قالت مصادر أميركية وأوروبية، إن أوكرانيا تستعد لتلقي منظومتيْ دفاع جوي من الولايات المتحدة من طراز "باتريوت"، إحداهما من إسرائيل وستخضع للصيانة، فيما سيتم نقل المنظومة الأخرى من ألمانيا أو اليونان، حسبما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز".
ويأتي الكشف عن هذه الشحنة، التي لم يُعلن عنها من قبل ويُتوقع أن تستلمها كييف في الصيف، في وقت تكثف فيه روسيا هجماتها على أوكرانيا، بما في ذلك ضربة صاروخية على كييف نُفذت في 24 أبريل الماضي، وُصفت بأنها "الأكثر دموية" منذ صيف العام الماضي.
ورفض المسؤولون التعليق على موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من قرار نقل المزيد من أنظمة "باتريوت" إلى أوكرانيا، لكن الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جيمس هيويت، قال إن المجلس "لا يقدم تفاصيل بشأن قدرات أو مواقع نشر أنظمة الدفاع".
وأضاف: "الرئيس ترمب كان واضحاً، إنه يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا ووقف القتال".
بدوره، قال مسؤول سابق في البيت الأبيض، إن إدارة الرئيس السابق، جو بايدن، كانت قد توصلت إلى اتفاق مع إسرائيل بشأن نقل منظومة "باتريوت" إلى أوكرانيا في سبتمبر الماضي، قبل فوز ترمب في الانتخابات.
وأكدت وزارة الدفاع الأميركية في بيان، أنها "تواصل تزويد أوكرانيا بالمعدات من الحزم التي تمت الموافقة عليها سابقاً"، في إشارة إلى الأسلحة المأخوذة من المخزونات الحالية أو التي تم شراؤها حديثاً.
10 أنظمة من "باتريوت"
وقبل عام، واجه الحلفاء صعوبة في الاستجابة لمطلب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بتزويد بلاده بـ 7 أنظمة "باتريوت".
أما الآن، تمتلك أوكرانيا 8 أنظمة، تعمل منها 6 فقط، فيما يخضع النظامان الآخران للتحديث، بحسب أحد المسؤولين الأميركيين.
وسترتفع الحصيلة إلى 10 أنظمة مع وصول المنظومة من إسرائيل، وثانية محتملة إما من ألمانيا أو اليونان، وتُستخدم في الغالب لحماية العاصمة كييف.
وتُقدر كلفة بناء منظومة "باتريوت" بنحو مليار دولار، ويتطلب تشغيلها نحو 90 جندياً، وبحسب بيانات جمعها معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية في لندن، يوجد نحو 186 منظومة "باتريوت" تعمل حول العالم، فيما تمتلك الولايات المتحدة نحو ثلث هذه الأنظمة، وقد أرسلت عدداً كبيراً منها إلى أوروبا وآسيا والشرق الأوسط.
وتم نشر عدة أنظمة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، لمواجهة التهديدات التي تمثلها الصين وكوريا الشمالية، بينما تم نقل نظام واحد على الأقل مؤخراً إلى الشرق الأوسط لحماية إسرائيل. ويملك الحلفاء الأوروبيون، نحو 40 نظاماً، من بينها 8 حالياً في أوكرانيا.
أما النظام التاسع، الذي سيتم إرساله من إسرائيل بعد تحديثه، فهو من طراز قديم، ويُتوقع أن يتم تسليمه إلى أوكرانيا بحلول الصيف، في حين تمتلك ألمانيا واليونان معاً نحو 15 نظاماً، بحسب بيانات المعهد الدولي.
وتزامناً مع تصعيد روسيا لهجماتها، خفف ترمب من حدة تصريحاته تجاه أوكرانيا في الآونة الأخيرة، ففي نهاية الأسبوع الماضي، عقد ترمب لقاء ودياً مع زيلينسكي على هامش جنازة البابا فرنسيس في روما، وذلك بعد اجتماع وصف بأنه "كارثي" جمعهما في المكتب البيضاوي فبراير الماضي.
