أعرب وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة مرهف أبو قصرة، الخميس، عن انفتاح بلاده على إبقاء القواعد الروسية "طالما هناك اتفاق مع الكرملين يخدم مصالح سوريا"، مشيراً إلى أن دمشق بدأت "مفاوضات حساسة" مع الولايات المتحدة وتركيا بشأن وضع قواعدهما العسكرية.
وقال أبو قصرة في لقاء مع صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إن موقف روسيا تجاه الإدارة السورية الجديدة "تحسن بشكل كبير" منذ سقوط الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي، لافتاً إلى أن "دمشق تدرس مطالب موسكو".
وعما إذا كان سيُسمح لروسيا بالاحتفاظ بالقاعدة البحرية في طرطوس، وقاعدة حميميم الجوية القريبة من مدينة اللاذقية الساحلية، قال الوزير السوري: "نعم، في حال حصلت سوريا على فوائد من إبقائها"، وأضاف: "في السياسة، لا يوجد أعداء دائمون".
ولا يزال مصير القواعد العسكرية الروسية في سوريا غير واضح، بعد الإطاحة بالأسد بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية، التي لعبت فيها موسكو دوراً بارزاً.
وأظهرت صورة بالأقمار الاصطناعية مواصلة القوات الروسية تمسكها بقواعدها البحرية والجوية الرئيسية في سوريا، والتي تستخدمها كنقاط انطلاق إلى البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا، رغم انسحابها من بعض المواقع الصغيرة بعد الإطاحة بالأسد.
القواعد الأميركية والتركية
وفي ظل مساعي وزارة الدفاع في إعادة بناء الجيش السوري، أكد أبو قصرة، أن "سوريا تدرس إبرام اتفاقيات دفاعية مع عدة دول"، موضحاً أن دمشق "دخلت مفاوضات حساسة مع الولايات المتحدة وتركيا بشأن وضع قواعدهما العسكرية في سوريا".
وأشار أبو قصرة، إلى أن الاتفاقيات العسكرية الجديدة مع تركيا "قد تشمل خفض أو إعادة انتشار" القوات التركية في البلاد، لافتاً إلى مسألة القواعد الأميركية "لا تزال قيد التفاوض".
وذكر الوزير، أن "الجميع كان ينتظر وصول (الرئيس الأميركي دونالد) ترمب إلى السلطة، والموضوع يحتاج بعض الوقت بين الإدارة الأميركية والحكومة السورية الجديدة".
وتأتي هذه التصريحات بعدما أفاد مسؤولان دفاعيان، بأن وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، تعمل على وضع خطط لسحب جميع القوات الأميركية من سوريا، في غضون 30 أو 60 أو 90 يوماً، حسبما أوردت شبكة NBC News.
وينتشر نحو 2000 جندي أميركي في شرق سوريا، حيث يشتركون مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي يقودها الأكراد في مهمة تهدف إلى منع عودة تنظيم "داعش".
وسبق أن ذكر الرئيس السوري أحمد الشرع، أن القوات الأميركية "موجودة في سوريا دون موافقة الحكومة"، مضيفاً أن "أي وجود كهذا يتعين أن يتم بالاتفاق مع الدولة".
وبدأ التشكيك في استمرار وجود القوات الأميركية بعد سقوط نظام الأسد، إذ عملت القوات الأميركية مع قوات سوريا الديمقراطية ضد "داعش"، ما وفر الغطاء للمجموعة التي تعتبرها تركيا تابعة لحزب العمال الكردستاني، أو PKK، الذي تصنفه "منظمة إرهابية".
مع تولي الشرع رئاسة الدولة السورية، وإعلان "حل جميع الفصائل المسلحة"، والتعهد بـ"إعادة بناء الجيش على أسس وطنية"، برز الحوار بين الإدارة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية كأحد الملفات الأكثر حساسية.
الحوار مع "قسد"
وعن أبرز محاور المفاوضات القائمة مع واشنطن في ظل رفض دمشق عرض "قسد" بالاندماج في وزارة الدفاع ككتلة موحدة دون حلها، رفض الوزير التعليق على تفاصيل تلك المباحثات، لكنه قال إنه يعتقد أن "القضية سيتم حلها دبلوماسياً".
واعتبر أن هدف الشرع "هو ضمان خضوع المنطقة لسلطة دمشق، وسيطرة الحكومة على السجون في المنطقة"، وتابع: "الحل العسكري سيؤدي لإراقة الدماء من الجانبين، ووفقاً لتقديراتنا فإن الحل سيكون سلمياً، ونحن لا نميل إلى الحل العسكري".
وحذر مسؤولون دفاعيون أميركيون من أن سحب القوات الأميركية من سوريا يعني التخلي عن "قسد"، ويهدد أمن أكثر من 20 سجناً ومخيماً للاجئين، والتي تؤوي أكثر من 50 ألف شخص، بما في ذلك ما يقرب من 9 آلاف مقاتل من "داعش".
وفي هذا السياق، اعتبر وزير الدفاع السوري، أن "تسلم السلطة من القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة أمر بالغ الأهمية"، وأضاف أن جيشه مستعد "لأي سيناريو".
وكانت إدارة العمليات العسكرية في سوريا أعلنت في يناير الماضي، "حل جميع الفصائل العسكرية"، و"الأجسام الثورية السياسية والمدنية" ودمجها في مؤسسات الدولة، و"إعادة بناء الجيش على أسس وطنية".
وبشأن تفاصيل تلك الإجراءات، أفاد أبو قصرة، بأن قرابة 100 فصيل مسلح وافقوا على الاندماج تحت مظلة وزارة الدفاع، لكنه أكد أن هناك العديد من الرافضين لهذه الخطوة.
وذكر أن الجماعات المسلحة التي ستندمج تحت قيادة وزارة الدفاع "لن يسمح لها بالبقاء في وحداتها الحالية، وسيتم حل كافة الفصائل في نهاية المطاف".
تسليم الأسد
ورفض أبو قصرة الإجابة بشكل مباشر عن سؤال بشأن ما إذا كان الشرع طلب من موسكو تسليم الأسد خلال مباحثاته في دمشق التي جرت، في يناير الماضي، مع وفد روسي برئاسة نائب وزير الخارجية ميخائيل بوجدانوف، لكنه قال إن "قضية محاسبة الأسد أثيرت خلال الاجتماع".
وأضاف: "عندما قرر بشار الأسد الذهاب إلى روسيا، توقع أنه من المستحيل علينا (الإدارة السورية الجديدة) التوصل إلى اتفاق مع موسكو. ربما يتم استعادة العلاقات معها بطريقة تخدم مصالح سوريا أولاً ثم مصالحهم".
وكان بوجدانوف وصف اللقاء مع الشرع، بأن كان "بناءً وعملياً"، مشيراً إلى أنه "جرى التأكيد على الطابع الودي لعلاقات الصداقة بين البلدين، والتي تتميز بطابع استراتيجي وتهدف إلى الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا".