واشنطن: موسكو سترد "بقوة فتاكة".. وصواريخ كييف محدودة التأثير

الاستخبارات الأميركية تحذر من تداعيات استهداف أوكرانيا لعمق روسيا

جندي أوكراني يطلق مدفع هاوتزر باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة قرب مدينة تشاسيف يار بإقليم دونيتسك جنوب شرق أوكرانيا. 20 أغسطس 2024 - REUTERS
جندي أوكراني يطلق مدفع هاوتزر باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة قرب مدينة تشاسيف يار بإقليم دونيتسك جنوب شرق أوكرانيا. 20 أغسطس 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

تعتقد وكالات استخبارات أميركية أن روسيا سترد "بقوة أكبر"، وربما "بهجمات فتاكة" على الولايات المتحدة وحلفائها، حال موافقتهم على منح كييف الضوء الأخضر لاستخدام قذائف طويلة المدى زودتها بها واشنطن ولندن وباريس، لتوجيه ضربات أعمق في الداخل الروسي، حسبما ذكر مسؤولون أميركيون لصحيفة "نيويورك تايمز".

ويُقلل التقييم الاستخباراتي الأميركي، الذي لم يسبق الإعلان عنه، أيضاً من تأثير الصواريخ بعيدة المدى في تغيير مسار الصراع؛ لأن أوكرانيا تمتلك أعداداً محدودة من الأسلحة، وليس من الواضح عدد الأسلحة الإضافية التي ربما يوفرها حلفاء غربيون، حال توفرها.

كما يُسلط التقييم الاستخباراتي، الضوء على ما يعتبره محللون استخباراتيون "مخاطر محتملة، ومكاسب غير مؤكدة" للقرار عالي المخاطر، الذي يقع اتخاذه الآن على عاتق الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي التقى نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، في البيت الأبيض.

وربما تساعد النتائج التي توصل إليها التقرير في التفسير جزئياً، أسباب صعوبة اتخاذ هذا القرار على بايدن، وتُظهر الضغوط الداخلية الواقعة على عاتقه لرفض طلب زيلينسكي.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين طلبوا عدم كشف هوياتهم، إنه لا يزال من غير الواضح ما سيقرر بايدن عمله.

ويمارس زيلينسكي ضغوطاً علنا وبشكل خاص، من أجل الحصول على الموافقة على استخدام هذه الصواريخ لنقل الحرب إلى عمق الداخل الروسي.

وفي أكثر من مناسبة، استخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التهديد لردع الولايات المتحدة وحلفائها، عن تقديم المزيد من أنظمة الأسلحة المتطورة لأوكرانيا.

ويقول منتقدو الرئيس بايدن ومستشاريه، إنهم يرضخون لنبرة الترهيب في خطاب بوتين العدائي "بسهولة شديدة"، وإن مقاربة الإدارة لتسليح كييف تدريجياً أضرت بالأوكرانيين في ساحة القتال، فيما يقول أنصارهم إن هذه المقاربة نجحت بدرجة كبيرة في تجنب رد روسي عنيف، رغم أن هذا ربما لا يكون هو الحال بعد الآن.

"مخاطر محتملة"

ووفقاً للصحيفة، كان القادة البريطانيون أقل تحفظاً بشأن المخاطر، إذ أعربوا عن تأييدهم السماح للأوكرانيين باستخدام صواريخ بعيدة المدى أمدوهم بها لضرب العمق الروسي، ولكنهم ينتظرون أن يحدد بايدن موقفه في هذا الشأن قبل الموافقة على الضربات، لأن الرد الروسي المحتمل ربما تكون له تداعيات على الوضع الأمني للتحالف بوجه عام.

ويصف التقييم الاستخباراتي، مجموعة من الاستجابات الروسية المحتملة لقرار السماح بتنفيذ ضربات بعيدة المدى باستخدام الصواريخ التي حصلت عليها أوكرانيا من الولايات المتحدة وأوروبا، بدءاً من "تصعيد أعمال حرق وتخريب"، تستهدف منشآت في أوروبا، ووصولاً إلى احتمالية شن "هجمات فتاكة" على قواعد عسكرية أميركية وأوروبية.

وأضاف المسؤولون الأميركيون، أن وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية G R U، مسؤولة عن معظم "أعمال التخريب"، التي وقعت في أوروبا حتى الآن.

