علماء يطورون استراتيجية جديدة لعلاج تليف الكبد وأعضاء الجسم

باحثة تقوم بإعداد الحمض النووي من المرضى البشريين في جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة، 4 مارس 2014 - Reuters
باحثة تقوم بإعداد الحمض النووي من المرضى البشريين في جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة، 4 مارس 2014 - Reuters
القاهرة-محمد منصور

طور الباحثون في مركز تنظيم الجينوم في جامعة برشلونة الإسبانية وجامعة كولونيا في ألمانيا استراتيجية تجريبية جديدة لمعالجة تندب وتليف الكبد وأعضاء الجسم المختلفة.

وأظهرت التجارب، التي أجريت على الخلايا البشرية المشتقة من المريض والنماذج الحيوانية؛ أن الاستراتيجية كانت فعالة وغير سامة وآثارها قابلة للعكس.

ويحدث التندب نتيجة إفراز وتراكم مكونات مختلفة؛ كالبروتينات المعروفة باسم الكولاجين، في الفراغ بين الخلايا الفردية، ويحدث عادةً كرد فعل للإصابات أو الفيروسات.

ويمكن أن يؤدي إفراز الكولاجين الزائد أيضاً إلى تراكم الأنسجة الليفية، وهي حالة أكثر خطورة إذ يتكون النسيج الضام الزائد إلى الحد الذي يضر بوظيفة الأنسجة وأحياناً الأعضاء بأكملها.

وعادة ما تقتصر خيارات العلاج لكل من التندب والتليف على الجراحة، إذ إن معظم العلاجات غير قادرة على الاختراق بعمق كافٍ للوصول إلى المناطق المصابة بشكل فعال، فإن قدرتها على إعادة تشكيل الأنسجة أو شفائها محدودة.

ويمكن أن يؤثر التندب والتليف على العديد من الأنسجة والأعضاء المختلفة، ولكل منها بيئتها الفريدة وتحدياتها، ولا يوجد خيار علاجي واحد يناسب الجميع، وعادةً ما تكون خيارات العلاج غير فعالة لأنها تفشل في التخلص من الكولاجين الزائد الذي يسبب التليف والتندب.

في الدراسة؛ قام الباحثون بسد "البوابات" على المستوى الخلوي، وتعمل الاستراتيجية على المستوى الخلوي، إذ تطلق ما يكفي من الكولاجين بحيث لا تتفكك الأنسجة مع حمايتها من الكميات الزائدة التي تضعف وظيفتها، وتتضمن الاستراتيجية الجديدة استخدام جزيئات تعرف باسم الببتيدات، لمنع زيادة الكولاجين من داخل الخلايا.

وتعطل تلك الببتيدات التفاعل بين بروتينين يسمى TANGO1، وCTAGE5؛ ويرتبط كلا البروتينين ببعضهما البعض، وهما ضروريان لتصدير الكولاجين من موقع تصنيعه داخل الخلية إلى الخارج، ويتركز البروتينان في موقع خروج الشبكة الإندوبلازمية، وهو مكان في الخلية حيث يتم تعبئة مواد مثل البروتينات ونقلها خارج الخلية.

وكان استهداف موقع خروج الشبكة الإندوبلازمية مستحيلاً؛ لأن ثلث البروتينات البشرية تمر عبره، لذا فإن تثبيط نشاطها من المحتمل أن يكون له العديد من التأثيرات السامة غير المستهدفة.

وفي الآونة الأخيرة فقط ظهرت دلائل تشير إلى وجود بعض الخصوصية للمواد الإفرازية، وتشبه البروتينات قطع اللغز، ولمعرفة كيفية تناسب قطعتين معاً، على الباحثين أن يروا أشكالهما بوضوح، والبروتينين TANGO1 وCTAGE5 بروتينين كبيرين ومعقدين يتغير شكلهما باستمرار.

وحتى الآن، لا يزال هيكلها الدقيق غير معروف، وهذا بدوره يعني أن العلماء لا يعرفون كيفية اتصالها على المستوى الجزيئي، مما يعيق الجهود المبذولة لتصميم أدوية يمكنها منع التفاعل.

وتغلب الباحثون على هذا التحدي باستخدام AlphaFold2، وهو برنامج ذكاء اصطناعي يمكنه تخمين أشكال البروتينين دون الحاجة إلى بيانات هيكلية حول شكلهما ثلاثي الأبعاد.

 الذكاء الاصطناعي

وأتاحت التنبؤات التي قدمها الذكاء الاصطناعي لمؤلفي الدراسة تصميم الببتيدات؛ التي يمكن أن تمر عبر غشاء الخلية وتعطل التفاعل بين TANGO1 وCTAGE5.

واختبر الباحثون الببتيدات باستخدام الخلايا الليفية البشرية الطبيعية، وهو النوع الأكثر شيوعاً من الخلايا الموجودة في النسيج الضام.

ونجحت الببتيدات في منع تصدير الكولاجين، مما أدى إلى تراكمه داخل الخلايا كما كان التأثير أيضاً قابلاً للعكس، إذ زادت مستويات الكولاجين مرة أخرى بعد إزالة الببتيدات خلال فترة 48 ساعة.

ولاحظ الباحثون تأثيرات مماثلة في التجارب التي أجريت على الخلايا الليفية لدى مرضى تصلب الجلد، وهو مرض مناعي ذاتي معقد يتميز بتليف الجلد والأعضاء الداخلية.

كما قام الباحثون أيضاً باختبار الببتيدات باستخدام سمك الزرد، وهو نموذج حيواني شائع لدراسة تطور الأنسجة وشفاء الجروح، وأدت هذه الاستراتيجية إلى خفض ترسب الكولاجين في مناطق الجروح بشكل واضح.

ويخطط الباحثون بعد ذلك لتقييم فعالية الببتيدات في جلد الخنزير لأنه يشبه جلد الإنسان إلى حد كبير، كما سيقومون أيضاً بضبط خصائص الببتيدات لزيادة فعاليتها.

ويقول الباحثون إن هذه الاستراتيجية يمكن أن تستخدم أيضاً في تخفيف الآثار التجميلية لتندب الجلد، وعلاج أمراض المناعة الذاتية مثل تصلب الجلد بالإضافة إلى شفاء الجروح ومنع التليف.

تصنيفات

قصص قد تهمك