وزير الخارجية السعودي: ما تتعرض له غزة من إبادة وحشية هو أكبر اختبار للنظام العالمي

مؤتمر "مساعدات غزة" يدين حظر الأونروا ويدعو إسرائيل إلى رفع القيود

جانب من فعاليت مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة، القاهرة، مصر. 2 ديسمبر 2024 - Reuters
جانب من فعاليت مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة، القاهرة، مصر. 2 ديسمبر 2024 - Reuters
دبي/ القاهرة -الشرق

أدان مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة الاثنين، حظر إسرائيل لعمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ودعا تل أبيب إلى رفع القيود عن دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية الملحّة إلى القطاع الفلسطيني.

وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تمنع دخول المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة، وأن ما تسمح إسرائيل بإدخاله من مساعدات نتيجة "الضغوط" التي تمارس عليها، لا يتناسب مع الاحتياجات الإنسانية الهائلة داخل القطاع، نتيجة القصف المستمر من الجيش الإسرائيلي وتداعيات الحرب من نزوح وانتشار للأوبئة، فضلاً عن تحديات الطقس البارد في الشتاء، وخطر تفشي المجاعة.

وتابع وزير الخارجية المصري في كلمته بافتتاح مؤتمر القاهرة، أن "ما يتم إدخاله يجد صعوبة فى توصيله إلى المحتاجين له بسبب تعرُّضه للسرقة والتخريب لغياب الأمن، وغير ذلك من المخاطر التي تحول دون قيام العاملين في المجال الإنساني بمهام عملهم".

وفي وقت سابق الاثنين، أعلنت وزارة الخارجية المصرية أن مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة، ينعقد تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبمشاركة 103 وفود للدول والمنظمات والهيئات الدولية والمؤسسات المالية.

وأضافت أن المؤتمر يهدف لـ"لتأمين التزامات واضحة بتقديم المساعدات لغزة، وتعزيز الدعم الدولي لضمان استدامة الاستجابة للأزمة الإنسانية في غزة، وحشد الجهود لتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة، والتخطيط للتعافي المبكر داخل القطاع".

إدانة حظر الأونروا

وحذَّر عبد العاطي من أن "الكارثة" الإنسانية في غزة تزداد حدة في ظل الهجوم المستمر على وكالة الأونروا، والمساعي لتقويض عملها وتدميرها وما سيترتب على ذلك من الانهيار التام للاستجابة الإنسانية داخل القطاع، وتصفية القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في العودة".

وجدد إدانة مصر بشكل كامل إقرار التشريع غير القانوني لحظر عمل الوكالة لما يُمثّله من سابقة خطيرة بحظر دولة عضو بالأمم المتحدة لعمل إحدى وكالاتها وتعكس استخفافاً مرفوضاً بالمجتمع الدولي ومؤسساته، مشدداً على أن "الوكالة لا بديل لها ولا يمكن الاستغناء عنها ولا يمكن أن يقوم بدورها أي طرف آخر أياً كان".

وأكد أن "الاحتلال دمر ما يزيد على 2000 منشأة تابعة لوكالة الأونروا في قطاع غزة، من بينها أكثر من 65 من مدارسها".

وأوضح وزير الخارجية المصري، أن "مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة يأتي في ظل المأساة الإنسانية وغير المسبوقة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة نتيجة العدوان الغاشم الإسرائيلي المستمر".

وأشار إلى أن الأوضاع الحالية في غزة، تُفاقم من المعاناة الإنسانية المتواصلة للشعب الفلسطيني منذ عقود "بسبب استمرار الاحتلال، بل ويزيد منها ويكرسها عجز مؤسسات المجتمع الدولي والمنظومة القانونية الدولية عن اتخاذ قرار ومواقف رادعة وحاسمة تحقن دماء الشعب الفلسطيني الشقيق وتوقف الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها سلطة الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".

ووصف عبد العاطي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بأنه "فاق كل الحدود"، إذ "تواصل إسرائيل ارتكاب الفظائع على مرأى ومسمع من العالم منذ أكثر من عام دون رادع، وفي مشاهد مروعة تعجز الكلمات عن وصفها"، حسب تعبيره.

واتهم إسرائيل بـ"استخدام التجويع والحصار كسلاح والتهجير كعقاب جماعي للفلسطينيين بالمخالفة الفادحة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي".

