أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية، أسماء المرشحين الذين تم المواقفة عليهم للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 18 يونيو المقبل، والتي ستشهد استبعاد مرشحين بارزين، هم: الرئيس السابق لمجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني، والنائب الأول للرئيس حسن روحاني، إسحاق جهانكيري، والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
وتم التأكيد على أهلية كل من رئيس القضاء إبراهيم رئيسي، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي السابق سعيد جليلي، وقائد الحرس الثوري السابق محسن رضائي، ونائب رئيس البرلمان أمير حسين قاضي زاده هاشمي، ومحافظ البنك المركزي عبد الناصر همتي، والنائب علي رضا زاكاني، والنائب السابق للرئيس محسن مهر علي زاده، لهذه الانتخابات.
وأفادت وكالة "فارس" المحسوبة على "الحرس الثوري"، بأن اللائحة النهائية تُظهر أن المجلس "ركّز على سجل الأفراد (المرشحين)، من دون النظر إلى مواقعهم".
شروط المجلس الدستوري
وذكرت وكالة "إرنا" الرسمية، أن 592 شخصاً، بينهم 40 امرأة، ترشحوا للانتخابات، لكن كدخدائي أشار قبل أيام إلى تحقق مجلس صيانة الدستور من أهلية نحو 40 شخصاً فقط، "قدّموا مستنداتهم إلى وزارة الداخلية، وفقاً لتعليمات مجلس صيانة الدستور"، كما أفاد موفع "إيران إنترناشيونال".
ويبدو أن كدخدائي يشير إلى إعلان المجلس "شروطاً"، يجب أن تتوافر لدى الراغبين في الترشح للرئاسة، بما في ذلك وجوب أن يكون عمر المرشح بين 40 و75 عاماً، وحاصلاً على درجة الماجستير أو ما يعادلها على الأقلّ، وشغل مناصب إدارية لأربع سنوات على الأقلّ.
وأشار المجلس إلى إمكان ترشّح الوزراء والمحافظين، ورؤساء البلديات في المدن التي يزيد عدد سكانها على مليونَي نسمة، والقادة العسكريين برتبة لواء وما فوق، مشترطاً أيضاً عدم وجود "سجل جنائي" للمرشح.
وأثارت شروط المجلس انتقادات في طهران، بوصفها تتعارض مع الدستور وتقصي مرشحين محتملين كثيرين، لا سيّما في التيار المُصنّف معتدلاً وإصلاحياً. وأفاد موقع "إيران إنترناشيونال" بأن منتقدين لبيان المجلس يرون أنه "غير قانوني"، مشيرين إلى أن المجلس يؤدي بذلك دوراً "تشريعياً"، فيما "ينصّ الدستور الإيراني على أن البرلمان هو الجهة التشريعية الوحيدة في البلاد".
مرشحون من "الحرس الثوري"
وترأس لاريجاني البرلمان لـ12 سنة، فيما شغل أحمدي نجاد منصب رئاسة الجمهورية لولايتين متتاليتين، مدتهما 8 سنوات، علماً بأن مجلس صيانة الدستور رفض ترشّحه لانتخابات الرئاسة، في عام 2017.
وكان بارزاً هذا العام ترشّح قادة سابقين في "الحرس الثوري" للرئاسة، بينهم وزير الدفاع السابق حسين دهقان، وهو الآن مستشار للمرشد علي خامنئي، وسكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي، ووزير النفط السابق رستم قاسمي، والرئيس السابق لمقرّ "خاتم الأنبياء"، الذراع الاقتصادية لـ"الحرس"، سعيد محمد.
لكن دهقان أعلن أخيراً انسحابه من السابق، مبرّراً قراره بـ"حضور أفراد من الأجنحة السياسية المختلفة والمستقلين"، ومضيفاً: "أضع كل طاقاتي في خدمة البلاد والثورة، ومرشّح جبهة الثورة، وفي مقدّمهم السيد (إبراهيم) رئيسي"، وفق "إرنا".
كذلك أعلن القائد العسكري السابق علي رضا أفشار، انسحابه من المعركة، ودعمه رئيسي، "كونه يتصدّر استطلاعات الرأي كافة، ونموذجاً للتواضع وبساطة العيش والشعبية والأمل في تشكيل حكومة فعالة، لحلّ مشكلات الناس في المجالات كافة"، كما أفاد "المعهد الدولي للدراسات الإيرانية" (رصانة).
