نتائج زيارة ترمب للسعودية.. تحولات استراتيجية تؤسس لـ"عصر جديد"

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بالرياض. 13 مايو 2025 - Reuters
ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بالرياض. 13 مايو 2025 - Reuters
دبي -مروان ماهر سعد

حملت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى السعودية، "رسائل سلام" وشراكات اقتصادية واستراتيجية، تفضي إلى ترتيبات ثنائية تاريخية في مجالات التجارة والاستثمار والدبلوماسية والدفاع، ما يعود بالنفع الهائل على كلا البلدين.

وشهد اليوم الأول من زيارة ترمب إلى السعودية، تحولات كبيرة في الخطاب السياسي الأميركي تجاه المنطقة، إذ اعتبر ترمب، العلاقات بين واشنطن والرياض، "أقوى من أي وقت مضى"، مضيفاً خلال خطابه أمام منتدى الاستثمار السعودي الأميركي: "سنعمل مع بعضنا البعض وسننجح سوياً"، فيما اعتبر ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أن هذه الشراكة المتنامية تمثل امتداداً للتعاون في مجالات متعددة، العسكرية والأمنية والاقتصادية والتقنية، بما يعزز المنافع المتبادلة.

وبشأن الشرق الأوسط، الذي يعاني من صراعات، قرر ترمب رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا بعد مناقشات مع ولي العهد السعودي، فيما قال بخصوص غزة، إن "شعبها يستحق مستقبلاً أفضل بكثير"، مضيفاً أن واشنطن مستمرة في العمل على إنهاء "الحرب المروعة" بأسرع وقت ممكن.

وأجمع دبلوماسيون سابقون وباحثون أميركيون وسعوديون في تصريحات لـ"الشرق"، على أن "خطاب ترمب سلط الضوء على تحول استراتيجي في السياسة الخارجية الأميركية"، مشيرين إلى أن الزيارة تعزز الشراكة الاستراتيجية القديمة بين واشنطن والرياض، معتبرين أنها تؤسس لـ"عصر جديد" من العلاقات مع واشنطن في قطاعات مختلفة، مشيرين إلى "العلاقات السياسية الاقتصادية هي المظلة الكبرى" لهذا العصر الجديد.

الشراكة الدفاعية

وقعت وزارتا الدفاع السعودية والأميركية، مذكرة نوايا لتحديث وتطوير قدرات القوات المسلحة السعودية من خلال تعزيز القدرات الدفاعية المستقبلية، كما وقع الجانبان على "صفقة مبيعات دفاعية" بقيمة تقارب 142 مليار دولار، ما يوفر للمملكة معدات قتالية متطورة من أكثر من 12 شركة دفاعية أميركية.

وقال ديفيد دي روش، وهو مسؤول سابق بوزارة الدفاع الأميركي "البنتاجون"، ومدير قسم الاتصالات بوزارة الأمن الداخلي سابقاً، لـ"الشرق"، إن هذه الاتفاقيات الدفاعية كانت تمثل مسعى إدارة ترمب منذ الولاية الأولى، معتبراً أن "ترمب يأخذ المخاوف الأمنية السعودية بعين الاعتبار، بعكس إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما".

واعتبر روش، وهو مؤلف كتاب "تجارة السلاح والخدمات العسكرية وسوق الأمن في الخليج": (The Arms Trade, Military Services and the Security Market in the Gulf) أن "الحجة المهمة لترمب هي تأمين تجارة بيع المنتجات الدفاعية والاستثمارات مع السعودية والإمارات وقطر"، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي يسعى لتحقيق المصالح الأميركية ببيع بعض المنتجات الدفاعية والطائرات، وتخطي القيود المفروضة على التقنيات العسكرية الأكثر تطوراً لصالح الحلفاء الخليجيين.

"ترتيبات ثنائية تاريخية"

من جانبه، قال مارك كيميت وهو مساعد وزير الخارجية السابق للشؤون السياسية والعسكرية في إدارة جورج بوش، ونائب وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط سابقاً لـ"الشرق"، إن زيارة ترمب للسعودية "أدت إلى ترتيبات ثنائية تاريخية في مجالات استراتيجية، من قبيل الدفاع والاستثمار والدبلوماسية".

أما دينيس روس، المبعوث الأميركي السابق للسلام في الشرق الأوسط، فقد أكد أن الاتفاق الدفاعي الذي تم توقيعه بين السعودية والولايات المتحدة هو الأكبر من نوعه بين البلدين، مشيراً إلى أن تنفيذه سيستغرق من 10 إلى 15 عاماً لينفذ بالكامل، وأن الاتفاق "يجب أن يُلزم الرياض بأن تُخرج مجالها الدفاعي بالكامل من النظام الدفاعي الصيني"، على حد وصفه، موضحاً أن التدريبات ستكون بالأسلحة الأميركية وهذه ترتيبات لوجستية يجب ألا تطلع عليها دول أخرى.

 

وقال الكاتب والمحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي لـ"الشرق"، إن التعاملات الدفاعية السعودية مع الصين وروسيا لها أهميتها أيضاً، وأن الرياض "لن تفرط في علاقاتها المتطورة مع الصين"، مشيراً إلى أن عقيدة التسليح السعودي تكاد تكون غربية أميركية تحديداً، ولكنها منفتحة أيضاً على السلاح الشرقي خاصة الصين وروسيا، مؤكداً أن الرياض "تريد تنويع مصادر سلاحها، حتى لا تكون رهينة لتغير مزاج سيد الأبيض دونالد ترمب". 

كما يرى روبرت أرليت، وهو محلل سياسي واستراتيجي في الحزب الجمهوري من ولاية ديلاوير، أن ترمب ألقى خطاباً تاريخياً في منتدى الاستثمار الأميركي السعودي بالرياض، إيذاناً ببدء جولته في الشرق الأوسط التي تستمر أربعة أيام. 

وأضاف أرليت في تصريحات لـ"الشرق"، أن الخطاب سلط الضوء على "تحول استراتيجي في السياسة الخارجية الأميركية"، وأكد الشراكات الاقتصادية وأهمية الاستقرار الإقليمي، مقارنةً بالنهج السابق.

ويؤكد خطاب ترمب، على تحول استراتيجي في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، مع إعطاء الأولوية للمشاركة الاقتصادية والشراكات الإقليمية، وفق المحلل الأميركي.

واعتبر المحلل السياسي الجمهوري أرليت، أن "إرث الرئيس ترمب سيكون قائماً على السلام والازدهار، كجزء من جهوده الاستراتيجية لإحلال السلام من خلال الشراكات الاقتصادية".

رفع العقوبات عن سوريا

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا بعد مناقشات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وفي هذا الصدد، اعتبر جيمس جيفري، الدبلوماسي الأميركي والمبعوث الخاص السابق إلى سوريا، في حديث لـ"الشرق"، أن قرار إدارة ترمب رفع العقوبات على سوريا بأنه "صائب تماماً ودبلوماسي".

وشدد على أن القرار سيعزز أهداف "إبعاد الحرس الثوري الإيراني و(حزب الله) و(داعش) عن المنطقة، والأهم من ذلك، أنه سيمنح الشعب السوري الأمل بالسماح بتدفق المساعدات الدولية".

وأشار إلى أنه بجانب العديد من الإجراءات الأخرى التي اتخذتها واشنطن خلال الأسبوعين الماضيين، يسعى ترمب إلى دور مهيمن في النظام العالمي الجديد، معتبراً أنه "ينوي أن يبدو مشابهاً جداً للنظام القديم، مع تضحيات أميركية أقل، وتضحيات أكثر من الشركاء".

People celebrate after U.S. President Donald Trump said on Tuesday he would order the lifting of sanctions on Syria, in Damascus, Syria May 13 , 2025. REUTERS/Yamam Al Shaar
سوريون يحتفلون في دمشق بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب برفع العقوبات عن سوريا. 13 مايو 2025. رويترز

 أما السفير الأميركي السابق في سوريا، روبرت فورد، فقد قال في تصريحات لـ"الشرق"، إن رفع واشنطن للعقوبات بسرعة سيمكن الحكومة السورية والشركات  الخاصة في البلاد من الوصول إلى التمويل من المانحين الدوليين والأسواق.

وتابع: "ستساهم هذه الخطوة في تسريع إعادة إعمار سوريا والتحرك بشكل أسرع"، مطالباً دول العالم بتقديم الدعم لحكومة دمشق لتحقيق الزخم المطلوب.

من جهته، أوضح توماس واريك، كبير المستشارين في المجلس الأطلسي والمستشار السابق بالخارجية الأميركية، في حديث لـ"الشرق"، أنه "عند إعلان ترمب رفع العقوبات عن سوريا، أشاد بولي العهد السعودي، للتأكيد على أن رفع العقوبات في هذا الوقت يصب في مصلحة الولايات المتحدة والشرق الأوسط بأكمله".

واعتبر أن خطاب ترمب "أظهر مدى عمق العلاقة الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة، إذ من المعروف في واشنطن أن العديد من مستشاري ترمب كانوا يحثونه على التباطؤ في رفع العقوبات عن سوريا".

