بلينكن: ضربة ترمب لإيران كانت غير حكيمة وغير ضرورية

وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكين يصافح الرئيس جو بايدن خلال فعالية في وزارة الخارجية في واشنطن. 13 يناير 2025 - REUTERS
وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكين يصافح الرئيس جو بايدن خلال فعالية في وزارة الخارجية في واشنطن. 13 يناير 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

قال وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إن ضربات الولايات المتحدة، نهاية الأسبوع الماضي، ضد منشآت إيران النووية "كانت غير حكيمة وغير ضرورية"، مشيراً إلى إمكانية أن "تخفي" إيران اليورانيوم عالي التخصيب و"تعطي الضوء الأخضر لصنع السلاح النووي"، و"الانطلاق بسرعة نحو القنبلة".

وأعرب بلينكن في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، عن أمله في نجاح الضربات الأميركية، وقال: "هذه هي المفارقة بالنسبة لكثير من المسؤولين السابقين مثلي، ممّن عملوا على ملف إيران النووي خلال إدارات سابقة. كنا جميعاً متفقين على ضرورة عدم السماح لإيران بامتلاك أو إنتاج سلاح نووي".

وأشار وزير الخارجية في إدارة الرئيس السابق جو بايدن، إلى أن "إيران من دون سلاح نووي سيئة بما فيه الكفاية: فهي واحدة من أبرز الدول الراعية للإرهاب، وتلعب دوراً تخريبياً ومزعزعاً للاستقرار من خلال وكلائها في لبنان وسوريا وغزة واليمن والعراق، وتشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل".

وتابع: "أما إيران التي تملك سلاحاً نووياً فستشعر بالجرأة لتتحرك بوقاحة أكبر في جميع هذه الساحات"، متسائلاً: "لماذا كانت الضربة خطأً؟".

وأجاب على هذا السؤال قائلاً: "لم يكن يجب أن نصل إلى هذه المرحلة. في عام 2015، توصّلت إدارة (الرئيس السابق باراك) أوباما، بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي، إلى اتفاق مع طهران بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)".

اقرأ أيضاً

"مناورة تكتيكية وخطة تضليل".. كيف قصفت أميركا منشآت إيران النووية دون رصد طائراتها؟

استغرق الهجوم الذي شنته الولايات المتحدة على مواقع نووية في إيران سنوات من التحضير، وتضمن في لحظاته الأخيرة أنشطة "خداع" أضفت على العملية عنصر المفاجأة.

وأضاف أن هذا الاتفاق "وضع فعلياً برنامج إيران لتصنيع المواد الانشطارية - الوقود الأساسي لصنع السلاح النووي - في صندوق مغلق، مع وجود آليات صارمة لمراقبة أنشطتها النووية".

"إيران لم تتخذ بعد قراراً بالتسلّح النووي"

ولفت بلينكن، إلى أن الاتفاق "أطال فترة الاختراق - أي المدة الزمنية التي تحتاجها إيران لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع سلاح نووي واحد - إلى سنة على الأقل".

وأردف: "لو أن إيران نكثت بالاتفاق أو رفضت تمديده عند انتهاء بعض بنوده بعد 15 عاماً، لكنّا علمنا بذلك في الوقت المناسب، وكان بإمكاننا أن نرد، عسكرياً إن لزم الأمر".

وذكر أن ترمب "مزّق عام 2018 الاتفاق ولم يقدم بديلاً له.. ونتيجة لذلك، سرّعت إيران من وتيرة التخصيب، ومن المرجح أن تكون قد قلصت وقت الاختراق إلى بضعة أيام أو أسابيع. وبذلك، فإن ترمب يحاول الآن إخماد حريق هو نفسه من صبّ عليه البنزين".

وتطرق الوزير الأميركي السباق إلى المواد الانشطارية بالقول إنها "ضرورية، لكنها غير كافية لصنع قنبلة. فلا بد من وجود سلاح متفجر أيضاً. وحتى هذه اللحظة - ورغم التناقض في الرسائل الصادرة عن إدارة ترمب - تعتقد وكالات الاستخبارات لدينا أن إيران لم تتخذ بعد قراراً بالتسلّح النووي".

وأضاف: "إن فعلت، فإن بعض التقديرات تشير إلى أنها ستحتاج ما بين 18 و24 شهراً لصنع جهاز تفجير نووي. أي أن هناك وقتاً لا تزال فيه الدبلوماسية قادرة على العمل، والوضع لم يكن بالحالة الطارئة التي صوّرها ترمب".