ولفت إلى أنه "على مدار 13 شهراً وقف المجتمع الدولي متفرجاً أمام ما يتم ارتكابه من أفعال بشعة، ومشاهد قتل للأطفال والنساء، وتشريد للسكان المدنيين، وتدمير المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس، وقصف سيارات الإسعاف واستهداف العاملين في المجال الإنساني بمن فيهم موظفي الأمم المتحدة الذين أودى القصف بحياة أكثر من 173 منهم، وغالبيتهم من شهداء وكالة أونروا، فضلاً عن تدمير أكثر من 2000 منشأة تابعة للوكالة في قطاع غزة من بينها أكثر من 65 مدرسة".

وذكر عبد العاطي أن "خسائر القطاع تشمل سقوط أكثر من 43 ألف فلسطيني، 70% منهم من النساء والأطفال، إضافة إلى نزوح مليونَي شخص بسبب أوامر الإخلاء التي أصدرها الاحتلال وباتت تغطي أكثر من 85% من أراضي القطاع".

معبر رفح

وعن المساعدات التي قدمتها مصر إلى غزة، أوضح أن القاهرة قدمت نحو 70% من المساعدات التي دخلت القطاع منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023، مع تسهيلها إجراءات الشحن الجوي والبحري والبري لاستقبال هذه المساعدات.

ونوّه إلى أن مصر استضافت "آلاف الجرحى من أشقائنا الفلسطينيين ووفرت لهم الرعاية الصحية، فضلاً عن تطعيم آلاف من الأطفال الفلسطينيين وقدمت الدعم اللازم لالتحاق الطلبة الفلسطينيين بالمؤسسات التعليم المصرية، وهذا ليس مِنّة منّا ولكن مسؤولية وواجب على مصر تجاه أشقائها الفلسطينيين وبتوجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي".

وأكد عبد العاطي استعداد مصر لإدخال أعداد كبيرة من الشاحنات اليومية إلى قطاع غزة، بمجرد أن تسمح الظروف الميدانية اللازمة لضمان النفاذ الآمن للمساعدات وتوفير المناخ الآمن لعمل وكالات الإغاثة، مشدداً في هذا السياق على "الأولوية البالغة للانسحاب الفوري من الجانب الفلسطيني من معبر رفح ومنطقة محور فيلادلفيا".

وطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالضغط على "الاحتلال لفتح معابره وتشغيلها بطاقتها الحقيقية بكل ما يعنيه ذلك من تحمُّل إسرائيل مسؤولياتها التي يحددها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وذلك هو الحد الأدنى المطلوب لتخفيف حجم الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها القطاع والتي يتحمل الاحتلال بشكل كامل مسؤوليتها".

اختبار النظام العالمي

من جانبه، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في كلمته خلال المؤتمر الاثنين، إن "ما تتعرض له غزة من إبادة وحشية، يُعتبر أكبر اختبار للنظام الدولي".

وأضاف وزير الخارجية السعودي: "أننا اليوم بحاجة إلى المُضي قُدماً بكافة الوسائل لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني بإنسانية وواقعية وعدالة".

وأشار إلى أن "الأوضاع المأساوية التي تشهدها المنطقة تدفعنا نحو بذل المزيد من الجهد للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتهيئة الظروف للعودة إلى الاستقرار، وإيجاد أفق حقيقي للعودة إلى المفاوضات الجادة لتحقيق السلام وفق حل الدولتين وقرارت الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية".

وشدد على أن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحق الفلسطينيين في تقرير المصير، هو حق أصيل يترتب عليه أمن المنطقة، ومصداقية النظام الدولي وشرعيته".

استخدام الجوع كسلاح للحرب

وفي السياق ذاته، قال رئيس الوزراء ووزير خارجية فلسطين محمد مصطفى، إن "مصر وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي، وبذلت جهوداً حثيثة مع الأشقاء والأصدقاء لوقف هذا العدوان الغاشم ووقف إطلاق النار".

وأكد مصطفى أنه يجب بحث سبل التحرك العاجل لوقف هذه الكارثة الإنسانية التي تعصف بقطاع غزة، مضيفاً أن "قطاع غزة منطقة منكوبة تعاني من المجاعة والدمار، إذ يستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي الجوع كسلاح للحرب".

