كشفت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي جابارد، الأربعاء، أن معلومات استخباراتية جديدة تؤكد ما صرح به الرئيس دونالد ترمب مراراً وتكراراً بأن المنشآت النووية الإيرانية قد دُمرت.
وأضافت جابارد في تدوينة على حسابها بمنصة "إكس": "إذا اختار الإيرانيون إعادة البناء، فسيتعين عليهم إعادة بناء جميع المنشآت الثلاث (نطنز، فوردو، وأصفهان) بالكامل، وهو ما سيستغرق سنوات على الأرجح".
وقالت إن ما وصفتها بـ"وسائل الإعلام الدعائية" استخدمت تكتيكها المعتاد عبر تسريب أجزاء مختارة من تقييمات استخباراتية سرية مسربة بشكل غير قانوني (مع إغفال متعمد لحقيقة أن التقييم كتب بـ "ثقة منخفضة"، في محاولة لـ"تقويض قيادة الرئيس ترمب الحاسمة والعسكريين الشجعان الذين نفذوا مهمة تاريخية بالفعل ببراعة للحفاظ على سلامة وأمن الشعب الأميركي".
وياتي إعلان جابارد في خضم الجدل الذي أثارته وسائل إعلام أميركية بعد نشرها تقييماً استخباراتياً أميركياً وإسرائيلياً يشكك في نجاح الضربات الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية في تدمير برنامج طهران النووي بالكامل، وهو ما أثار غضب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي اتهمها بالكذب.
وخلص التقييم الذي نشرته وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية إلى أن الهجمات التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، أخرت برنامج طهران النووي "ولم تدمره"، فيما اعتبر البيت الأبيض أن هذا التقييم الأولي الأميركي "خاطئ تماماً"، مشيراً إلى أنه تم تصنيفه على أنه "سري للغاية".
والتقييم الأولي الأميركي أعدته وكالة استخبارات الدفاع، ذراع الاستخبارات الرئيسية لوزارة الدفاع "البنتاجون" وواحدة من 18 وكالة استخبارات أميركية، بحسب ما ذكره مصدران لوكالة "رويترز".
CIA تدخل على الخط
من جهته، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA جون راتكليف، إن "مصادر ومعلومات استخباراتية موثوقة تشير إلى أن البرنامج النووي الإيراني قد تعرض لأضرار جسيمة نتيجة الاستهدافات الأخيرة".
وذكر راتكليف في بيان، أن المصادر التي تتمتع بـ"موثوقية ودقة عالية"، تفيد بأن "عدة منشآت نووية رئيسية في إيران قد دُمّرت، وسيتطلب إعادة بنائها سنوات".
وتابع: "تواصل الوكالة جمع معلومات إضافية موثوقة المصدر لإطلاع أصحاب القرار والهيئات الرقابية المختصة".
وأوضح أن الوكالة ستقدم لاحقاً "تحديثات ومعلومات للأميركيين، نظراً للأهمية الوطنية لهذه المسألة، وفي إطار محاولتها الدائمة لضمان الشفافية".
"تقرير ضعيف الثقة وغير مكتمل"
كما انتقد نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، بشدة ما وصفه بـ"تقرير استخباراتي خارج عن سياقه، ضعيف الثقة، وغير مكتمل" تم تسريبه "بشكل انتقائي" إلى وسائل الإعلام.
وأكد فانس في تدوينة على حسابه بمنصة "إكس"، أن هذه التسريبات الإعلامية تتعارض مع تصريحات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمسؤولين الإيرانيين أنفسهم، بالإضافة إلى القيادات السياسية والدفاعية للإدارة الأميركية.
وقال إن وسائل الإعلام قامت بنقل محتوى التقرير "دون أي جهد حقيقي للتحقق مما إذا كانت هذه النتائج تعكس جزءاً من الحقيقة، ناهيك عن الحقيقة الكاملة"، مشدداً على أن هذه التقارير "تتعارض مع المنطق السليم".
وأوضح نائب الرئيس الأميركي أن حوالي 12 قنبلة خارقة للتحصينات، تزن كل واحدة منها 30 ألف رطل، أُسقطت على الموقع النووي الرئيسي في إيران.
