أشاد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الثلاثاء، بـ"الإمكانات اللامحدودة" لعلاقات نيودلهي المتنامية مع الرياض، وذلك عند وصوله إلى جدة في زيارة تستغرق يومين، وهي الثالثة له إلى المملكة منذ عام 2016.
ووصف مودي في مقابلة مع "عرب نيوز"، المملكة بأنها "صديق موثوق وحليف استراتيجي"، مؤكداً كيف توسعت العلاقات الثنائية بشكل كبير منذ إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في عام 2019.
وقال: "شراكتنا لديها إمكانات لا حدود لها.. وفي عالم مليء بالتغيرات، تظل الروابط بين البلدين قوية، كركيزة للاستقرار"، مشيداً بقيادة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، واصفاً إياه بأنه "مدافع قوي عن العلاقات الثنائية" بين نيودلهي والرياض، كما أكد أنه "صاحب رؤية ألهمت العالم، ونالت إعجابه" من خلال الإصلاحات في ظل رؤية 2030.
وأضاف مودي: "في كل مرة التقيت به، ترك الأمير محمد بن سلمان انطباعاً عميقاً لدي.. إن رؤيته المستقبلية وشغفه بتحقيق تطلعات الشعب السعودي رائعة حقاً".
وقالت الحكومة الهندية، في بيان، إن زيارة مودي "تعكس الأهمية التي توليها الهند لعلاقتها الثنائية مع المملكة العربية السعودية".
علاقة شخصية استثنائية مع ولي العهد
وتحدّث مودي عن "علاقة شخصية دافئة ومبنية على الاحترام والثقة" مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مؤكداً أنّ رؤيته للمملكة "أذهلت العالم"، وأن هذه العلاقة انعكست على مستوى التنسيق السياسي والدبلوماسي بين البلدين.
وقال: "نحن لا نتحدث فقط عن المصالح الآنية، بل نُخطّط لمستقبل الشراكة الهندية-السعودية لعقود مقبلة". وأضاف:" كان الأمير محمد بن سلمان يترك لدي انطباعاً عميقاً في كلّ مرّة كنت أقابله فيها، ودائماً ما كنت أنبهر برؤيته الثاقبة، وتفكيره الاستشرافي وشغفه بتحقيق تطلعات شعبه".
وتابع:" لقد شهدت السعودية تحولاً نوعيّاً على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي في عهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أخذ على عاتقه القيام بإصلاحات تخطّت توقعات المنطقة لتسحر العالم بأسره"، مشيراً إلى التغيرات التحويلية التي طبّقها ولي العهد في السعودية وفقاً لأهداف رؤية 2030 وبفترة وجيزة.
وأكد على شعوره بالامتنان لهذه العلاقة من الثقة والدفء الشخصي بين الدولتين، مؤكداً على العلاقة الشخصية بين قادة الدولتين.
وأشار إلى أن الأمير محمد بن سلمان، عزز العلاقات الثنائيّة، عبر تقديم دعم كبير للجالية الهنديّة في السعودية،لافتاً إلى أن الشعب الهندي المقيم في المملكة مُعجب به للغاية.
وقال إننا "نركز في مُشاوراتنا على جعل هذا الشراكة جاهزة لما يحمله المستقبل"، مبيناً أن "هناك علاقة خاصة تربط ما بين جدّة والهند، فقد كانت جدّة الشريان الأساسي للتبادل التجاري والتبادلات بين الشعبين".
اقتصاد يتكامل..واستثمارات تتسارع
ونوّه رئيس الوزراء الهندي بأن المملكة تُعدّ خامس أكبر شريك تجاري للهند، مؤكداً وجود "تكامل طبيعي" بين الاقتصادين.
وأشار إلى ازدهار التبادل التجاري في قطاعات الطاقة والزراعة والأسمدة، متوقعاً نمواً إضافياً بفضل الاتفاق المرتقب حول معاهدة الاستثمار الثنائي، إضافة إلى اتفاقية التجارة الحرة بين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي.
كما دعا مودي الشركات السعودية إلى اغتنام الفرص الاستثمارية في الهند، لا سيما في مجالات الفضاء والتقنيات النظيفة والبنية التحتية.
وقال: "يعمل كلّ من الشركات الهنديّة وقطاع الصناعة السعودي على تقوية العلاقات بين الدولتين، ممّا ساهم بإضفاء عنصر المرونة على هذه العلاقة من خلال تعزيز الشراكة الاستثمارية فيما بينهما. وفي حين أنّ المملكة تلعب دور الشريك الرائد في مجال الطاقة بالنسبة للهند، تقوم الأخيرة بالحرص على الأمن الغذائي في المملكة".
وأَضاف:" حافظت الشركات الهنديّة على موقعها وأثبتت وجودها في العديد من القطاعات داخل المملكة، وهي تساهم بشكل ملحوظ في تحقيق رؤية
شركات هندية في مشاريع 2030 و"فيفا 2034"
وهنّأ مودي المملكة على فوزها باستضافة معرض إكسبو 2030 وكأس العالم لكرة القدم 2034، معتبراً أن الحدثين "فرصة تاريخية أمام الشركات الهندية لتوسيع أعمالها في المملكة"، لافتاً إلى مشاركة شركات هندية بالفعل في مشاريع ضخمة ضمن رؤية السعودية 2030، خاصة في البنية التحتية والتكنولوجيا".
وأشار إلى أن "هذه الأحداث الضخمة ستعزز الاقتصاد المحلي للملكة، وستوفر أيضاً فرصاً للشركات الهندية التي تتمتع بسمعة عالمية لجودتها وقدرتها التنافسية وكفاءتها".
وقال: "يجب أن تفتخر أي دولة باستضافة حدثين عالميّين بهذا الثقل في غضون 4 سنوات". وأَضاف:" لقد علمت أنّ الشركات الهنديّة شاركت بشكل ملحوظ في قطاع البنية التحتية والتكنولوجيا في السعودية، كما أنّها تأتي بقيمة مضافة على العديد من المشاريع الضخمة والعملاقة والمُطبّقة كجزء من رؤية السعودية 2030".
وتابع: "أدعو جميع الشركات السعودية إلى الاستفادة من الفرص الهائلة المتوفّرة في الهند كجزء من رحلتنا نحو تحقيق رؤية الهند المتقدّمة، وذلك من خلال المشاركة في تحقيق النمو على صعيد قطاع البنية التحتية للجيل القادم، والخدمات اللوجستيّة، والطاقة المتجدّدة، والرعاية الصحيّة، والمرافق والابتكار والشركات الناشئة والاقتصاد الأزرق".
تحوّل أخضر وشراكة في الطاقة المتجددة
وشدد رئيس الوزراء الهندي على أن الطاقة كانت وستبقى "ركيزة رئيسية للعلاقات بين البلدين"، مؤكداً أنّ المرحلة المقبلة ستشهد تعاوناً متقدماً في مشاريع الطاقة النظيفة، ومنها الهيدروجين الأخضر وسلاسل التوريد المستدامة.
وأشار إلى إمكانية ربط شبكات الكهرباء بين البلدين ضمن مبادرة الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، التي أُطلقت خلال قمة العشرين في نيودلهي.
وأضاف:" تسعى الهند لأن تُصبح دولةً متقدمة.. وبالتالي، ستستمرّ حاجتنا لمصادر الطاقة بالنمو وستبقى السعودية شريكاً وثيقاً لنا فيما يتعلّق بأمن الطاقة في بلادنا". وتابع:" نتّفق على أنّ تعاوننا في مجال الطاقة لا يقتصر على البيع والشراء فحسب، إذ إننا شريكان استراتيجيان وندرس إمكانيّة تنفيذ مشاريع مشتركة في مجال مصافي النفط والبتروكيماويات".
