جنود يروون تفاصيل "قاسية": كانت مكاناً للقتل.. قضينا على الأخضر واليابس

"كأنها هيروشيما".. هكذا أنشأت إسرائيل المنطقة العازلة في غزة

جندي إسرائيلي يمسك مدفع رشاش داخل مركبة متحركة في منطقة الزيتون بمدينة غزة. 10 مايو 2024 - AFP
جندي إسرائيلي يمسك مدفع رشاش داخل مركبة متحركة في منطقة الزيتون بمدينة غزة. 10 مايو 2024 - AFP
القدس -رويترز

أصدرت منظمة حقوقية إسرائيلية، الاثنين، تقريراً روى فيه جنود إسرائيليون تفاصيل "أساليب قاسية" انتهجتها القوات الإسرائيلية لإنشاء منطقة عازلة حول قطاع غزة، وصفوها بأنها "منطقة قتل"، من خلال تدمير أراض زراعية، وإخلاء أحياء سكنية بأكملها.

ونقل التقرير، الصادر عن منظمة "كسر الصمت" الحقوقية الإسرائيلية، عن جندي احتياط خدم في سلاح المدرعات قوله "في واقع الأمر، كنا نأتي على الأخضر واليابس، وعلى كل مبنى وكل منشأة". وقال جندي آخر إن "المنطقة بدت مثل هيروشيما (مدينة يابانية تعرضت إلى قصف بقنبلة نووية ما دمر 70% من منازلها، وأودى بحياة نحو 140 ألف شخص)".

واستند التقرير إلى شهادات جنود خدموا في غزة، وشاركوا في عملية المنطقة العازلة، التي تم توسيعها ليكون عمقها ما بين 800 و1500 متر داخل القطاع بحلول ديسمبر 2024، والتي عملت القوات الإسرائيلية على المزيد من التوسيع لها منذ ذلك الحين.

واعتبرت إسرائيل أن "المنطقة العازلة المحيطة بغزة ضرورية لمنع تكرار هجوم السابع من أكتوبر 2023 الذي شنه مقاتلو حركة حماس، والذين تدفقوا عبر المنطقة العازلة التي كان عمقها في السابق 300 متر، لمهاجمة عدد من البلدات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع".

دبابة إسرائيلية قرب حدود غزة ضمن عودة العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع. 20 مارس 2025
دبابة إسرائيلية قرب حدود غزة ضمن عودة العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع. 20 مارس 2025 - REUTERS

ونقل التقرير عن أحد القادة في سلاح المدرعات قوله "الخط الحدودي منطقة قتل.. منطقة أكثر انخفاضاً.. لدينا رؤية شاملة لها.. وهم كذلك".

ولم يرد الجيش الإسرائيلي حتى الآن على طلب للتعقيب على التقرير.

وجاءت هذه الشهادات من جنود كانوا يخدمون في غزة أواخر 2023 بعد دخول القوات الإسرائيلية القطاع مباشرة وحتى أوائل 2024، ولم تشمل أحدث العمليات لتوسيع الأراضي التي يسيطر عليها الجيش بشكل كبير.

طفلة فلسطينية قرب جثامين عدد من ضحايا القصف الإسرائيلي على رفح جنوبي قطاع غزة. 10 يناير 2024
طفلة فلسطينية قرب جثامين عدد من ضحايا القصف الإسرائيلي على رفح جنوبي قطاع غزة. 10 يناير 2024 - AFP

آلاف الألغام والمتفجرات 

وقال جنود إن القوات استخدمت في المراحل المبكرة لتوسيع المنطقة الجرافات والحفارات الثقيلة، إلى جانب آلاف الألغام والمتفجرات، في تدمير نحو 3500 مبنى، بالإضافة إلى مناطق زراعية وصناعية كان من الممكن أن تكون حيوية في إعادة الإعمار بعد الحرب.

وكان تقرير منفصل صادر عن منظمة "جيشاه-مسلك" (حرية الوصول والتنقل) الحقوقية الإسرائيلية، قد أشار إلى تدمير نحو 35% من الأراضي الزراعية في غزة، ومعظمها على أطراف القطاع.