وتابع أن القطاع يعاني "تجويعاً متعمداً وممنهجاً واسع النطاق ليس بسبب شح المساعدات، بل نتيجة منع دخولها وإعاقة عمل المنظمات والطواقم الإنسانية، ويتعرض لحرب إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من 13 شهراً".

وشدد رئيس وزراء فلسطين، على رفض استمرار احتلال قطاع غزة وتواصل إغلاق معابره المختلفة، وتقليص جغرافية أو ديموغرافية القطاع أو أياً من أرض وإقليم دولة فلسطين.

ودعا إلى العمل سريعاً على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وخاصة قرار مجلس الأمن 2735 من أجل وقف العدوان.

وتابع قائلاً إنه يجب العمل على تأمين دخول ووصول المساعدات للشعب الفلسطيني بشكل فوري وعاجل بما يمهد لعودة الخدمات الأساسية والبدء بالعمل من أجل إعادة الحياة لطبيعتها وصولاً إلى إعادة الإعمار والتنمية.

سوء التغذية

وأكدت أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أنه "لا شيء يبرر هجمات السابع من أكتوبر"، كما أنه "لا شيء يبرر أيضاً العقاب الجماعي الذي يتعرض إليه الشعب الفلسطيني من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي".

وقالت إن "الشعب الفلسطيني يعاني من التهجير وانتشار سوء التغذية، إذ يعاني نحو 90 ألف طفل من سوء التغذية والأمراض والأوبئة"، وأوضحت أن "غزة الآن تسجل أعلى نسبة في العالم من الأطفال الذين يعانون من الأمراض".

وأضافت أن المساعدات الإنسانية المرسلة لغزة "يرفضها الاحتلال ويعوقها"، مما يُعتبر اختراقاً للقانون الإنساني الدولي، مشيرة إلى أن هذا القانون ملزم بموجب قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وتابعت المسؤولة الأممية، أن إسرائيل تتجاهل كل القرارات والأوامر التي لا بد من الدول الأعضاء الالتزام بها، كما أن ما يصل من مساعدات إلى قطاع غزة غير مستقر ومستدام ولا يفي بالاحتياجات المتواصلة على الإطلاق، إذ أنها مساعدات غير فعالة ولا تنقذ أي أرواح.

"حصار داخل كابوس"

بدوره، وصف المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني، ما يعيشه الشعب الفلسطيني في غزة بأنه "حصار داخل كابوس"، مؤكداً أن الوكالة دفعت ثمناً باهظاً لخدماتها منذ بداية الحرب وهو سقوط العديد من موظفيها.

وقال لازاريني إن إيصال المساعدات الإنسانية سينجح فقط في حال وجود حماية للعاملين الإنسانيين، مشيراً إلى أن الوكالة تُقدّم 60 ألف استشارة طبية يومياً، وليس هناك جهة قادرة على تقديم تلك الخدمات.

وحذَّر من أنه سيكون هناك جيل كامل في غزة سيُحرم من التعليم، داعياً إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري وتقديم الدعم السياسي والمالي للوكالة.

مجابهة الكارثة

سيجريد كاخ، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار، اعتبرت أنه "لا شيء يُقارن بما تعانيه غزة اليوم، خاصة في ما يتعلق بالخسائر وشعور الفلسطينيين بالوحدة".

وأوضحت كاخ أنه "رغم جهود المجتمع الدولي، لكن هناك الكثير من الأرواح التي فُقدت وهناك دمار شامل في المباني والمدارس وأطفال يعانون كثيراً"، مؤكدة أنه "يجب العمل معاً لمجابهة الكارثة التي يعانيها الشعب الفلسطيني، إذ أنه مبدأ إنساني وتذكير لمسؤوليتنا جميعاً".

ومن جهته، قال يونس الخطيب رئيس الهلال الأحمر الفلسطيني، إن عمال الاستجابة الإنسانية "لا يحصلون على الحماية"، ويجب احترام القوانين الدولية والتزام المواثيق الأممية، مؤكداً أن الدمار لحق بكل أنحاء قطاع غزة.

وأضاف أن المجتمع الدولي يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية جراء ما يحدث في غزة من كارثة إنسانية، مشيراً إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي يستهدف بشكل ممنهج المنظومة الصحية في قطاع غزة على مدار أكثر من عام، كما يحاصر ويقصف ويستهدف الطواقم الطبية والإسعاف، ما تسبب في تدهور وشبه انهيار للمنظومة الصحية".

تصنيفات

قصص قد تهمك