ولفت بلينكن إلى أن "الخبراء الذين تحدّثت إليهم عبّروا عن شكوك حقيقية بشأن قدرة قنابل الاختراق الهائل (MOP) التي تزن 30 ألف رطل، والتي تنفرد بها الترسانة الأميركية، وأُلقيت على المواقع النووية الإيرانية، لتدمير موقع فوردو والمكونات الأخرى العميقة أو المحصنة من البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل".

وتشير التقارير الأولية، إلى أن البنية التحتية النووية الإيرانية تعرضت لـ"أضرار جسيمة"، لكنها "لم تُدمر كلياً"، بحسب الوزير الأميركي السابق.

السيناريوهات العسكرية

وذكر وزير الخارجية السابق، أنه "عندما أجرينا سيناريوهات عسكرية محتملة خلال فترة عملي في إدارة بايدن، كان لدينا قلق من أن تكون إيران قد قامت، أو ستقوم، بتوزيع مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى ما دون مستوى السلاح في مواقع آمنة، مع الحفاظ على عدد كافٍ من أجهزة الطرد المركزي، مما يمكّنها من مواصلة التخصيب بسرعة لاحقاً".

وتابع: "في مثل هذا السيناريو، يمكن للنظام الإيراني أن يُخفي المواد القريبة من التخصيب العسكري، ويعطي الضوء الأخضر لصنع السلاح، وينطلق بسرعة نحو القنبلة".

واعتبر أن "ضربة ترمب قد تُسرع من حدوث ما نحاول منعه"، مضيفاً: "في هذا السياق، قد يتكرّر ما حدث بعد ضربة إسرائيل لمفاعل أوزيراك العراقي عام 1981 فبعد الضربة، قام (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين بتسريع برنامجه النووي تحت الأرض".

ووفقاً لبلينكن، لا شك أن الضربة الأميركية وجهت "ضربة قوية" لطموحات إيران النووية، إلا أن طهران قادرة على إعادة بناء برنامجها بسرعة، وفي مواقع وعلى أعماق محصنة عملياً ضد الضربات الجوية، بالتوازي مع المضي قدماً في مسار التسلح.

وأشار إلى أنه "رغم أن البرنامج قد تعرض لاضطراب كبير، وأن كسب الوقت أمر جيد، فإن ما حدث يؤكد أن التمسك بالاتفاق النووي كان الخيار الأفضل".

وأردف: "منحنا الاتفاق ما لا يقل عن 15 عاماً من الوقت، بدل بضع سنوات فقط، وتجنبنا من خلاله خطر الرد الإيراني - كالهجمات الصاروخية التي استهدفت قواتنا في المنطقة الاثنين - فضلاً عن خطر التصعيد المحتمل، بما في ذلك تهديد تدفق النفط عبر مضيق هرمز، أو تنفيذ عمليات إرهابية على الأراضي الأميركية، أو شن هجمات سيبرانية متطورة".

واعتبر الوزير الأميركي السابق، أن "المفارقة هي أن الخطوة التي أقدم عليها ترمب لم تكن لتحدث لولا العمل الذي قامت به إدارتا أوباما وبايدن".

ولفت إلى أن "إدارة أوباما سرعت من تطوير قنابل الاختراق الهائل (MOP)، وكانت لديها خطط طوارئ لعمليات من النوع الذي أجازه ترمب. أما الرئيس بايدن، فقد أوعز لفريقه بمراجعة تلك الخطط وتجريبها وتحسينها. كما أجرينا، في عام 2023، أكبر مناورة عسكرية مشتركة على الإطلاق مع إسرائيل، وهي بمثابة تمرين تمهيدي للعملية الأخيرة".

وتابع: "علاوة على ذلك، دعم بايدن جهود إسرائيل الناجحة لإضعاف إيران ووكلائها بشكل كبير. فقد سمحت عمليات النشر والردع والدفاع الأميركي النشط عن إسرائيل عندما تعرضت لهجوم مباشر من إيران للمرة الأولى، لإسرائيل بإضعاف وكلاء طهران ودفاعاتها الجوية من دون الانجرار إلى حرب أوسع".

واعتبر أن هذه الجهود، "مهدت الأرضية لترمب من أجل التفاوض على اتفاق نووي جديد، ذلك الاتفاق الذي وعد منذ سنوات بالعمل عليه أو لتنفيذ ضربة عسكرية".

وزاد: "لو أن ترمب منح المسار الدبلوماسي الذي تركناه له فرصة حقيقية. أما الآن، وقد وقعت الضربة، فلا يسعني سوى أن آمل أن الضرر الذي ألحقناه كان بالغاً بما يكفي ليمنح الرئيس ورقة الضغط التي يحتاجها لإبرام الاتفاق الذي عجز حتى الآن عن تحقيقه".

تصنيفات

قصص قد تهمك