باربرا ليف: سيتوجب على إدارة ترمب اتخاذ قرارات بشأن العقوبات ومصير القوات الأميركية

مساعدة وزير الخارجية الأميركي لـ"الشرق": هناك شرق أوسط جديد والتهديدات لا تزال قائمة في سوريا

مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف في مقابلة مع "الشرق". 10 يناير 2025 - الشرق
مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف في مقابلة مع "الشرق". 10 يناير 2025 - الشرق
واشنطن -هبة نصر

قالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف إن المنطقة تشهد ما وصفته بتشكيل "شرق أوسط جديد وسوريا جديدة"؛ لكنها شددت على أن التهديدات لا تزال قائمة في سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وأضافت باربرا ليف، في مقابلة خاصة مع "الشرق"، أنه سيتعين على إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب اتخاذ العديد من القرارات بشأن العقوبات المفروضة على سوريا.

وفي 8 ديسمبر، سيطرت فصائل المعارضة المسلحة السورية على العاصمة دمشق، ما أجبر الأسد على الفرار بعد حرب دامت أكثر من 13 عاماً، لينتهي حكم عائلته الذي استمر عقوداً.

وأشارت ليف إلى إجراء مناقشات مع الإدارة الجديدة في سوريا بشأن العقوبات، مضيفة أن "هذه الأمور ستكون متروكة لإدارة ترمب كذلك، باإضافة إلى مسألة بقاء القوات الأميركية في سوريا.

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة..

  • كيف يبدو لك الشرق الأوسط وأنت تغادرين منصبك وقد بات في حالة تختلف عما كان عليها عندما تسلمتي منصبك؟

أنتِ على حق.. إنه شرق أوسط جديد وسوريا جديدة. في الواقع، اعتباراً من 8 ديسمبر.

  • لماذا جاء انخراطكم في سوريا سريعاً عبر زيارتك ومقابلتك قائد "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع؟

أتيحت لي الفرصة للذهاب إلى دمشق في 20 ديسمبر للقاء (قائد الإدارة السورية الجديدة) أحمد الشرع ووزير الخارجية، وكان ذلك انخراطاً قررت حكومتنا (الولايات المتحدة) القيام به لإظهار الدعم للشعب السوري، أولاً وقبل كل شيء، دعم الشعب السوري الذي يخرج من نفق طويل مظلم، 50 عاماً من حكم الأب (حافظ الأسد) والابن القاسي (بشار الأسد)، وأيضاً لوضع التوقعات وبدء الحوار حول تلك التوقعات تجاه السلطات الانتقالية، وتجاه كل حكومة مقبلة في دمشق".

  • وكيف قررتم إزالة المكافأة التي وضعتوها على رأس أبو محمد الجولاني الذي أصبح أحمد الشرع؟

اتخذنا قراراً بإزالة المكافأة التي وضعناها لمن يساعد في إلقاء القبض على الشرع لأنه لم يكن منطقياً أن تبقى المكافأة، وهو (الشرع) طرف رئيسي في الأوضاع الجديدة المتبلورة في سوريا، والتي قررنا الانخراط بها.

  • أصدرتم إعفاءات من بعض العقوبات المفروضة على سوريا الأسبوع الماضي، لكنكم أبقيتم تصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة "إرهابية".. هل يمكنكم شرح السبب؟

أصدرت الولايات المتحدة، الاثنين، إعفاءً من العقوبات، عُرف باسم "الترخيص العام"، للمعاملات مع المؤسسات الحاكمة في سوريا لمدة 6 أشهر، في مسعى لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية، والسماح ببعض المعاملات في مجال الطاقة. وكانت تهدف إلى تقديم الإغاثة الفورية للشعب السوري، وإزالة أي عقبات أمام الخدمات العامة الفورية، لضمان توفير تلك الخدمات، وأيضاً لتمكين بعض شركائنا الذين قدّموا المساعدة في بعض المجالات، مثل دفع رواتب الحكومة وتوفير احتياجات الطاقة السورية. وكل هذه الجهود جزء من محاولة جماعية لدعم سوريا في هذه المرحلة الحساسة.

  • لكنكم جعلتم هذا الإعفاء مؤقتاً.. هل طلبتم من الإدارة الجديدة في سوريا أموراً محددة لرفع العقوبات نهائياً، لأن الإعفاء يسري حتى 7 يوليو فقط؟

نعم، هذا صحيح.. كان ذلك نقطة انطلاق، وسيتعين على الإدارة الأميركية الجديدة القادمة اتخاذ العديد من القرارات بشأن العقوبات المفروضة على سوريا وعلى "هيئ تحرير الشام" وعلى سوريا كدولة راعية للإرهاب.. هناك أيضاً "قانون قيصر"، وهو قانون أميركي، ويتطلّب التشاور الوثيق والدقيق مع الكونجرس.