وأشار إلى أن الموقعين الآخرين المستهدفين "تضررا أيضاً بشكل كبير". وأكد فانس أن "لا أحد يشك في أن الضربات أصابت أهدافها. ولا أحد يشك في القوة التدميرية لتلك الأسلحة. ولا أحد يشك في أن إيران، قبل أسبوع، كانت قادرة بسهولة على تجميع سلاح نووي — أما الآن، فلم تعد كذلك".
وفيما يتعلق بالجدل الدائر، أكد فانس أنه "لا يدور حول ما إذا كانت إيران قادرة الآن على تصنيع قنبلة نووية، فهي ليست قادرة". بل يتركز الجدل، حسب قوله، "حول كم من الوقت والجهد سيستغرقه الإيرانيون لإعادة بناء ما دُمر من أجل امتلاك سلاح نووي".
واعتبر فانس أن وسائل الإعلام الأميركية "تحاول إلقاء اللوم على الرئيس ترمب بسبب وجود منشآت لم يتم بناؤها بعد أصلاً"، وذلك "بعد عملية عسكرية ناجحة جداً دون وقوع أي خسائر أميركية".
وأضاف أن الرئيس ترمب أوضح أن الإيرانيين "يعرفون الآن أن هناك عواقب وخيمة لأي محاولة لإعادة البناء، وقد تعلموا أيضاً أن بإمكاننا بكل سهولة أن نوقف تقدمهم مجدداً".
كما تساءل فانس عن دوافع هذه التسريبات، قائلاً: "لماذا يسرب أعضاء من مجتمع الاستخبارات تقارير غير مكتملة ضد القيادة المنتخبة للبلاد؟ ولماذا لم يتعلم الصحافيون الذين ارتكبوا الكثير من الأخطاء أي شيء؟ ما الهدف من هذه التسريبات — من يقف وراءها؟ وماذا يحاولون تحقيقه؟".
واتهم نائب الرئيس الأميركي وسائل الإعلام بعدم الاهتمام بالتحقيق في هذه القصة رغم أهميتها العامة، وحذر من الصحافيين الذين "ينقلون نقاط الحديث الموجهة من بعض الموظفين المبتدئين في مجتمع الاستخبارات".
واختتم بالقول: "الرئيس ترمب دمر البرنامج النووي الإيراني. أما وسائل الإعلام الأميركية، فيبدو أنها في طريقها لتدمير مصداقيتها بالكامل بسبب هذه القصة الزائفة".
"ضربة دقيقة وواسعة النطاق"
وفي وقت سابق الأربعاء، جدد ترمب تأكيده على أن الضرب التي وجهتها الولايات المتحدة لمنشآت إيران النووية كانت ناجحة، وقال: "خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، نفذت الولايات المتحدة بنجاح ضربة دقيقة وواسعة النطاق على منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية".
واعتبر أن هذه الهجمات "الكبيرة مهدت الطريق نحو السلام، عبر اتفاق تاريخي لوقف إطلاق النار" مع إسرائيل.
ورداً على سؤال عما إذا كانت إيران قد أخفت اليورانيوم المخصب في مكان غير معلوم، أجاب ترمب: "لا، بل على العكس تماماً، نعتقد أننا هاجمناهم بقوة كبيرة وبسرعة، ولم يتمكنوا من نقلها. ولو كنت تعرف فعلاً تلك المادة، لعلمت أن عملية نقلها صعبة جداً وخطيرة جداً.. كما أنها في الحقيقة ثقيلة جداً".
وقرأ ترمب رسالة صادرة عن هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية، حيث نصت على أن "الضربة الأميركية المدمرة على منشأة فوردو دمرت البنية التحتية الحيوية للموقع، وجعلت مكان التخصيب غير صالح للعمل تماماً".
وأضاف: "نحن نعتمد على معلوماتنا الاستخبارية، ولا نعتمد على الاستخبارات الإسرائيلية"، لافتاً إلى أن "المعلومات التي جمعناها بعد الضربات تؤكد تدمير الموقع بالكامل".