وقالت منظمة "كسر الصمت"، التي أسسها مجموعة من الجنود الإسرائيليين السابقين تهدف إلى رفع مستوى الوعي بتجربة الجنود التي تخدم في الضفة الغربية المحتلة وغزة، إنها "تحدثت إلى جنود شاركوا في عملية الخط الحدودي، ونقلت أقوالهم دون ذكر أسمائهم".

جنود إسرائيليين يشاركون في عمليات في قطاع غزة. 11 يونيو، 2024
جنود إسرائيليين يشاركون في عمليات في قطاع غزة. 11 يونيو، 2024 - AFP

ووصف جندي من وحدة الهندسة القتالية الصدمة التي شعر بها عندما رأى الدمار الذي خلفه بالفعل القصف الأولي للمنطقة الشمالية من قطاع غزة، عندما أرسلت وحدته لأول مرة لبدء عمليتها للتطهير، قائلاً: "كان الأمر يتخطى حدود الواقع، حتى قبل أن ندخل المنازل، كان الأمر يبدو كما لو كنت في فيلم".

وأضاف: "ما رأيته هناك حسبما بدا لي كان يتجاوز ما أستطيع تبريره، إذا احتجت لفعل ذلك، الأمر يرتبط بمدى تناسب ذلك مع الواقع".

"مجرد كومة من الركام"

وتحدث الجنود عن تجريف للأراضي الزراعية، ومنها أشجار الزيتون وحقول الباذنجان وغيرها، وذلك علاوة على تدمير مناطق ومنشآت صناعية.

وحكى أحد الجنود عن "منطقة صناعية ضخمة ومصانع كبيرة تحولت إلى مجرد كومة من الركام والخرسانة المحطمة".

شبان فلسطينيون يقفون فوق ركام منزلهم الذي قصفه الطيران الإسرائيلي في رفح جنوب قطاع غزة. 22 ديسمبر 2023
شبان فلسطينيون يقفون فوق ركام منزلهم الذي قصفه الطيران الإسرائيلي في رفح جنوب قطاع غزة. 22 ديسمبر 2023 - Reuters

وقتلت إسرائيل أكثر من 50 ألف و846 فلسطينياً وأصابت 115 ألف و729 آخرين منذ 7 أكتوبر 2023، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.

وأدى القصف الإسرائيلي إلى تدمير مساحات واسعة من القطاع، ونزوح مئات الآلاف إلى خيام أو الإقامة في عقارات متضررة بفعل القذائف.

"لا يوجد نظام للمساءلة"

وأفاد التقرير بأن "الجيش اعتبر أن العديد من المباني التي هُدمت كانت تستخدمها حماس، ونقل عن جندي قوله إن "بعضها احتوى على متعلقات للرهائن، لكن هُدمت منشآت أخرى كثيرة ليس لها صلة بأي من ذلك".

ولم يُسمح للفلسطينيين بدخول المنطقة، وكان الجيش يُطلق عليهم النيران إذا حاولوا، لكن التقرير نقل عن جنود قولهم إن "قواعد الاشتباك فضفاضة، وتعتمد بشكل كبير على القادة الميدانيين".

وقال القائد في سلاح المدرعات "يتخذ قادة السرايا قرارات متنوعة بهذا الشأن، لذا فالأمر في النهاية يعتمد على شخصياتهم، لكن لا يوجد نظام للمساءلة عموماً".

ونقل التقرير عن جندي آخر قوله إن "الذكور البالغين الذين شُوهدوا في المنطقة العازلة قُتلوا، لكن كانت نيران تحذيرية تُطلق إذا كانوا من النساء أو الأطفال".

وقال الجندي: "في معظم الأحيان، كان الأشخاص الذين يدخلون المنطقة العازلة من البالغين، ولم يدخل الأطفال أو النساء تلك المنطقة".

تصنيفات

قصص قد تهمك