"لمكافحة الفساد والتجسس".. الصين تطالب المعلمين بتسليم جوازات سفرهم

مدرسة تعلم طلاباً يحملون الأعلام الصينية في مدرسة ابتدائية في مدينة وينان بمقاطعة شنشي شمال غرب الصين. 4 مارس 2019 - REUTERS
مدرسة تعلم طلاباً يحملون الأعلام الصينية في مدرسة ابتدائية في مدينة وينان بمقاطعة شنشي شمال غرب الصين. 4 مارس 2019 - REUTERS
دبي -الشرق

تطالب السلطات الصينية عدداً متزايداً من معلمي المدارس، وغيرهم من موظفي القطاع العام بتسليم جوازات سفرهم، في إطار جهود أمنية لمكافحة "الفساد الحكومي"، وحملات ضد "التجسس الأجنبي"، وفق صحيفة "فاينانشيال تايمز".

وتسمح حملة جمع جوازات السفر، التي يجري تنفيذها في إطار ما يعرف باسم "إدارة السفر الشخصي إلى الخارج"، للمسؤولين الحكوميين المحليين بمراقبة ورصد من يمكنه السفر إلى الخارج، وعدد المرات، والمكان الذي يسافر إليه.

يأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الصيني شي جين بينج إلى تعزيز مشاركة الدولة في الحياة اليومية، وتشديد إجراءات مكافحة الفساد الرسمي، فيما تكثف الأجهزة الأمنية في الصين حملتها ضد "التجسس".

وتظهر مقابلات أجرتها الصحيفة البريطانية مع أكثر من 10 من العاملين في القطاع العام الصيني، وإشعارات أصدرتها مكاتب التعليم في 6 مدن، أن القيود المفروضة على السفر الدولي "توسعت بشكل كبير" مقارنة بالعام الماضي، لتشمل موظفين عاديين في مدارس وجامعات وحكومات محلية، وممؤسسات تديرها الدولة.

ونقلت الصحيفة عن معلم بمدرسة ابتدائية في إحدى المدن الكبرى في مقاطعة سيتشوان (غرب) قوله: "طُلب من جميع المعلمين وموظفي القطاع العام تسليم جوازات سفرنا".

وأضاف المعلم، الذي طلب عدم كشف هويته ومدينته: "إذا أردنا السفر إلى الخارج، علينا تقديم طلب إلى مكتب التعليم بالمدينة، ولا أعتقد أنه سيجري الموافقة عليه".

وقال معلمون في ييتشانج بمقاطعة هوبي (وسط)، وفي مدينة أخرى بمقاطعة آنهوي المجاورة، إنه طُلب منهم أيضاً تسليم وثائق سفرهم. وهذا الصيف، خلال الأسابيع التي سبقت بدء العام الدراسي، اشتكى معلمون في مقاطعات قوانجدونج وجيانجسو وخنان على منصات التواصل الاجتماعي من إجبارهم على تسليم وثائق سفرهم.

وكتب أحد المعلمين في مقاطعة خنان: "كنت متخصصاً في اللغة الإنجليزية، وكان حلم حياتي هو زيارة دولة ناطقة باللغة الإنجليزية، ولكن يبدو كما لو كان الحلم على وشك أن يتبدد".

تقييد سفر الموظفين

ورجحت الصحيفة أن جمع جوازات السفر، يستند إلى لوائح وطنية صادرة في عام 2003، والتي أنشأت نظاماً لتقييد سفر الموظفين الرئيسيين مثل المسؤولين من المستوى المتوسط إلى الرفيع، وسمحت للسلطات المحلية بوضع قواعد للسفر الدولي لجميع موظفي الدولة.

وذكرت أن سكان المناطق المضطربة مثل التبت، فقدوا حريتهم في السفر منذ أكثر من عقد، وبداية من منتصف عام 2010، طبقت بعض المناطق قواعد "إدارة السفر الشخصي إلى الخارج" على المعلمين المحليين.

والعام الماضي، بعد رفع قيود السفر في فترة جائحة فيروس كورونا، بدأ المزيد من مكاتب التعليم في فرض قيود على سفر المعلمين، قبل تكثيفها هذا الصيف.

ولفتت الصحيفة إلى أن الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، أعطى الأولوية لـ"غرس الولاء في الطلاب"، وجعل التعليم السياسي للمعلمين أمراً محورياً في إطار تلك الجهود.

ووفقاً للصحيفة، تشير تعليمات ما قبل السفر للمعلمين في مدينة ونتشو الشرقية، إلى أن السلطات المحلية تشعر بالقلق إزاء أفكار ربما يواجهونها خارج البلاد.

وفي إطار هذه الجهود، يتوجب على المعلمين الذين يسافرون إلى الخارج عدم الاتصال بأي حركات محظورة أو غيرها من "القوات الأجنبية المعادية"، وفقاً لتعليمات نشرها مكتب التعليم بمنطقة أوهاي في مدينة ونتشو في مارس على الموقع الإلكتروني للمنطقة إلى جانب قيود جديدة على سفر المعلمين.

وطالبت المنطقة في إشعار جديد، جميع معلمي المدارس العامة في مرحلة رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والثانوية بتسليم جوازات سفرهم، وقالت إنه سيجري تسجيل أسمائهم لدى وحدة مراقبة الحدود التابعة لمكتب الأمن العام.

وجاء في الإشعار أن المعلمين الذين يرفضون تسليم جوازات سفرهم أو الذين يسافرون إلى الخارج دون إذن، سيتعرضون لإجراءات، أو يحالون إلى هيئة مكافحة الفساد في الصين، اعتماداً على خطورة مخالفاتهم، كما سيمنع المخالفين من السفر لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات.

حملة ضد التجسس

ورجحت "فاينانشيال تايمز"، أن القيود المفروضة على الموظفين في الشركات المملوكة للدولة مرتبطة بحملة متزايدة للقضاء على "التجسس".

ونقلت عن مندوبة مبيعات في أحد البنوك في مدينة نانجينج شرقي الصين، قولها إنه طُلب منها تسليم جواز سفرها عندما انضمت إلى المجموعة المصرفية المملوكة للدولة العام الماضي. وبعد استقالتها في مارس، اضطرت إلى الانتظار 6 أشهر من أجل رفع إجراءات "السرية المصرفية" قبل أن تتمكن من استعادة جواز سفرها.

وفي مقاطعة هونان بوسط البلاد، قال مسؤول متوسط المستوى في صندوق استثمار حكومي محلي، إنه حصل على موافقة من 9 إدارات مختلفة لقضاء عطلة في الخارج، لكنه لا يزال غير قادر على استرداد جواز سفره، مضيفاً: "لم يخبرني أحد ما هو المطلوب بالضبط لاستعادة جواز سفري".

في المقابل، ردت وزارة الخارجية الصينية بأنها ليست على علم بالموقف، وأحالت الأسئلة إلى السلطات المختصة، كما لم ترد مكاتب التعليم في مقاطعات سيتشوان وييتشانج وآنهوي وونتشو وقوانجدونج وجيانجسو وخنان، على طلبات "فاينانشيال تايمز" للتعليق.

تصنيفات

قصص قد تهمك