"الأمن قبل الأراضي".. معادلة أوكرانيا وسط سعي ترمب لإطلاق مفاوضات

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث مع الحاكم الإقليمي فيتالي كيم خلال زيارة لمدينة ميكولايف الجنوبية مع استمرار الهجوم الروسي على أوكرانيا ، أوكرانيا- 18 يونيو 2022 - via REUTERS
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث مع الحاكم الإقليمي فيتالي كيم خلال زيارة لمدينة ميكولايف الجنوبية مع استمرار الهجوم الروسي على أوكرانيا ، أوكرانيا- 18 يونيو 2022 - via REUTERS
دبي-الشرق

يقول مسؤولون أوكرانيون منذ عدة أشهر إنهم لن يتنازلوا عن أي أراضٍ تحتلها روسيا في أي تسوية سلمية. ولكن الآن، تولي كييف أهمية كبيرة للحصول على ضمانات أمنية بقدر اهتمامها بتحديد حدود وقف إطلاق النار، بينما تدرس جدولاً زمنياً معجلاً للمفاوضات التي يدفع بها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".

ومع استمرار تراجع القوات الأوكرانية في الشرق، قال مسؤولان رفيعان للصحيفة الأميركية، إن الدفاع عن مصالح أوكرانيا في المحادثات المحتملة لن يعتمد على الحدود الإقليمية، التي يُرجح أن تحددها المعارك، بقدر ما يعتمد على الشروط التي ستضمن استمرارية وقف إطلاق النار.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن رومان كوستينكو، رئيس لجنة الدفاع والاستخبارات في البرلمان الأوكراني، قوله: "ينبغي أن تستند المحادثات إلى ضمانات. فبالنسبة لأوكرانيا، لا شيء أهم من ذلك".

وقال مسؤول أوكراني آخر، تحدث للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة مفاوضات حساسة، إن "مسألة الأراضي هامة للغاية، لكنها تبقى في المرتبة الثانية"، مؤكداً أن "المسألة الأولى هي الضمانات الأمنية".

وتحدد أوكرانيا حدودها وفق إعلان استقلالها عام 1991، رغم أن روسيا باتت تسيطر على نحو 20% من أراضيها، لكن كييف ترفض رسمياً التخلي عن أي أراضٍ محتلة، بحسب كوستينكو.

ويبدو أن هذا هو النهج الذي تتبناه أوكرانيا لتبرير أي اتفاق محتمل قد يبقي السيطرة الروسية على أجزاء من أراضيها، حسبما ذكرت "نيويورك تايمز".

وفي أكتوبر الماضي، صرح الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، خلال مناقشته وقف إطلاق النار قائلاً: "الجميع يدرك أنه بغض النظر عن المسار الذي نتخذه، لا يمكن لأي دولة أن تعترف قانونياً بالأراضي المحتلة كجزء من دولة أخرى".

تشكيك في التزام روسيا

ويبقى التشكيك في التزام روسيا بأي تسوية راسخاً في أوكرانيا، التي شهدت تجارب مريرة مع وقف إطلاق النار عامي 2014 و2015 بعد اشتباكات مع قوات مدعومة من روسيا في الشرق، حيث لم تمنع تلك الاتفاقات اندلاع مزيد من القتال، واستمر ذلك حتى الغزو الروسي الشامل في 2022.

ويسعى المسؤولون في كييف إلى الانضمام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، كضمان ضد تعرضها لهجمات روسية متجددة. وأشار المسؤولون الغربيون إلى دعمهم لعضوية أوكرانيا، ولكن ليس وفقاً لجدول زمني معجل.

ويرى المسؤولون في كييف أن توفير ترسانة قوية من الأسلحة التقليدية بدعم من الغرب سيمكن أوكرانيا من الردع الفوري لأي تجدد للأعمال العدائية.

وقالت "نيويورك تايمز"، إن الضمانات الأمنية، وليس الأراضي، هي المسألة الأكثر تعقيداً في أي اتفاقية سلام.

وأشارت الصحيفة إلى انسحاب روسيا من اتفاق مقترح خلال مفاوضات السلام عام 2022 بسبب بند رئيسي يتضمن التزام دول أخرى بالدفاع عن أوكرانيا في حال تعرضها لهجوم مستقبلي.

ولطالما أكدت روسيا أنها تعتبر انضمام أوكرانيا إلى "الناتو" أمراً غير مقبول. وقالت موسكو إن هذه الخطوة ستكون بمثابة نقطة حاسمة لأي اتفاق لوقف إطلاق النار، في الوقت الذي أظهرت فيه أيضاً رغبتها في الاحتفاظ بالسيطرة على الأراضي التي استولت عليها في أوكرانيا.

وتصاعدت المناقشات بشأن تسوية محتملة منذ انتخاب ترمب الأسبوع الماضي، إذ تعهد بالضغط من أجل إجراء محادثات فورية. ويشكل هذا تحولاً عن الموقف الذي تتبناه إدارة جو بايدن من فترة طويلة، إذ ترى أن توقيت وشروط أي تسوية يجب أن تُترك لأوكرانيا.

وأعرب ترمب بشكل علني عن شكوكه في استمرار المساعدات الأميركية لأوكرانيا، وقال إنه يمكنه إنهاء الحرب في يوم واحد دون أن يوضح كيفية ذلك.

وحاول الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مراراً تصوير أوكرانيا على أنها الطرف المتعنت في مفاوضات السلام، في حين ألمح إلى شروط تسوية تصب فقط في مصلحته. ويرى المسؤولون الأوكرانيون والغربيون موقف بوتين بمثابة طلب للاستسلام.

وتتمثل إحدى القضايا العاجلة لأي اتفاق لوقف إطلاق النار على الجبهة في احتلال أوكرانيا لأجزاء من منطقة كورسك في جنوب غرب روسيا، والتي غزاها الجيش الأوكراني في أغسطس الماضي.

"ورقة مساومة"

وتعتبر كييف هذه الأراضي "ورقة مساومة" محتملة خلال المفاوضات، بينما يُنظر في موسكو إلى انسحاب أوكرانيا منها على أنه شرطاً أساسياً لبدء المحادثات.

ويقول مسؤولون أميركيون إن نحو 50 ألف جندي من القوات الروسية والكورية الشمالية تمركزوا في كورسك، استعداداً لشن هجوم مضاد لطرد القوات الأوكرانية خارج الأراضي الروسية.

ويعتقد بعض المتشددين في موسكو أن نقاط الخلاف، بما في ذلك المطالبات الإقليمية، تجعل التوصل إلى تسوية بحلول الربيع المقبل "أمراً غير مُرجح".

وقال كونستانتين مالوفييف، رجل الأعمال المحافظ المتحالف مع الكرملين، للصحيفة: "سيكون من الصعب بالنسبة لنا التوصل إلى اتفاق، لأن حتى مواقفنا الأكثر تساهلاً تتضمن تنازلات إقليمية إضافية من أوكرانيا".

وقال المسؤول الأوكراني الرفيع إن كييف تسعى لضمان أن لا يضر خط وقف إطلاق النار بالتعافي الاقتصادي للبلاد بعد الحرب، مثل أن تُترك المناطق الصناعية عرضة لعدم الأمان بما يمنع جذب الاستثمارات. 

وأوضح المسؤولون أن عرض المنطقة منزوعة السلاح، وهي منطقة فاصلة بين الجيشين، سيكون أيضاً من النقاط الأساسية التي سيُنظر فيها.

تصنيفات

قصص قد تهمك