أفادت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلاً عن مسؤوليّن أميركيين كبيرين، الخميس، ببدء الولايات المتحدة سحب مئات الجنود من شمال شرق سوريا، وإغلاق 3 قواعد صغيرة بالمنطقة، وسط مخاوف من تبعات هذه الخطوة.
ووفقاً للمسؤولين، سيغلق الجيش الأميركي 3 قواعد صغيرة من أصل 8 في شمال شرق سوريا، وسيتم خفض عدد القوات من قرابة 2000 إلى 1400 جندي.
كما أشارا إلى أن القواعد التي سيتم إغلاقها تُعرف باسم "M.S.S. Green Village"، و "M.S.S. Euphrates"، بالإضافة إلى منشأة ثالثة أصغر.
وأوضح المسؤولان، أنه بعد مرور 60 يوماً، سيُجري القادة العسكريون تقييماً لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة لمزيد من عمليات سحب الجنود. وذكر أحد المسؤولين، أن "القادة أوصوا بإبقاء 500 جندي أميركي على الأقل في سوريا".
ولفت المسؤولان، اللَّذانِ طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إلى أن عمليات سحب الجنود التي بدأت، الخميس، وافقت عليها وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" والقيادة المركزية، وذلك بعد توصيات القادة الميدانيين بإغلاق ودمج القواعد.
وأفادا بأن "القواعد الأميركية، التي تضم جنوداً وقوات خاصة، ستواصل العمل بأعداد أقل، من أجل تقديم المساعدة في مكافحة الإرهاب لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والمساعدة في إدارة العديد من معسكرات الاعتقال".
ويقول "البنتاجون"، إن المهمة العسكرية الأميركية الرئيسية في سوريا، تتمثل في إضعاف تنظيم"داعش" ودعم الشركاء المحليين العاملين هناك، بما في ذلك "قسد"، وهي تحالف بقيادة الأكراد، لضمان عدم تمكن التنظيم من إعادة بناء ملاذ آمن.
ووقعت قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على ما يقرب من ربع الأراضي السورية، الشهر الماضي، اتفاقاً مع دمشق بشأن دمج الهيئات الحاكمة وقوات الأمن التي يقودها الأكراد في الحكومة المركزية.
"خطوة روتينية"
وكان مسؤول في "البنتاجون" قال لـ"الشرق"، الثلاثاء الماضي، إن تحركات القوات الأميركية في سوريا والمناطق المختلفة "تُظهر الطبيعة المرنة للتموضع الدفاعي العالمي للولايات المتحدة"، لافتاً إلى أن الوزارة "تقوم بشكل روتيني بإعادة تخصيص القوات استناداً إلى الاحتياجات التشغيلية والاحتمالات الطارئة".
وأضاف المسؤول رداً على سؤال بشأن مدى صحة الأنباء التي تحدثت عن وجود خطط لسحب جزء من القوات الأميركية في سوريا، أن تحركات تلك القوات "تُظهر قدرتها على الانتشار في جميع أنحاء العالم بسرعة قصيرة لمواجهة التهديدات الأمنية المتطورة".
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الثلاثاء الماضي، إن إدارة ترمب وجهت بانسحاب تدريجي للقوات الأميركية المتواجدة في سوريا، ستبدأ تنفيذه في غضون الشهرين المقبلين.
وذكرت الصحيفة، أن مسؤولين أمنيين أميركيين أبلغوا أجهزة الأمن الإسرائيلية بقرار الانسحاب من سوريا، مشيرة إلى أن تل أبيب حاولت منع ذلك، لكنها أُبلّغت الآن بأن جهودها باءت بالفشل.
وسبق أن سأل أحد الصحافيين الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن التقارير بشأن نيته سحب القوات الأميركية من سوريا، وأجاب: "لا أعرف من قال ذلك، لكننا سنتخذ قراراً بشأن ذلك. نحن لا نتدخل في سوريا. سوريا في حالة فوضى ولديهم ما يكفي من الفوضى هناك إنهم لا يحتاجون مشاركتنا في كل شيء".
وفي ديسمبر الماضي، أعلن "البنتاجون" نشر حوالي ألفي جندي في سوريا، وهو أكثر من ضعف العدد الذي قاله الجيش لسنوات، حوالي 900.
ووصف متحدث باسم "البنتاجون" آنذاك، القوات الإضافية البالغ عددها 1100 جندي في ذلك الوقت، بأنها "قوات تناوب مؤقتة لمدة تتراوح بين 30 إلى 90 يوماً، في حين أن 900 كانوا قوات أساسية تم نشرها لمدة تقترب من عام واحد".
ويحذر مسؤولون دفاعيون، من أن سحب القوات الأميركية من سوريا يعني التخلي عن "قسد"، ويهدد أمن أكثر من 20 سجناً ومخيماً للاجئين، والتي تؤوي أكثر من 50 ألف شخص، بما في ذلك ما يقرب من 9 آلاف من مقاتلي "داعش".
وتتولى قوات "قسد"، تأمين المرافق التي تحتجز الرجال والنساء والأطفال، لكنها تعتمد على الدعم والأموال من الولايات المتحدة وحلفائها لإبقائها تعمل.
في أواخر عام 2019، أمر ترمب وزير الدفاع آنذاك، جيمس ماتيس، بسحب جميع القوات الأميركية من سوريا، لكن ماتيس عارض الخطة واستقال احتجاجاً على ذلك، لكن ترمب سحب معظم القوات الأميركية، وأعادها لاحقاً واستمر الوجود الأميركي في سوريا منذ ذلك الحين.