وكان مجلس النواب الأمريكي أصدر القرار في عام 2019 باسمه الرسمي "قانون حماية المدنيين السوريين"، ويقضي بفرض عقوبات على الحكومة السورية ودول تدعمها، مثل إيران وروسيا، لمدة 10 سنوات.

وقد بدأنا التشاور مع الكونجرس هذا الأسبوع بشأن الإجراءات الأولية، ونناقش هذه القضايا مع الإدارة القادمة في البيت الأبيض، لكن هذه الأمور ستكون أمامهم عندما يتسلّمون مهامهم.

  • الانخراط النشط من جانب إدارة الرئيس جو بايدن في ملف سوريا، هل نتوقع استمراره مع إدارة الرئيس دونالد ترمب؟

هذا أمر يعتمد على مسؤولي الإدارة الجديدة في واشنطن، وأنا بالطبع، كدبلوماسية، أؤمن بقوة بضرورة العمل على أهداف الأمن القومي الأميركي من خلال الانخراط المباشر.

  • هل تنصحينهم بذلك؟

نعم.. هذه هي نصيحتي لهم، لكن بالطبع، سيكون القرار متروكاً للإدارة الجديدة في البيت الأبيض كي تتخذه بنفسها.

  • وماذا عن إبقاء تصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة "إرهابية"؟

هذه عملية منفصلة.

  • كيف ذلك؟

إزالة منظمة من تصنيف "المنظمات الإرهابية"، كما نطلق عليه (في الولايات المتحدة)، عملية تستوجب أن تستوفي تلك المنظمة سلسلة من المعايير.

  • وماذا عن السؤال الكبير؟ هل ستبقى القوات الأميركية في سوريا؟

سيكون هذا القرار متروكاً أيضاً للإدارة القادمة في البيت الأبيض واللرئيس المقبل.. بالطبع، سيكون متوافقاً بعناية، وأنا متأكدة، مع أهداف أمننا القومي المتمثلة بضمان أن يبقى تنظيم "داعش" تحت ضغط دائم، وألا يكون قادراً على تهديد وطننا أو المنطقة.

  • سوريا ليست فقط دمشق.. فهل تعتقدين أن الإدارة السورية الجديدة لديها ما يكفي من القوات والموارد لاستعادة الاستقرار؟

انظري، لقد عشتُ بنفسي، خلال أكثر من 30 عاماً كدبلوماسية، كيف تكون مثل هذه الانتقالات والتحولات التي تشهدها الدول محفوفة بالمخاطر، وكيف أن التحول بعد عقود من حكم استبدادي إلى أمر مفتوح بشكل مفاجئ يمثل مرحلة خطرة.

  • ما تلك المخاطر بالنسبة لسوريا؟

أولاً، كما قلتِ، كانت هناك العديد من القوى التي تعمل على الأراضي السورية دون اعتبار لمصالح الشعب السوري.. إيران نفسها، حزب الله، الميليشيات الإيرانية، القوات الروسية، كلها عملت على قمع الشعب السوري ومساعدة نظام الأسد في قمع السوريين وقتلهم.

وفجأة، اختفى معظم هؤلاء، لكن التهديد لا يزال قائماً بأن إيران قد تحاول إعادة التسلل، وأن حزب الله قد يحاول العودة. والقوات الروسية لم تختفِ تماماً. وفي الوقت نفسه، هناك العديد من عناصر "داعش" في أجزاء مختلفة من البلاد.

لذلك، نعم، هناك خطر.. ستكون فترة هشة جداً، فترة مليئة بالمخاطر، وهذا هو السبب في أننا ننصح السلطات الانتقالية، وكثيرون ينصحونهم بذلك، بأن يحتضنوا الشعب وأن يستخدموا موارد المجتمع المدني السوري نفسه خلال هذه الفترة.

  • هل يمكن أن تهدد هذه المخاطر وحدة سوريا؟ 

كما قلت في بيان العقبة، تحدثنا عن هذه القضية. ومباشرة في 20 ديسمبر، وكل يوم منذ ذلك الحين عندما ذهب دبلوماسيونا، سمعنا السوريين، سواء علناً أو بشكل خاص، من الحكومة وغير الحكومة، يقولون إن "سوريا واحدة لجميع السوريين، جميع السوريين متساوون في الحقوق".. ونحن نؤمن بذلك بشكل أساسي. 