واعتبر أن العالم يشهد أيضاً تحولاً تدريجيّاً نحو مصادر طاقة أنظف وأكثر استدامةً، مؤكداً أن الهند تعمل على تحقيق هدفها الطموح في مجال التحوّل الأخضر، إذ إننا واثقون من قدرتنا على تحقيق هدف توليد 500 جيجاوات من مصادر الطاقة المُتجددة بحلول عام 2030.
وأشار مودي إلى أن التعاون مع السعودية يشمل مجالات سلاسل التوريد والاقتصاد الدائري وكفاءة الطاقة والهيدروجين الأخضر.
وذكر مودي أنه يمكن للبلدين أن يعملا من أجل التوصّل إلى حلول مبتكرة تُلبّي احتياجات الطاقة المستقبلية، لا سيما وأنهما شريكان في التحالف الدولي للطاقة الشمسيّة.
تعزيز التعاون الأمني والدفاعي
وفي الشأن الدفاعي، وصف مودي العلاقات العسكرية بين الهند والسعودية بأنها "متينة وتقوم على الثقة"، مستشهداً بالمناورات المشتركة بين القوات البرية والبحرية، مشيراً إلى وجود صناعات دفاعية هندية متطورة تُصدّر بالفعل للمملكة.
وأضاف: "نرحب بالاستثمارات السعودية في الصناعات الدفاعية الهندية، التي باتت مفتوحة أمام الشراكات الخاصة". وتابع:" ننظر إلى السعودية باعتبارها قوّةً إيجابيةً ومُعزّزةً للاستقرار في المنطقة".
واعتبر مودي التعاون بين البلدين "يعكس التنامي في مجالي الدفاع والأمن وثقةً متبادلةً وعميقة، إذ يُشكّل ذلك دليلاً على التزامنا المشترك بالاستقرار الإقليمي وعزمنا المشترك على مواجهة التحديات المتنامية في المناطق المجاورة لنا".
وقال:" لقد شهدنا تقدماً مطّرداً في مجال التعاون الأمني، حيث يشمل ذلك الجوانب المرتبطة بمكافحة الإرهاب والتطرّف وتمويل الإرهاب والتصدي لتهريب المخدرات. ونعمل أيضاً على استكشاف آفاق جديدة للتعاون في مجال الأمن السيبراني، إدراكاً منّا لأهميّته المتزايدة اليوم في عالمنا المُترابط".
وتابع: "يدعم كلا البلدين تعميق التعاون في مجال الصناعات الدفاعية.. فقد نمت الصناعات الدفاعية وغرست جذورها على مدى العقد الماضي.. ويوجد اليوم مجمع صناعي عسكري قوي وقادر على تصنيع ذخائر وأسلحة صغيرة ودبابات وناقلات مدرعة ذات جودة عالية. ونصنع أيضاً طائرات مُسيّرة ومروحيّات خفيفة متطوّرة ومقاتلات تستخدمها القوّات الجويّة، كما نمتلك القدرة على بناء زوارق دوريّات وغوّاصات وحتّى حاملات طائرات تستفيد منها القوّات البحريّة".
دور الجالية وتوطيد الروابط الثقافية
وبشأن الجالية الهندية التي يتجاوز عددها 2.7 مليون في السعودية، عبّر مودي عن "امتنانه العميق للقيادة السعودية لرعايتها"، مؤكداً أنها "تمثل جسراً حيوياً للعلاقات بين البلدين".
كما أشار إلى التفاعل الثقافي المتزايد بين الشعبين، من خلال انتشار رياضة اليوغا والكريكيت والأفلام الهندية في السعودية، وطرح إمكانية إنشاء مؤسسات تعليمية هندية مرموقة في المملكة، على غرار معهد التكنولوجيا الهندي في أبوظبي.
وقال:" لا يُمكننا أن ننسى أبداً اهتمامهما بأعضاء الجالية الهندية خلال الأوقات العصيبة التي شهدناها بسبب جائحة كوفيد ومعاملتهما لهم كأبناء وطنهما".