قال خبراء أميركيون إن أوروبا بحاجة إلى نظام "القبة الذهبية" الصاروخي، الذي يروج له الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مشيرين إلى هشاشة القارة في الدفاع عن نفسها ضد هجمات من دول مثل روسيا والصين وإيران، بحسب ما أفاد به موقع euronews.
وتقوم فكرة "القبة الذهبية" على مبدأ بسيط ومعقد في آن واحد: رصد واعتراض الصواريخ الباليستية التي تُطلق على أهداف في أي مكان في الولايات المتحدة قبل أن تصل إلى الأرض.
لكن الخبراء العسكريين في الولايات المتحدة يعتقدون أن هناك مستوى تهديد من الجيل التالي قادم من دول مارقة مثل إيران وكوريا الشمالية، بالإضافة إلى قوى عظمى مثل الصين وروسيا، ما يُبرر إعادة توجيه استراتيجية الدفاع الصاروخي الغربية، ليس فقط في الولايات المتحدة، لكن أيضاً في أوروبا.
ولم تتفاعل الدول الأوروبية إلا مؤخراً مع مبادرة الدرع الجوي الأوروبي (ESSI)، التي اقترحها في البداية المستشار الألماني السابق أولاف شولتز في عام 2022، وهي مشروع لبناء نظام دفاع جوي أوروبي متكامل أرضي يتضمن قدرة مضادة للصواريخ الباليستية، إذ تشارك حتى اليوم 24 دولة أوروبية في المبادرة.
لكن مبادرة ESSI تتضاءل مقارنةً بمشروع "القبة الذهبية" الذي يريد الرئيس الأميركي تشغيله قبل انتهاء ولايته، والذي يعتبره خبراء بمثابة "طموح"، حيث يقدر ترمب الكلفة الإجمالية للمشروع بـ 175 مليار دولار، منها 25 مليار دولار مخصصة في اقتراح الميزانية الحالي، ومع ذلك، قدر مكتب الميزانية في الكونجرس كلفة المكونات الفضائية وحدها بما يتراوح بين 166 مليار دولار وأكثر من 540 مليار دولار.
تعزيز دفاعات أوروبا
وقالت باتريسيا بازيلتشيك من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية لـ"يورونيوز": "تستثمر قوى عظمى مثل الصين وروسيا في قدرات الضربات بعيدة المدى..وهذا تهديد معقد يجب أن نكون قادرين على الدفاع ضده".
وأضافت بازيلتشيك، الباحثة في مشروع الدفاع الصاروخي التابع لمركز الأبحاث في واشنطن: "لهذا السبب، من المهم لأوروبا تعزيز نظام دفاعها الصاروخي".
بدوره، قال ويليام فورستشن، الباحث في التكنولوجيا العسكرية في كلية "مونتريت" بولاية كارولاينا الشمالية: "الأمر بديهي بالنسبة لي. نحن بحاجة إلى نظام دفاع استراتيجي جديد.. نحن بحاجة إليه، وأوروبا بحاجة إليه".
وأضاف فورستشن، وهو مؤلف كتاب "ثانية واحدة بعد"، وهو دراسة عن قدرة الأسلحة الصاروخية على تدمير الولايات المتحدة القارية بأكملها: "أنا قلق للغاية بشأن أوروبا أيضاً.. صاروخ كهرومغناطيسي إيراني قد يدمر شبكة الكهرباء في غرب أوروبا بأكملها".
وقال فورستشن إن "هجوماً بالنبضات الكهرومغناطيسية سيُطلق سلسلة من الأحداث المميتة.. وأول ما سيفقده الناس هو الماء، يليه نقص الغذاء والدواء، ثم ستنتشر الأمراض"، موضحاً أن البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل يعتمد على التواجد في المكان المناسب في الوقت المناسب مع توفر الغذاء المناسب.
وعند انفجار الصواريخ الكهرومغناطيسي، تُنتج نبضة طاقة تُنشئ مجالاً كهرومغناطيسياً قوياً قادراً على تعطيل مجموعة واسعة من المعدات الإلكترونية، خاصة أجهزة الكمبيوتر والأقمار الاصطناعية وأجهزة الراديو وأجهزة استقبال الرادار وحتى إشارات المرور المدنية.
من جانبه، يرى توماس ناجي، الخبير في الدفاع النووي والفضائي والصاروخي في مركز أبحاث GLOBSEC، أن مشروع "القبة الذهبية"، الذي لا يزال في مراحله الأولى، يواجه مجموعة من التحديات الكبيرة: اختناقات في الإنتاج، ونقص في المكونات، ومعارك واشنطن المعتادة على النفوذ داخل مجتمع الدفاع.
وأوضح أن التحدي يختلف في أوروبا، ففي حال نشوب صراع واسع النطاق مع روسيا، ستكون التهديدات الصاروخية بنفس القدر من الأهمية، إن لم تكن أكثر، نظراً لمحدودية قدرة موسكو على نشر قوات برية في عمق أراضي حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ويتشارك بن هودجز، قائد الجيش الأميركي في أوروبا بين عاميْ 2014 و2018، هذا القلق، إذ قال: "التهديدات الروسية قائمة بالفعل، فكّروا في أعمالهم التخريبية في بحر البلطيق.. في غضون 3 إلى 4 سنوات، ستكون خطوتهم التالية هي شن غارات جوية على بريمرهافن (ألمانيا)، أنتويرب (بلجيكا)، أو هامبورج لمعرفة كيفية رد الناتو". وأضاف: "بالتأكيد، هناك حاجة للدفاع الصاروخي".
ومع ذلك، لطالما كان الدفاع الصاروخي مهملاً في سياسات الدفاع الأوروبية، فمعظم الدول تفتقر إلى صواريخ اعتراضية كافية لإحباط الهجمات الجماعية، وقد تبرع العديد منها ببطاريات ثمينة لأوكرانيا.