دعم لإبراهيم رئيسي
ويتضح، من خلال المرشحين السبعة الذين صادق مجلس صيانة الدستور على خوضهم انتخابات الرئاسة، أن خليفة روحاني سيكون من معسكر المتشددين، وأبرزهم رئيس القضاء إبراهيم رئيسي، الذي يُعتبر مقرباً من خامنئي، علماً بأنه قدّم نفسه بوصفه "مرشحاً مستقلاً"، يستهدف "إحداث تغيير في الإدارة التنفيذية للبلاد، ومحاربة الفقر والفساد والإذلال والتمييز".
ونال رئيسي دعماً من 5 آلاف أكاديمي، طالبوه بتشكيل حكومة قوية من الشعب، من خلال الحفاظ على الكرامة وتعزيز الاقتصاد، كما أوردت صحيفة "طهران تايمز". وخسر رئيسي أمام روحاني، في انتخابات 2017، لكنه نال نحو 15 مليون صوت.
وبذلك يكون الإصلاحيون والمعتدلون خارج المعادلة، لا سيّما بعد رفض أهلية أبرز مرشحيهم، وبينهم جهانكيري، ولاريجاني، والنائب السابق لوزير الداخلية، مصطفى تاج زاده، ورئيس المجلس البلدي لطهران، محسن هاشمي، والوزيران السابقان، شمس الدين حسيني وعباس أخوندي، وفق صحيفة "فايننشال تريبيون" الإيرانية.
وكان جهانكيري ذكر أن حكومته، إذا فاز في الانتخابات، ستكون "أشبه بحكومة (الرئيس الإصلاحي السابق) محمد خاتمي"، مستدركاً أنها "ستشرع بمرحلة جديدة من الإصلاحات المثمرة، عبر الاستفادة من التجارب المتراكمة في إيران والعالم".
انتقادات لاريجاني وأحمدي نجاد
ورغم كونه قائداً سابقاً في "الحرس الثوري"، انتقد لاريجاني "الحرس"، خلال تسجيل ترشيحه للرئاسة، قائلاً: "الاقتصاد ليس حامية عسكرية، ولا محكمة يمكن إدارتها بالصراخ والأوامر". وأفاد موقع "إذاعة أوروبا الحرة" (تموّله واشنطن) بأن لاريجاني انحاز في السنوات الماضية إلى روحاني، واعتبر بعضهم انتخابه تصويتاً لـ"حكومة روحاني الثالثة" وسياساتها.
أما أحمدي نجاد فاعتبر أن "ولاية الفقيه يجب أن تكون رمزاً ومظهراً من مظاهر الإرادة العامة"، مضيفاً عبر تطبيق "كلوب هاوس": "إذا أراد الشعب تغيير أي جزء من الدستور، فإن إرادته هي الأساس".
وأضاف: "في بلد بلا حرية، لا يمكن أن يكون هناك نموّ وازدهار. مَن ينتقد الجمهورية الإسلامية يُسجن، هل تدافعون عن الوضع الراهن؟ أغلقتم الباب أمام النقد، لدرجة أنه يبدو خروجاً عن المألوف".
ورأى أن "الوضع الاقتصادي للبلاد غير واضح منذ 8 سنوات"، متسائلاً: "النفط في إيران بتصرّف الحكومة. فهل تقسّمه على الجميع بالتساوي؟ الجواب بالتأكيد لا، وموازنة الحكومة توزّع بطريقة تمييزية"، وفق "إيران إنترناشيونال".
نسبة الاقتراع
وأعلنت وزارة الداخلية الإيرانية أن نسبة الاقتراع في انتخابات الرئاسة الأخيرة، عام 2017، بلغت 73%. لكن "إذاعة أوروبا الحرة" ذكّرت بأن نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية عام 2019، سجّلت أدنى مستوى تاريخياً، مضيفة أن استطلاعات رسمية للرأي تشير إلى أن الإقبال على انتخابات الرئاسة الشهر المقبل قد يبلغ "مستوى متدنياً جديداً".
ورجّح استطلاع للرأي، أعدّته "الوكالة الطالبية الإيرانية للاستطلاعات"، المملوكة للدولة، أن تبلغ نسبة المشاركة في يونيو 40%.
وأظهر استطلاع آخر، أعدّه التلفزيون الرسمي، أن 51% من الناخبين، ذكروا أنهم لن يدلوا بأصواتهم، في مقابل 30% سيفعلون ذلك.
وكان 230 ناشطاً داخل إيران، نشروا رسالة مفتوحة قبل أسبوع، تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، من أجل تحقيق "انتقال سلمي، من الجمهورية الإسلامية إلى حكم الشعب، بواسطة الشعب، ومن أجل الشعب"، وفق "إذاعة أوروبا الحرة".