وكشف واريك، أن إدارة ترمب أبلغت الأسبوع الماضي، أن "هذا الاجتماع سيتناول بالأساس الفرص التجارية بين الولايات المتحدة ودول الخليح العربي"، موضحاً أنه لم يتوقع أحد أن يُحرز تقدماً سياسياً مهماً أيضاً، والآن، حدث ذلك"، على حد تعبيره.

وعن الدور السعودي في دعم سوريا، أوضح عضو مجلس الشورى السعودي، فضل البوعينين، في حديث لـ"الشرق"، أن "السعودية لم تتخل عن أشقائها"، لافتاً إلى تواصل الرياض باستمرار مع واشنطن لرفع العقوبات عن دمشق، موضحاً أن هذا مرحلة جديدة في سوريا.

تغير السياسة الخارجية الأميركية

وأشار البوعينين إلى أن "دمشق تحتاج إلى إعادة الإعمار، وهذا لن يحدث إلا برفع العقوبات لضمان وصول إمدادات اقتصادية لسوريا، مؤكداً أن الشركات الأميركية ستستفيد أيضاً من إعادة الإعمار بدخولها إلى السوق السورية.

من جهتها، قالت كبيرة الباحثين بمعهد "نيولاينز" للدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن، كارولين روز، إنه "على الرغم من أن الزيارة تدل على إعطاء ترمب الأولوية للعلاقات الأميركية السعودية، إلا أن هذا لا يختلف كثيراً عن ولايته الأولى". 

وأشارت في حديث لـ"الشرق"، إلى أنه نظراً لتزايد نطاق وحجم الصراع في الشرق الأوسط، إلى جانب الحرب في أوكرانيا، "يسعى الرئيس ترمب للتعاون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والاستفادة من النفوذ الجيوسياسي للسعودية كوسيط ومصدر للتأثير".

واعتبرت روز، أن قرار رفع العقوبات عن سوريا في نهاية المطاف، "يدل على أحد أعظم التغييرات في السياسة الخارجية الأميركية، التي شهدناها في إدارة ترمب، خاصة أن فريقه كان يعارض بشدة تخفيف العقوبات حتى هذا الأسبوع، ما يدل على نفوذ الأمير محمد بن سلمان". 

واعتبرت الباحثة الأميركية أن قرار رفع العقوبات "محاولة لتقليص النفوذ الإيراني والابتعاد عن فلك إيران في بلاد الشام، بقيادة السعودية ونظرائها، ومنح سوريا فرصة للحكم المستقر".

تباين أميركي بشأن إيران

من جانبه، أكد إريك لوب أستاذ العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط بجامعة فلوريدا، أن هناك تضارباً  في التصريحات بين أعضاء إدارة ترمب بشأن الملف النووي الإيراني، مشيراً إلى أن "بعضهم يرى أنه يجب السماح لهم بتخصيب نسب ضئيلة للاستخدام السلمي، فيما يرى آخرون أنه يجب أن تتخلى طهران نهائياً عن أي تخصيب لليورانيوم".

وأشار مؤلف كتاب Iran's Reconstruction Jihad: Rural Development and Regime Consolidation After 1979، في حديث لـ"الشرق"، إلى أن تركيز واشنطن حالياً، ينصب على حل النزاعات في الشرق الأوسط والتصدي لإيران، وحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وهي نفس الفكرة التي دافع عنها ديفيد دي روش، الذي أوضح أن إدارة ترمب تعقد مشاورات مع الحكومة الإسرائيلية بشأن خارطة طريق تضمن أمن إسرائيل للانتقال إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإيجاد حل سياسي يتيح للفلسطينيين إدارة القطاع. 

وأشار دي روش، إلى أن هذا الأمر يمثل شرطاً مسبقاً لدى السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مؤكداً أن ترمب يتفهم ذلك.

ويرى دي روش، أن هناك حالة من عدم اليقين داخل إدارة ترمب، بشأن إمكانية نجاح المفاوضات مع طهران بشأن برنامجها النووي، مؤكداً أنه "سيكون هناك تشدداً بشأن عدول إيران عن مساعيها خاصة بعد التقدم الذي حققته في برنامجها النووي".

أما أندريا ستريكر، الباحثة في الشؤون الإيرانية بمنظمة الدفاع عن الديمقراطيات، أوضحت لـ"الشرق"، أن ترمب أكد مجدداً على ضرورة تخلي إيران عن سعيها لامتلاك أسلحة نووية مقابل تخفيف العقوبات الأميركية، لكنها أشارت في الوقت ذاته أنه في حال فشل المفاوضات، "عليه أن يكون مستعداً لاستخدام القوة العسكرية لمنع طهران من تجاوز العتبة النووية، حتى لو لم يرغب في ذلك".