وخفف ترمب من لهجته تجاه زيلينسكي، وبدأ يشكك في جدية روسيا بشأن مفاوضات السلام، لكنه وقع على اتفاق المعادن مع أوكرانيا، الأربعاء، بعد تعطله لفترة، ما يمهد الطريق لمزيد من المساعدات العسكرية الأميركية.
وقال زيلينسكي للصحافيين في كييف، السبت، إن اتفاق المعادن قد يؤدي إلى إرسال الولايات المتحدة مزيداً من أنظمة الدفاع الجوي إلى بلاده.
بدوره، قال ناطق باسم سلاح الجو الأوكراني، العقيد يوري إهنات، الجمعة، إن احتياج أوكرانيا إلى مزيد من أنظمة الدفاع الجوي ليس سراً. وأضاف: "نحن ننتظر بفارغ الصبر وصول الإمدادات".
وبحسب قواعد التصدير الأميركية الخاصة بالمعدات الدفاعية الحساسة، يتعين على الولايات المتحدة الموافقة على أي عملية نقل لأنظمة "باتريوت" إلى أوكرانيا، حتى إذا كانت ستُرسل من دول أخرى.
وتُعد أنظمة "باتريوت" نادرة، وغالباً ما يتم نشرها في بؤر التوتر العالمية، بهدف تحديد الأزمات العالمية التي تستدعي استخدامها بشكل أكبر لحماية القوات والقواعد والحلفاء الأميركيين.
هجمات روسية مكثفة
ومنذ توليه المنصب، تجاهل ترمب علناً مطالب زيلينسكي بالحصول على مزيد من أنظمة "باتريوت"، والتي عرض الرئيس الأوكراني شراءها مؤخراً. ولدى سؤاله عن هذا العرض قبل نحو ثلاثة أسابيع، قال ترمب إن زيلينسكي "دائماً ما يبحث عن شراء صواريخ".
لكن روسيا واصلت هجماتها الكثيفة على المدن الأوكرانية، بما في ذلك هجوم نُفذ بمُسيرة متفجرة استهدف كييف الأحد الماضي، وأسفر عن إصابة 11 شخصاً، منذ أن بدأت واشنطن بالدفع نحو محادثات سلام في فبراير الماضي.
وفي 24 أبريل الماضي، أُطلق صاروخ باليستي روسي على كييف أدى إلى مقتل 13 شخصاً وإصابة نحو 90 آخرين، انتقده ترمب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً: "فلاديمير (بوتين)، كفى".
وفي وقت لاحق، قال ترمب إنه "لا يرى مبرراً يدفع بوتين لإطلاق صواريخ على مناطق مدنية"، مضيفاً: "هذا يجعلني أعتقد أنه لا يريد إنهاء الحرب، بل يماطل".
وفي تلك الليلة، تم استهداف مدن أوكرانية بنحو 70 صاروخاً، بينها صواريخ باليستية، وما يقرب من 150 مُسيرة، كانت كييف الأكثر تضرراً بينها.
وأظهر هذا الهجوم مدى قدرة روسيا على تجاوز دفاعات "باتريوت"، إذ تعتمد على تكتيك إرسال وابل من الطائرات المُسيرة والصواريخ في وقت واحد.
وقال وزير الداخلية الأوكراني، إيهور كليمنكو، إن بلاده "لا تملك ما يكفي من الدفاعات الجوية لاعتراض هذا العدد الكبير من الصواريخ والمُسيرات".
وفي الليلة التالية، جدد زيلينسكي عرضه لشراء أنظمة "باتريوت"، وقال في خطابه: "نحن مستعدون لشراء العدد اللازم من أنظمة باتريوت لبلدنا (...) هذا لا يتعلق بالمساعدات المجانية".
ولا تزال أوكرانيا تتلقى أسلحة تمت الموافقة عليها في عهد بايدن، إلا أن هذه الإمدادات يتوقع أن تنتهي بحلول الصيف المقبل، وفق "نيويورك تايمز".