خلال أبريل ومايو، ولكننا لم نكن نعلم أبداً أنها ستضربنا بشدة وبسرعة كبيرة ... المرضى يصلون إلينا وهم يلهثون وبحاجة إلى أكسجين".
وأوضح سانجوج، مدير وحدة التمريض في "مولشاند"، إن الممرضين "يكافحون يومياً لإبقاء المرضى على قيد الحياة"، مشبهاً الوضع بأنه "حالة حرب".
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، ساءت الأمور في مستشفى "مولشاند" الذي يضم ألف سرير في أحد الأجنحة المخصصة لاستقبال مرضى كورونا، حيت توسل المرضى عبر موقع "تويتر" للحصول على الأكسجين، في وقت حذّر فيه المستشفى من أن "إمدادات الأكسجين الخاصة بعشرات المرضى الذين يستخدمون أجهزة دعم الحياة ستنفد في أقل من ساعتين".
ودقّ فيبهو تالوار، المدير الإداري لمجموعة "مولشاند للرعاية الصحية"، ناقوس الخطر بعد أن نبهه موظفوه في الساعةالثانية صباحاً بأن إمدادات الأكسجين كانت على وشك النفاد.
وقال تالوار: "بحلول السابعة صباحاً، لم يتبق لنا سوى ساعة واحدة وضغطت على زر الذعر، الفترة الصباحية كانت أكثر الأوقات إرهاقاً بالنسبة لي وللفريق الإداري وأطبائنا وممرضينا، لدينا ما يقرب من 150 مريضاً بفيروس كورونا".
وأضاف: "آمل ألا نمر بهذه الظروف مرة أخرى، الخطر ما زال ماثلاً، لا يوجد لدى المستشفيات في جميع أنحاء العاصمة الهندية إمدادات أكسجين مضمونة".
"انتقادات لمودي"
ومع إغلاق العاصمتين السياسية والمالية في نيودلهي ومومباي، واجه رئيس الوزراء ناريندا مودي انتقادات متزايدة حول طريقة تعامله مع أزمة الوباء وتركيزه على الحملات الانتخابية الحكومية خلال أزمة صحية متصاعدة.
وقال مدير قسم الطوارئ والصدمات في مستشفى "مولشاند": "عندما كان لدينا ستة أشهر وعدد الحالات منخفض للغاية، كان بإمكان الحكومة بناء المزيد من المستشفيات المُدعّمة بالأكسجين، وتوفير بنى تحتية قوية، في هذا الوقت، يجب أن يستمر إمداد الأكسجين، وهذا أقل ما يمكن للحكومة أن تفعله".
وقبل أسبوع، أعربت المحكمة العليا في نيودلهي عن "الصدمة والفزع" من إهمال الحكومة، ووجهت إدارة مودي إلى "طلب إمدادات من الأكسجين تكفي المستشفيات"، ومنذ ذلك الحين وافقت الحكومة على تخصيص أموال لتركيب 551 آلة لإنتاج الأكسجين الطبي داخل مرافق الصحة العامة.
وتحدث مودي هذا الأسبوع مع الرئيس الأميركي جو بايدن الذي وافق على إرسال لقاحات وإمدادات أخرى إلى الهند، كما أعلنت إدارته عن خطط لتعزيز إنتاج الأكسجين وزيادة توفر الأسرّة، في حين أعلنت الحكومة الهندية، الثلاثاء، عزمها استيراد 21 آلة لإنتاج الأكسجين من فرنسا، و18 ناقلة أكسجين من بانكوك.
وقال أرفيند كيجريوال، رئيس حكومة العاصمة، إن "الموجة الحالية خطرة للغاية لأنها معدية، ومن يصابون بها غير قادرين على التعافي بالسرعة التي لوحظت في الموجة السابقة"، مشيراً إلى أن المستشفيات في هذه المرحلة "تعمل فوق طاقتها الحقيقية، والأسرّة ممتلئة، بما في ذلك العناية المركزة".
"تداعيات اقتصادية"
وفي السياق، قالت وكالة التصنيف الائتماني "إس آند بي غلوبال"، الأربعاء، إن الموجة الثانية من الوباء في الهند "قد تعرقل الانتعاش الاقتصادي للبلاد، وتعرّض الدول الأخرى لمزيد من موجات التفشي".
ونقلت وكالة "رويترز" عن "إس آند بي غلوبال" قولها: "بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة في الأرواح والمخاوف الإنسانية الكبيرة، نتوقع أن يؤثر التفشي سلباً على الناتج المحلي الإجمالي، ويزيد من احتمال حدوث اضطرابات في الأعمال".
في حين تتوقع "ستاندرد آند بورز" أن "القطاع المصرفي الهندي لا يزال يواجه مستوى عالياً من المخاطر النظامية".