وأشارت إلى أن هناك تصريحات مُربكة صدرت من الإدارة الأميركية، لكن الإدارة أوضحت بشكل عام، أن إيران لا تستطيع تخصيب اليورانيوم محلياً، قائلة: "أي مستوى من التخصيب يُمهّد الطريق للحصول على وقود للأسلحة النووية.. وهذا المعيار الذي يجب أن تتبناه واشنطن في المنطقة، إذ لا ينبغي أن يتم أي تخصيب لليورانيوم"، حسبما ترى.

أما عضو مجلس الشورى السعودي، فضل البوعنين، فقد اعتبر تصريحات ترمب بشأن إيران، "محاولة لمد جسور السلام"، إذ أن المنطقة، حسبما يرى "لا تتحمل صراعات جديدة"، مشيراً إلى أن "ترمب يريد إنهاء الأزمة دون الدخول في أزمات أخرى".

شراكة اقتصادية استراتيجية

وقّع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع ترمب في الرياض، الثلاثاء، على "وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية" بين حكومتي البلدين، كما شهدت تبادل وإعلان عددٍ من الاتفاقيات ومذكرات التعاون الثنائية في عدة مجالات أبرزها الطاقة والدفاع والذكاء الاصطناعي.

البيت الأبيض قال في بيان، إن ترمب أعلن التزام السعودية باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، ما يعزز الروابط الاقتصادية التي ستستمر لأجيال قادمة، واصفاً الاتفاقيات بأنها "تاريخية وجوهرية"، وتمثل "بداية فترة ذهبية جديدة من الشراكة بين الولايات المتحدة والسعودية".

وفي هذا الصدد، اعتبر صالح السلطان، كبير الاقتصاديين بوزارة المالية السعودية سابقاً في تصريحات لـ"الشرق"، أن الشراكة الاقتصادية التي تم الإعلان عنها تختلف عما كان موجوداً في السابق، موضحاً أنها "تركز على نقل التقنية وتوطين الصناعات والرقائق المتقدمة، بما يعزز إنتاجية الاقتصاد السعودي، ويعكس التزام المملكة برؤية 2030"، مؤكداً أهمية الاستثمار بالغاز والمصافي لتعزيز التنوع وتقليل الاعتماد على النفط.

ويرى السلطان، أن الاستفادة من الشراكات السابقة كانت دون المطلوب ودون الطموحات السعودية.

بدوره قال فضل البوعينين، المحلل المالي والخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى السعودي، لـ"الشرق"، إن هناك ثقة بين الزعيمين، مشيراً إلى أن هذا سينعكس على الشرق الأوسط.

ويعتقد الباحث الاقتصادي السعودي، علي الحازمي، أن الشراكة الاقتصادية السعودية الأميركية، "تدخل عصرها الذهبي" لسببين، الأول هو نوع الشراكات التي رُسمت في هذه الزيارة، قائلاً: "إذا عدنا إلى زيارة ترمب الأولى عام 2017 كانت الشراكات مختلفة، وتركز على الدفاع والطاقة التقليدية"، موضحاً أن المملكة كانت تخطو خطواتها الأولى ضمن رؤيتها 2030 في إعادة التموضع في البنية التنظيمية والهياكل الاقتصادية.

وأكد الحازمي أن "المنظمات الدولية، أصبحت تشيد بالتحولات التي تعيشها المملكة وتنافسية القطاع الخاص وجذب استثمارات خارجية وسهولة قطاع الأعمال".

أما النقطة الأخرى، التي يقف عندها الحازمي، فهي أن السعودية تبحث عن التقنيات والطاقة المتجددة وعن رؤيتها المستقبلية 2060 وهي "صفر انبعاثات كربونية، فضلاً عن تطوير الصناعات الوطنية المعقدة بشكل كبير"، موضحاً أن هذا فتحاً جديداً للتعاملات الاقتصادية المتبادلة.

ولفت الحازمي إلى أن هناك قانوناً في الكونجرس يقيد خروج تقنيات الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي أوضح أن التقنيات فعلاً مقيدة، ولكنها لن تُقيد على الشركاء، وذلك يعبر عن أن المكاسب الاقتصادية في هذه الزيارة أفضل من ذي قبل.

واتفق معه جاري هوفباور، نائب مساعد وزير الخزانة الأميركية للتجارة الدولية وسياسة الاستثمار، ومدير موظفي الضرائب الدولية في وزارة الخزانة سابقاً، إذ أكد أن السعودية "أصبحت الآن الشريك الأول للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، متجاوزةً إسرائيل، طالما استمرت حرب غزة".