  • وماذا عن قوات سوريا الديمقراطية (قسد)؟ فأنتم متحالفون معهم وقاموا بدور مهم في محاربة "داعش"، لكنهم بالنهاية سوريون.. فما هي مقاربتكم  للحفاظ على وحدة سوريا مع أخذ هواجس تركيا بعين الاعتبار؟

منذ صباح 8 ديسمبر، في القنوات العسكرية والمدنية، نصحنا قيادة قوات سوريا الديمقراطية، والقيادة المدنية الكردية الأخرى أن تبدأ بالتوجه نحو دمشق لأن الفرصة متاحة أمامهم لأول مرة منذ عقود ليكونوا جزءاً من سوريا واحدة، وألا يخافوا من دمشق، بل أن يكونوا على طاولة الحوار. وقد بدأت هذا العملية من خلال الانخراط على أعلى المستويات بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية. نحن أيضاً في حوار مكثف مع السلطات التركية، مع الجنرال مظلوم، وبالطبع مع دمشق، لضمان أن يحدث التكامل السوري-السوري وأن تتراجع هذه الهشاشة في الاستقرار بشمال شرق سوريا، على أمل أن يتم ذلك عبر وقف إطلاق النار بحيث يمكن لهذا التكامل أن يستمر.

  • هل هناك جديد بشأن الصحفي الأميركي المفقود في سوريا أوستن تايس؟

حسناً، أوستن تايس كان دائماً في مقدمة أولوياتنا كقضية قنصلية وكمسؤولية أخلاقية لهذه الإدارة منذ 4 سنوات.

جاء معنا (المبعوث الأميركي الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن) روجر كارستينز في تلك المهمة الأولى إلى سوريا، بهدف متابعة أمرين: زيارة موقع كان لدينا أدلة على أن أوستن كان يعتقد أنه احتجز بشكل متكرر مع فريق. كنا مع فريق من مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI حتى نتمكن من جمع أي دليل قد يكون موجوداً. ولكن الأهم من ذلك هو تأمين التزام من دمشق بمواصلة مساعدتنا وتسهيل هذا البحث للعثور على أوستن وبقية المواطنين الأميركيين الذين اختفوا في سوريا خلال الحرب الأهلية.. وسيظل ذلك أولوية.

  • هل من رسالة ترغبين بتوجيها إلى اللبنانيين بعد انتخاب الرئيس جوزاف عون؟

رسالتي إلى الشعب اللبناني هي "ألف مبروك" (قالتها بالعربية).. نحن سعداء بأن السياسيين اللبنانيين أخيراً، أخيراً قاموا بواجبهم الوطني وانتخبوا رئيساً. لقد تأخر ذلك لأكثر من عامين.. وعموماً أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً. 

وأعتقد أن الرئيس جوزاف عون وطني ومخلص للبنان، ولديه سجل حافل. لذلك، لدينا آمال كبيرة في أن يقوم بكل الأمور الصحيحة، وأن يفعل أموراً رائعة لشعبه في المستقبل.

ولبنان أيضاً، مثل سوريا، أمامه فرصة مهمة في المستقبل، وأرى أن للبلدين مصير متشابك، كما كان الحال في الـ40 سنة الماضية بشكل مأساوي.

  • وماذا عن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل؟ هناك مخاوف لدى الجميع من استئناف القتال بعد 60 يوماً.. هل أنتم مستعدون لتمديد الاتفاق؟

بالنسبة لوقف إطلاق النار، أنتِ على حق، فهناك هشاشة معينة.. هناك عبء ثقيل على الجيش اللبناني للمساعدة في تأمين مناطق الإخلاء، وفي الحقيقة لتكون هي القوة الرئيسية التي تساعد في استقرار جنوب لبنان.. نحن نبحث تقديم المزيد من الدعم، وأعلم أن عدداً من شركائنا الإقليميين وشركاء مجموعة السبع يبحثون القيام بالمثل.

أما بالنسبة لتمديده أو لا، فهذا سؤال مفتوح لا أستطيع الإجابة عليه هنا.. أعتقد أن الإدارة الجديدة (إدارة ترمب) ترى أن هذا الاتفاق مهم، ونعتقد جميعنا أن وقف إطلاق النار بدأ يؤتي ثماره، لكن سيكون على الجميع أن يقوم دوره.

تصنيفات

قصص قد تهمك