قال خبراء لـ"الشرق" إن كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأميركية، نجحت في استفزاز منافسها الجمهوري دونالد ترمب في أول مناظرة تجمع بينهما، كما نجحت في إثبات حضورها "الرئاسي" والسيطرة على مجريات المناظرة.
وقال الخبير الاقتصادي بيتر تانوس، في مداخلة مع "الشرق"، إن أداء الطرفين كان مختلفاً، حيث أن هاريس "كان لها هدفان كونها ليست معروفة من قبل الجمهور الأميركي، الأول أن تظهر أنها رئاسية وتتحدث كرئيس، وأعتقد أنها نجحت في ذلك، أما الهدف الثاني فكان أن تستفز ترمب وأن تنصب له عدة أفخاخ، وتدفعه إلى الغضب ليقول أموراً سخيفة، وقد نجحت هنا أيضاً".
وأضاف: "منذ بداية المناظرة ذكرت جمهور ترمب، وهي تعرف أن ترمب لديه هوس بالجمهور وحجمه، إذ قالت إن العديد من أنصار ترمب يغادر المناظرة بسبب الملل، وهذا أغضبه ومن هنا بدأت الأمور تتدهور".
وتابع تانوس: "ترمب يقول إنه سيفرض جمارك مرتفعة على الواردات من الدول غير الصديقة، ليس بالضرورة أن تكون خبيراً اقتصادياً لتعرف أن السلع المستوردة ستكلف أكثر إذا ما فرضت عليها جمارك أكبر، ما قد يؤثر على حجز الموازنة".
ومع ذلك يرى الخبير الاقتصادي أن "نقطة الضعف لدى كامالا هاريس تتمثل في أن خطتها الاقتصادية ضبابية جداً"، ويقول: "كان يجب أن تكون دقيقة جداً، عندما تحدثت عن تخفيضات ضريبية للشركات الجديدة وتخفيضات على شراء المنزل الأول"، لكنه استدرك قائلاً: "بالمجمل، كانت هاريس دقيقة جداً".
وعن قضية التكسير الهيدروليكي، التي قالت هاريس إنها "لن تمنعه"، قال تانوس في هذا الصدد: "قالت هاريس إنها لن تمنع التكسير الهيدروليكي، يمكن أن نصدقها أو لا، لكنها قالت ذلك علناً، وقد وعدت بذلك بشكل واضح".
وتُعتبر هذه القضية أساسية بالنسبة لحملة هاريس خاصة في ولاية بنسلفانيا، التي تُعد ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، وولاية متأرجحة رئيسية.
والتكسير الهيدروليكي هو أحد الطرق البسيطة المُطورة لاستكشاف واستخراج الغاز الطبيعي والنفط الخام، إلا أن التأثيرات البيئية المترتبة عليه عديدة ومثيرة للجدل، والتي تتضمن تلوث المياه والهواء، فضلاً عن إلقاء اللوم عليه في حدوث الهزات والزلازل الأرضية.
هاريس أثبتت جدارتها
من جانبه، وصف الدكتور تود بيليت، من برنامج الإدارة السياسية بجامعة جورج واشنطن، في مداخلة مع "الشرق"، المناظرة بأنها "كانت مهمة".
وقال إن "ترمب تصرف كما يفعل دائماً، أما هاريس فقد حاولت إثبات جدارتها كمرشحة رئاسية، وأنها جاهزة لأن تكون رئيسة، وقد نجحت في ذلك بالطبع، ومنحت الناخبين فرصة للتعرف عليها".
وأضاف: "تمكنت هاريس من استفزاز ترمب أكثر من مرة، ونجحت بذلك، فيما واصل ترمب ترديد الأقاويل، وكانت هاريس تراقبه.. كان ذلك مثيراً للاهتمام".
وتابع بيليت: "استمر ترمب خلال كلمته في تكرار الأكاذيب، إذ كان هناك أكثر من 30 كذبة، لدرجة أن المذيعين اضطروا لتصحيح تلك الوقائع، أما هاريس فكانت قوية وهادئة".
ولفت إلى أن هاريس تتعرض لهجوم كبير من حيث برنامجها السياسي، إذ تتهم بأنها ستقدم نسخة من برنامج بايدن، وقال بيليت: "هذا جزء كبير من الهجوم الذي تعرضت له من قبل حملة ترمب، نائب الرئيس ليس لديه صلاحيات كبيرة، والانتقاد الذي واجهته هاريس فيما يتعلق بأمن الحدود كان من مسؤوليتها، وهذا صحيح أن عمليات عبور المهاجرين ارتفعت بعهد بايدن، إلا أنها انخفضت إلى الرقم الذي كان في عهد ترمب، وكان بإمكانها الرد على ترمب. هذا يعيدنا إلى فكرة أن ترمب يفكر بمصلحته فقط، أما هاريس فتفكر بالناس".
وعن توقعاته بأن يكون طلب هاريس عقد مناظرة ثانية جاء بناءً على نجاحها بالمناظرة أم فشلها، قال بيليت: "لا أعتقد أنها أعطيت الفرصة الكافية لتفسير سياساتها التي ستساعد الشعب، لأن الانتخابات تتحدث عن المستقبل، أعتقد أنها لم تستطع تفسير كافة سياساتها، هي بحاجة للتحدث أكثر عن ذلك".
وتابع: "عادة نحصل عن 3 مناظرات، الأولى لم تحسب؛ لأن جو بايدن انسحب منها، فيما تكون الثانية عن السياسة الخارجية لكلا المرشحين وهذا كان ناقصاً هذه المرة. اعتقد أن أداء ترمب لم يكن جيداً، لذلك توجه فوراً لوسائل الإعلام فور انتهاء المناظرة، وأراد أن يصوّب الأمر مع الصحافيين، لأن الناخبين المترددين عادة لا يحضرون المناظرات، بل يأخذون المعلومات من الإعلام، لذلك أراد ترمب الاستفادة من هذه اللحظة. كانت مناظرة جيدة لهاريس بالفعل".
وعن عرض شبكة "فوكس نيوز" لإجراء مناظرة ثانية، قال ترمب إنه سيفكر في عقد مناظرة ثانية مع هاريس، حال عرضها على شبكة إخبارية عادلة وغير منحازة، وبالفعل اقترحت الشبكة 3 تواريخ في أكتوبر.
وكانت حملة هاريس قالت فور انتهاء المناظرة أن المرشحة الديمقراطية استطاعت السيطرة على مسرح المناظرة، وتماسكت، بينما كان ترمب غاضباً تجاه الحقائق التي أوضحتها هاريس بشأنه وبشأن القوانين والإجراءات التي أثرت في أميركا، فيما دعت الأميركيين إلى الاختيار بين التقدم معها أو العودة إلى الوراء مع ترمب.