ويعتقد مسؤولون أميركيون، أنه إذا قرر بوتين توسيع نطاق حملته الخفية رداً على استخدام صواريخ أميركية وأوروبية في العمق الروسي، فإن الروس سيواصلون القيام بهذه الأعمال في سرية تامة بدلاً من اللجوء إلى شن هجمات معلنة على منشآت وقواعد أميركية وأوروبية، للحد من خطر توسيع دائرة الصراع.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن خطاب بوتين اتسم بـ"عدائية شديدة" خلال الأيام الأخيرة ترقباً لقرار بتنفيذ ضربات بعيدة المدى، ويعتقد بعض كبار مستشاري بايدن على الأقل أن الرئيس الروسي سيرد على الأرجح "بقوة قاتلة"، إذا لبى القرار طلب زيلينسكي.

وأشارت "نيويورك تايمز"، إلى أن المتحدث باسم البيت الأبيض لم يرد على طلب للتعليق، فيما رفضت المتحدثة باسم مكتب مدير الاستخبارات الوطنية التعليق.

وأمدت الولايات المتحدة وحلفاؤها، الأوكرانيين بثلاثة أنواع من أنظمة الصواريخ بعيدة المدى، وهي أنظمة Army Tactical Missile (المعروفة باسم ATACMS) أميركية الصنع، وصواريخ Storm Shadow بريطانية الصنع، وصواريخ SCALP التي قدمتها فرنسا.

"مكاسب غير مؤكدة"

ولفتت الصحيفة الأميركية، إلى أن الأوكرانيين استخدموا بالفعل بعض هذه الصواريخ لضرب أهداف عسكرية روسية داخل وحول شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو في عام 2014.

ويقول مؤيدون في الجيش الأميركي وإدارة بايدن لاستخدام أوكرانيا الصواريخ لشن ضربات حتى 190 ميلاً داخل روسيا، إن هذا سيسمح للأوكرانيين باستهداف المزيد من القواعد الروسية ومخازن الذخيرة البعيدة، ما سيصعب على موسكو تزويد قواتها في الخطوط الأمامية داخل أوكرانيا، وربما يساعد الأوكرانيين على وقف التقدم الروسي.

وأضافوا أن هذا من شأنه أيضاً أن يظهر الدعم الغربي القوي لأوكرانيا، في وقت يسوده عدم اليقين بشأن ما قد تؤول إليه أوضاعها في ساحة المعركة.

ولكن، وفقاً للتقييم، أعربت وكالات استخبارات أميركية عن تشككها في أنه حتى إذا تم السماح للأوكرانيين باستخدام الصواريخ بعيدة المدى، فإنه لن يكون لديهم ما يكفي لتغيير مسار الصراع بشكل جوهري.

وأضافوا أنه بعد الضربات الأولى سينقل الروسيون مستودعات الذخيرة، ومراكز القيادة وطائرات مروحية هجومية، وغيرها من المعدات والأدوات الحيوية في ساحة المعركة بعيداً عن مدى الصواريخ.

وبتوجيه من بايدن، يمكن للجيش الأميركي أن يمد الأوكرانيين بالمزيد من صواريخ ATACMS. ولكن المسؤولين يقولون إن الجيش الأميركي ذاته لديه إمدادات محدودة من هذه الصواريخ، ويحتاج إلى الاحتفاظ باحتياطي لتلبية احتياجاته العسكرية المحتملة.

وأمر الرئيس الأوكراني جيشه بالتوغل في منطقة كورسك الروسية في أغسطس الماضي، لكسب الأراضي كوسيلة ضغط في المحادثات المستقبلية، قائلاً إنه "مستعد لمؤتمر سلام بمشاركة موسكو"، إلا أن موسكو لم تظهر أي علامة على استعدادها للتفاوض.

واستبعد زيلينسكي مرة أخرى اتفاق سلام على غرار "اتفاق مينسك"، أو خطط مماثلة طرحتها كل من البرازيل والصين بديلة لصيغة السلام الأوكرانية، إذ قال إن هذه الخطط "تفتقر إلى التفاصيل، وتعمل بمثابة كاسحات جليد سياسية ضد ميثاق الأمم المتحدة".

تصنيفات

قصص قد تهمك