وأضاف جاري الذي يعمل كبيراً للباحثين في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، أن المملكة ستوقع وتُنفّذ العديد من الصفقات التجارية مع شركات أميركية، قد يتراوح مستوى الإنفاق فيها في العامين المقبلين بين 300 و400 مليار دولار.

وقال بيتر إيرل، كبير الاقتصاديين في المعهد الأميركي للبحوث، إنه من منظور اقتصاد السوق الحر، تُؤكد زيارة الرئيس ترمب للسعودية على الالتزام بتعزيز التجارة والاستثمار الدوليين.

وأوضح إيرل لـ"الشرق"، أنه من خلال إبرام صفقات كبيرة في مختلف القطاعات، تُعزز الزيارة تحرير الاقتصاد وتقوية الشراكات القائمة على السوق.

وتُعد هذه الشراكات مؤشراً على خطوة استراتيجية نحو تعزيز التكامل الاقتصادي العالمي والقدرة التنافسية.

ومن الناحية الاقتصادية، يرى إيرل أنه "من المرجح أن تُحفز الاتفاقيات النمو والابتكار وخلق فرص العمل في كلا البلدين، مشيراً إلى أن واشنطن ستستفيد من زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصة في الصناعات عالية التقنية، بينما تحصل السعودية على إمكانية الوصول إلى التقنيات والخبرات المتقدمة لدعم جهودها في التنويع الاقتصادي، وتُجسد هذه المنافع المتبادلة الجوانب الإيجابية والنتائج التي يمكن تحقيقها من خلال التعاون في السوق الحرة".

التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي

بدأت السعودية في تنفيذ شراكات متقدمة بمجال الذكاء الاصطناعي مع شركات أميركية تشمل "إنفيديا" و"هيومين"، لتهيئة بنية تحتية ذكية تدعم القطاعات الحيوية.

وأشاد الرئيس التنفيذي لشركة "إنفيديا" جنسن هوانج بالشراكة مع أول شركة سعودية للذكاء الاصطناعي "هيوماين"، واعتبر أن الذكاء الاصطناعي هو أكثر التقنيات التحويلية تأثيراً في العصر الحديث، بقُدرته على إحداث ثورة في قطاعات مختلفة.

وأضاف أن السعودية تملك ميزة استراتيجية في هذا المجال كون الذكاء الاصطناعي يتطلب طاقة هائلة.

ماهر البحيصي وهو مستشار المعلوماتية ومدرب معتمد في برنامج "سدايا" لتمكين القطاع الصحي في البيانات والذكاء الاصطناعي، أشار إلى أن هذه الشراكات تسهم في تسريع الاعتماد على التقنيات، وتشمل مشروعاً لربط المناطق النائية بخدمة "ستارلينك" وتطبيقات المركبات ذاتية القيادة.

وتستعد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للإعلان عن صفقة ستسمح للسعودية بالوصول إلى أشباه الموصلات المتقدمة، ما يمهد الطريق لزيادة سعة مراكز البيانات، وفق ما نقلته "بلومبرغ" عن مصادر مطلعة.

وعن أهمية هذا الإعلان، أوضح البحيصي، أن أشباه المواصلات المتقدمة غير متاحة للجميع، والآن ستفتح باباً واسعاً للاستخدام في السعودية والاستفادة من هذه التقنيات العالية، متوقعاً أن التقدم سيكون أسرع في مجال الذكاء الاصطناعي في السعودية في ظل وجود شركة "هيوماين".

وقال جاري هوفباور المسؤول السابق بوزارة الخزانة الأميركية، إن الولايات المتحدة ستسهل تقديم المساعدة التقنية للمملكة لبناء قدراتها الخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي.

واتفقت معه جودي ويتسباي، الرئيسة التنفيذية لشركة Global Cyber Risk المتخصصة في المخاطر الإلكترونية العالمية بواشنطن، التي قالت إن هذه الصفقة تُظهر تفضيلاً للمملكة السعودية على دول أخرى في الشرق الأوسط.

وأوضحت في تصريحات لـ"الشرق"، أن حصول السعودية على رقاقات متطورة قد يُسهم في دفعها نحو أن تصبح مركزاً للذكاء الاصطناعي، ولكن سيتعين عليها امتلاك رأس المال الفكري وبناء علاقات مع الشركات التي تمتلك قواعد بيانات نماذج اللغات الكبيرة وتقنيات الذكاء الاصطناعي وخبراءها، من مهندسي الذكاء الاصطناعي، وعلماء رياضيات، وباحثون تقنيون.

تصنيفات

قصص قد تهمك