وسط ضعف القدرات الدفاعية.. أوكرانيا تتأهب لهجوم روسي واسع خلال الصيف

دبي -الشرق

توقع مسؤولون عسكريون أوكرانيون ومحللون، أن تشن روسيا هجوماً واسع النطاق هذا الصيف على إقليم دونيتسك شرقي أوكرانيا، وهو الإقليم الذي تسعى موسكو للسيطرة عليه منذ بداية الحرب، حسبما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الأربعاء. 

وتزامنت التحذيرات من الهجوم المرتقب، والذي يقول بعض المحللين إنه بدأ بالفعل، مع تعثر مسار السلام الذي تتوسط فيه الولايات المتحدة، إذ اقتصر حتى الآن على اجتماعات غير حاسمة ولم يفضِ إلى نتائج ملموسة. في المقابل، رفضت روسيا مراراً دعوات أميركية وأوروبية إلى وقف فوري لإطلاق النار، بينما تحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن حشد روسي لـ50 ألف جندي قرب منطقة سومي شمالي أوكرانيا.

وقال محللون أميركيون إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يبدو واثقاً من قدرته على حسم الحرب عسكرياً، رغم أن العقوبات الغربية والخسائر البشرية الفادحة بدأت تُضعف آلة الحرب الروسية تدريجياً. ويرون أن أشهر الصيف الحالية ربما تكون فرصته الأخيرة لشن هجوم واسع النطاق. 

وتمثل السيطرة الكاملة على دونيتسك، أولوية لروسيا منذ بداية الحرب في عام 2022. وفي سبتمبر من العام نفسه، أعلن بوتين ضم دونيتسك وثلاثة أقاليم أوكرانية أخرى إلى الاتحاد الروسي، رغم أن أياً منها لم يكن تحت سيطرة قواته بالكامل حينها. 

مكاسب ميدانية

وتأتي التحليلات التي تشير إلى سعي روسيا لكسب المزيد من الأراضي في وقت تؤكد فيه موسكو اهتمامها بمناقشة السلام، لكنها تشدد على أن وقف الأعمال القتالية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال معالجة "الأسباب الجذرية" للنزاع. 

وعقب المحادثات المباشرة التي جرت بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول في 16 مايو الجاري، اتفق الطرفان على صياغة مذكرة تتضمن مبادئ كل منهما لأي اتفاق محتمل. وفي الأثناء، شنت روسيا خلال نهاية الأسبوع واحدة من أكبر موجات القصف الجوي على أوكرانيا منذ بداية الحرب. 

وإلى جانب الهجوم الرئيسي على دونيتسك، التي تسيطر روسيا على نحو 70% منها، يخطط الكرملين لتنفيذ هجمات أصغر على طول الحدود الشمالية الشرقية لأوكرانيا في منطقتي سومي وخاركيف، بهدف زيادة الضغط على القوات الأوكرانية المنتشرة بكثافة على خطوط المواجهة، وفقاً لمحللين. 

وقال ميكولا بيلييسكوف، الباحث في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية في أوكرانيا، إن خطة روسيا تقوم على "محاولة تثبيت القوات الأوكرانية على طول خط الجبهة، بما في ذلك في منطقتي سومي وخاركيف، لكنها ستركز بشكل أساسي على بوكروفسك وكوستيانتينيفكا"، في إشارة إلى المدينتين الواقعتين في دونيتسك، واللتين تحاول روسيا السيطرة عليهما منذ قرابة عام. 

وأضاف أن مدينة كوستيانتينيفكا، ليست على وشك السقوط حالياً، لكنها تُعد هدفاً "واعداً" بالنسبة للروس في الوقت الراهن، نظراً لقدرتهم على مهاجمتها من ثلاث جهات مختلفة. 

الدفاعات الأوكرانية

كان محللون قد توقعوا في صيف العام الماضي أن تسقط المدينتان بحلول ديسمبر الماضي، إلا أن تعثر روسيا في السيطرة عليهما يعكس حجم الجهود الهائلة التي تبذلها أوكرانيا في الدفاع عنهما. ومع ذلك، لا تزال كييف تواجه صعوبات في التجنيد وتوفير القوة النارية، ما يعني أن الأشهر المقبلة ستكون تحدياً جديداً لها. 

وفي المقابل، تجاوزت روسيا أهدافها في عمليات التجنيد العسكري، لكنها لا تزال تفتقر إلى الأعداد اللازمة لتنفيذ عدة هجمات ناجحة في آنٍ واحد، وفقاً لما قاله محللون ومسؤولون عسكريون أوكرانيون لـ"واشنطن بوست". 

وقال بيلييسكوف: "أتوقع أن يركزوا على منطقة دونيتسك، وكل ما عدا ذلك سيكون مجرد تشتيت للموارد والانتباه الأوكراني"، مضيفاً أن إعطاء الأولوية لمنطقتي سومي أو خاركيف لن يمنح الروس مساحة الأراضي التي يسعون إلى السيطرة عليها. 

احتاجت روسيا إلى 80 ألف جندي للسيطرة على مدينة أفدييفكا الصغيرة في دونيتسك في فبراير 2024، بعد حصار مرهق. وفي الوقت الراهن، ينتشر نحو 125 ألف جندي روسي على حدود منطقتي سومي وخاركيف، وهو عدد لا يكفي للسيطرة على عاصمتين إقليميتين، بحسب أرقام أوردتها الاستخبارات العسكرية الأوكرانية. 

ورجح أندريي تشيرنياك، ممثل الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، أن تُستخدم هذه القوات لاحتلال أجزاء صغيرة من الأراضي الأوكرانية على طول الحدود. 

"مناطق عازلة"

وكانت روسيا قد أعلنت بالفعل أنها تسعى إلى إنشاء "مناطق عازلة" على طول الحدود لمنع أي توغلات أوكرانية جديدة في منطقتي كورسك أو بيلجورود الروسيتين. 

مع ذلك، قال تشيرنياك إن القوات الروسية ستستغل هذه الجيوب الجديدة داخل الأراضي الأوكرانية للضغط على العاصمتين الإقليميتين، وخصوصاً مدينة سومي. وقد استولت القوات الروسية بالفعل على أربع قرى حدودية، وفق ما كتبه حاكم سومي، أوليه هريهورو، على فيسبوك، الثلاثاء. 

وتفتقر أوكرانيا حالياً إلى الأعداد الكافية من الجنود والعتاد لتنفيذ هجوم، لذلك ستستمر في تبني الاستراتيجية الدفاعية التي اعتمدتها منذ عام 2024، من خلال التمسك بخطوط المواجهة وجعل استيلاء قوات موسكو على أي أرض مكلفاً قدر الإمكان. 

ويُعد استمرار تدفق الأسلحة الأجنبية عنصراً أساسياً في تلك الاستراتيجية، وهو أمر غير مضمون من جانب الولايات المتحدة. أما أوروبا، فقد سعت في الآونة الأخيرة إلى تعزيز مساهماتها في هذا الجانب. 

تصنيفات

قصص قد تهمك