كشف زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)، الذي أدرجته الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب في عام 2013، خطته لـ"بناء سوريا"، بعد التقدم الأخير الذي حققته فصائل المعارضة المسلحة في حلب وإدلب وحماة، باعثاً رسائل إلى الغرب والأقليات، قائلاً إنه "مر بفترات من التحول على مر السنين".
وبدأ الجولاني مسيرته كمقاتل شاب في صفوف تنظيم القاعدة ضد القوات الأميركية في العراق، وبعد عودته إلى وطنه خلال الحرب السورية، قاد فرع التنظيم في سوريا عندما كانت تحت اسم "جبهة النصرة"، واستمر في قطع العلاقات مع تنظيم القاعدة وتطورت منظمته إلى "هيئة تحرير الشام"، المعروفة أيضاً باسم منظمة تحرير الشام، في أوائل عام 2017.
وقال الجولاني في مقابلة مع شبكة CNN، إنه مر بفترات من التحول على مر السنين: "الشخص في العشرينيات من عمره ستكون له شخصية مختلفة عن شخص في الثلاثينيات أو الأربعينيات من عمره، وبالتأكيد شخص في الخمسينيات من عمره.. هذه هي الطبيعة البشرية".
وبحسب وصف CNN، فإنه "بالنسبة لشخص كان يعمل في الظل ذات يوم، كان الجولاني يتمتع بالثقة وحاول إظهار الحداثة في حواره مع الشبكة الأميركية، والذي تم في وضح النهار وبقليل من الأمن، وبينما كانت الشبكة تجري المقابلة مع الجولاني، ظهرت أنباء تفيد بأن القوات الخاضعة لقيادته استولت على مدينة حماة".
وطرح الجولاني، الخميس، رؤية مختلفة للبلد الذي مزقته الحرب، وفي علامة على محاولته تغيير علامته التجارية، استخدم علانية أيضاً اسمه الحقيقي لأول مرة (أحمد الشرع) بدلاً من الاسم الحركي الذي يُعرف به على نطاق واسع.
وقال الجولاني، إن هدف الفصائل المسلحة في سوريا، هو في نهاية المطاف الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، ملمحاً إلى أن "الهيئة قد تتفكك في أي وقت بعد تحقيق هدفها".
وأضاف: "نتحدث عن مشروع أكبر، نتحدث عن بناء سوريا. هيئة تحرير الشام مجرد جزء من هذا المشروع، وقد تتفكك في أي وقت، إنها ليست غاية في حد ذاتها بل وسيلة لأداء مهمة، (ألا وهي) مواجهة هذا النظام".
طمأنة الأقليات
وقال في أول مقابلة إعلامية له منذ سنوات، في مكان غير معلن في سوريا: "عندما نتحدث عن الأهداف، يظل هدف الثورة هو الإطاحة بهذا النظام. ومن حقنا استخدام كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف".
ومع توسع الفصائل المسلحة في تقدمها بشمال غرب سوريا، حاول الجولاني طمأنة المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل، وقال إنه "ليس لدي هؤلاء المدنيين ما يخشونه".
وقال الجولاني عندما سئل عن المخاوف على سلامة المواطنين: "كانت هناك بعض الانتهاكات من قبل أفراد معينين خلال فترات الفوضى، لكننا عالجنا هذه القضايا.. لا يحق لأحد أن يمحو مجموعة أخرى"، وأوضاف أن "هذه الطوائف تتعايش في هذه المنطقة منذ مئات السنين، ولا يحق لأحد القضاء عليها".
وأعرب الجولاني عن رغبته في مغادرة القوات الأجنبية لسوريا، وقال: "أعتقد أنه بمجرد سقوط هذا النظام، سيتم حل القضية، ولن تكون هناك حاجة بعد الآن لأي قوات أجنبية للبقاء في سوريا".
وأضاف أن "سوريا تستحق نظام حكم مؤسسي، وليس نظاماً يتخذ فيه حاكم واحد قرارات تعسفية".
واعتبر قائد هيئة تحرير الشام، أن نظام الأسد قد "مات" رغم المحاولات الإيرانية والروسية لإحيائه، معتبراً أنه "لن تكون هناك حاجة لبقاء أي قوات أجنبية في سوريا بمجرد سقوطه".
واعتبر قائد "هيئة تحرير الشام"، التي سيطرت خلال الأسبوعين الماضيين على مناطق عدة في شمال سوريا، خلال المقابلة، أن "بذور هزيمة النظام كانت موجودة دائماً في داخله.. لقد حاول الإيرانيون إحياء النظام وكسب الوقت له، وفي وقت لاحق حاول الروس أيضاً دعمه. لكن الحقيقة تبقى: هذا النظام مات".
وعلى مدى الأيام الماضية، شنت الفصائل المسلحة في شمال غرب سوريا بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً عسكرياً سيطرت خلاله على حلب وإدلب، قبل أن تعلن الخميس أيضاً فرض سيطرتها على مدينة حماة بالكامل.
كما أشارت وسائل إعلام موالية للفصائل المسلحة، الجمعة، أنها باتت على مسافة نحو 5 كيلومترات من مدينة حمص في غرب البلاد.
وزير الدفاع السوري: وضعنا جيد ونعيد الانتشار
من جانبه، وصف وزير الدفاع السوري علي محمود عباس، وضع الجيش السوري في ميدان المعارك مع الفصائل المسلحة بـ"الجيد"، معتبراً أن "إعادة انتشار" الجيش خارج مدينة حماة "إجراء تكتيكي مؤقت"، وأضاف أن القوات لا تزال في محيط المدينة وهي على "أتم الجاهزية والاستعداد لتنفيذ واجباتها".
وأضاف عباس في كلمة متلفزة، الخميس، عقب سيطرة الفصائل على مدينة حماة وانسحاب الجيش السوري منها: "نخوض اليوم معركة شرسة مستمرة مع أعتى التنظيمات الإرهابية التي تستخدم أسلوب العصابات ما يضطر قواتنا المسلحة لاستخدام أساليب مناسبة في خوض المعارك من كر وفر وتقدم وانسحاب إلى بعض النقاط".
وأشار إلى أن تلك الفصائل "تقف خلفها دول إقليمية ودولية باتت معروفة تقدم لها الإسناد العسكري واللوجيستي"، واصفاً وضع الجيش السوري في الميدان بـ"الجيد".
وتابع: "قواتنا المسلحة عملت على إعادة الانتشار حفاظاً على الأرواح، وفي سياق تكتيكات المعركة يتطلب في بعض الأحيان إعادة التموضع والانتشار"، مشدداً على أن سوريا "قادرة على تجاوز التحديات الميدانية مهما اشتدت أو صعُبت".