يُصرّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة سيطرة روسيا على أربع مناطق في أوكرانيا لا تحتلها بشكل كامل، كـ"جزء من أي اتفاق محتمل لإنهاء الحرب"، حسبما نقلت "بلومبرغ" عن ثلاثة مصادر في موسكو مطلعة على المحادثات.
وقال مصدران لـ"بلومبرغ"، إن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، حاول إقناع بوتين بقبول وقف إطلاق النار على طول الخطوط الأمامية الحالية، خلال محادثات في الكرملين، الجمعة، لكن الرئيس الروسي تمسك بموقفه فيما يتعلق بالأراضي.
وكان بوتين أعلن أن المناطق الأربع في شرق وجنوب أوكرانيا، وهي دونيتسك ولوجانسك وزابوريجيا وخيرسون، ستكون "دائماً" جزءاً من روسيا بعد تنظيم استفتاءات في هذه المناطق في الأشهر الأولى من غزو أوكرانيا في 2022.
وأدرجت روسيا هذه المناطق في دستورها، على الرغم من أنها لم تتمكن من السيطرة عليها بشكل كامل، في أكد مصدر لـ"بلومبرغ"، أن "المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود في الوقت الراهن، وتتطلب اتصالاً مباشراً بين بوتين وترمب لإحراز مزيد من التقدم".
وورفض المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جيمس هيويت، التعليق على المداولات الجارية، لكنه أضاف: "نواصل إحراز تقدم مع كل من أوكرانيا وروسيا للوصول إلى حل سلمي لهذا النزاع".
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إن بلاده "تستعد لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن فرض عقوبات جديدة على روسيا، وسنحدد بدقة نقاط الضغط التي ستدفع روسيا نحو الدبلوماسية بأقصى فعالية".
وأضاف زيلينسكي على "إكس": "يجب على روسيا اتخاذ خطوات واضحة لإنهاء الحرب. ونُصر على أن وقف إطلاق النار الكامل وغير المشروط يجب أن يكون الخطوة الأولى. على روسيا أن تتخذ هذه الخطوة".
وأشار ترمب ومسؤولون كبار آخرون في الإدارة الأميركية، إلى أنهم قد ينسحبون من المحادثات إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريباً. ولم تعلن الولايات المتحدة تفاصيل نتائج اجتماع ويتكوف الأخير مع بوتين، وهو الرابع له منذ فبراير الماضي.
وأعرب ترمب عن تفاؤله بأن التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب أصبح "وشيكاً للغاية" فور انتهاء تلك المحادثات. لكنه أصبح أكثر حذراً لاحقاً، قائلاً إن بوتين ربما "لا يريد وقف الحرب"، وإن الولايات المتحدة قد تضطر إلى الرد بمزيد من العقوبات على روسيا.
وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، لبرنامج Meet The Press على قناة NBC NEWS، الأحد: "سيكون هذا الأسبوع مهماً للغاية، حيث يتعين علينا اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان هذا مسعى نرغب في الاستمرار في المشاركة فيه، أو ما إذا كان الوقت قد حان للتركيز على قضايا أخرى".
وأعلنت الولايات المتحدة، استعدادها للاعتراف بسيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم، المطلة على البحر الأسود والتي ضمتها روسيا عام 2014، بموجب اتفاقية سلام مقترحة. كما يروج الاتفاق المحتمل إلى وقف الصراع على طول خطوط القتال الحالية، مما يمنح روسيا سيطرة فعلية على أجزاء من المناطق الأربع الأخرى في أوكرانيا التي تحتلها قواتها.
محادثات جارية وتقييمات متغيرة
ولم تظهر حتى الآن أي مؤشرات ملموسة على موافقة بوتين على التخلي عن مطالبه بشأن المناطق الأوكرانية وقبول المقترحات الأميركية لإنهاء الحرب، وفقاً لمسؤولين أوروبيين مطلعين على المناقشات. وحذر المسؤولون من أن المحادثات جارية وأن التقييمات قد تتغير.
وتشترط موسكو، ضمان سيطرتها الكاملة على 4 أقاليم في أوكرانيا وعدم السماح بانضمام كييف إلى حلف الناتو لاستئناف المفاوضات.
ويعتقد المسؤولون الأوروبيون أنه سيتضح خلال الأسبوعين المقبلين ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على حمل روسيا وأوكرانيا على التوصل إلى اتفاق، أم أنها ستختار التخلي عن المفاوضات أو تكثيف الضغط على موسكو.
وحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نظيره الأميركي ترمب، على اتخاذ موقف أكثر صرامة مع بوتين. وفي مقابلة مع مجلة "باري ماتش"، الاثنين، قال ماكرون إنه يعتقد أنه "أقنع الأميركيين بإمكانية تصعيد التهديدات، وربما فرض عقوبات".
وحذّر مسؤولون غربيون في مارس الماضي، من أن بوتين لن يتنازل عن أهدافه على الأرجح. وترى إدارة ترمب أن الحوافز الاقتصادية، بما في ذلك التعاون في مجال الطاقة وقطاعات أخرى، عناصر أساسية في إقناع بوتين بقبول اتفاق سلام، وفقاً لما ذكرته "بلومبرغ".
وأعلن بوتين، الاثنين، هدنة مؤقتة في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام تبدأ في 8 مايو المقبل، احتفالاً بالذكرى الثمانين لانتصار موسكو على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية "يوم النصر"، في حين دعا زيلينسكي إلى وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط لمدة 30 يوماً على الأقل، قائلًا إنه "لا يوجد سبب للانتظار حتى 8 مايو"، واتهم روسيا بـ"التلاعب".
"خيبة أمل" أميركية
وأعربت الولايات المتحدة، التي سعت إلى وقف إطلاق نار دائم بحلول 30 أبريل، مع احتفال ترمب بأول 100 يوم من ولايته الجديدة، عن خيبة أملها من إعلان بوتين عن الهدنة. وقالت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، الاثنين، إن ترمب "يشعر بإحباط متزايد" من قادة كل من روسيا وأوكرانيا.
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، الثلاثاء، رداً على اقتراح زيلينسكي بهدنة لمدة 30 يوماً، إن روسيا لن توافق على وقف إطلاق نار طويل الأمد في أوكرانيا، لأنه "غير ممكن دون تسوية كافة النقاط"، حسبما نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية.
وتطلب إدارة ترمب من موسكو إعادة محطة زابوريجيا للطاقة النووية الأوكرانية، وهي الأكبر في أوروبا، والتي استولت عليها في بداية الحرب.
واستبعد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ذلك في مقابلة مع برنامج "فيس ذا نيشن" على قناة CBS الأميركية، الأحد، قائلاً: "لا أعتقد أن أي تغيير ممكن".
وتضمنت المقترحات الأميركية التي عُرضت على الحلفاء الأوروبيين في وقت سابق من الشهر الجاري، وضع حد لطموحات أوكرانيا بشأن الانضمام إلى حلف الناتو، ورفع العقوبات المفروضة على روسيا، وحصول كييف على ضمانات أمنية قوية.
ومن المتوقع أن تشمل المطالبات الرامية إلى إبرام اتفاق أيضاً قبول روسيا بحق أوكرانيا في تطوير جيشها وصناعتها الدفاعية، وفقاً لما أوردته "بلومبرغ" سابقاً.